وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُبَالَغَةِ الثَّانِيَةِ لِمَنْطُوقِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ إنْ خَافَ زِنًا، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةً وَعُدِمَ إلَخْ لَكَانَ أَبْيَنَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا الْحُرُّ بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إسْلَامُهَا وَسَكَتَ عَنْهُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي نِكَاحِ الْكَافِرَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ لَمْ يَنْفَسِخْ.
(وَ) جَازَ (لِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ) لِسَيِّدَتِهِ فِيهِ (وَمَكَاتِب) بِلَا شَرّك (وَغْدَيْنِ) أَيْ قَبِيحِي الْمُنَظِّر (نَظَّرَ شَعْر السَّيِّدَة) الْمَالِكَةِ لَهُمَا وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا الْمَحْرَمُ مِنْهَا وَخُصَّ الشَّعْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَلَهُ الْخَلْوَةُ مَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ بِلَا شِرْكٍ مَنْعُ مَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ، وَلَوْ الزَّوْجَ (كَخَصِيٍّ وَغْدٍ) وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ فَقَطْ وَأَوْلَى الْمَجْبُوبُ مَمْلُوكٌ (لِزَوْجٍ) وَأَوْلَى لَهَا يَرَى شَعْرَ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ خَصِيٍّ لِغَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ خَصِيٍّ حُرٍّ فَلَا يَجُوزُ (وَرُوِيَ) عَنْ مَالِكٍ (جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا) بَلْ لِأَجْنَبِيٍّ.
(وَ) لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا بِحُرَّةٍ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهَا (خُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ) الزَّوْجِ (الْحُرِّ) لَا الْعَبْدِ (فِي نَفْسِهَا) بَيْنَ أَنْ تُقِيمَ مَعَ الْأَمَةِ أَوْ تُفَارِقَ (بِطَلْقَةٍ) وَاحِدَةٍ (بَائِنَةٍ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، إذْ هُوَ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ فَإِنْ أُوقِعَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْ إلَّا وَاحِدَةٌ (كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) عَكْسُ مَا قَبْلَهُ (أَوْ) تَزْوِيجِ أَمَةٍ (ثَانِيَةٍ) عَلَى الَّتِي رَضِيَتْ بِهَا الْحُرَّةُ (أَوْ عَلِمَهَا) أَيْ الْحُرَّةَ (بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِطَلْقَةٍ.
(وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ) أَيْ لَا تُفْرَدُ بِبَيْتٍ مَعَ زَوْجِهَا جَبْرًا عَنْ سَيِّدِهَا بَلْ تَبْقَى بِبَيْتِ سَيِّدِهَا وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهَا مَعَ زَوْجِهَا يُبْطِلُ حَقَّ سَيِّدِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ غَالِبِهَا وَحَقُّهُ فِيهَا ثَابِتٌ (بِلَا شَرْطٍ) مِنْ الزَّوْجِ (أَوْ عُرْفٍ) فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهَا تُبَوَّأُ أَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَإِفْرَادُهَا قَهْرًا عَنْهُ (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ) وَالْبَيْعُ لِمَنْ يُسَافِرُ (بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ) ، وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ وَيُقْضَى لِلزَّوْجِ بِالسَّفَرِ مَعَهَا إنْ شَاءَ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا أَنَّ الْمُبَوَّأَةَ لَيْسَ لَهَا السَّفَرُ بِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.
(وَ) لِسَيِّدِ الْأَمَةِ إذَا قَرَّرَ صَدَاقَهَا (أَنْ يَضَعَ) عَنْ الزَّوْجِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَمْ يَجِدْ مَهْرًا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ يَنْحُلُ الْمَعْنَى فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ الْغَيْرُ الْمُغَالِيَةِ كِتَابِيَّةً، وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَكْفِيهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَكْفِيهِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى رَاجِعَةٌ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي وَالْمُبَالَغَةُ الثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ لِمَنْطُوقِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَعْطِفُ مُبَالَغَةً عَلَى مُبَالَغَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ لَوْ.
(قَوْلُهُ: بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَا وَوَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ بِدُونِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ لَا يَخَافُ الزِّنَا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ أَوْ خَافَ الزِّنَا وَوَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ الْغَيْرَ الْمُغَالِيَةِ.
(قَوْلُهُ: فُسِخَ بِطَلَاقٍ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ عَلَى الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ حَتَّى قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي ح وَكَأَنَّهُ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ أَوْ عَلَى النَّسْخِ يُحَرَّرُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ، وَكَذَا إذَا طَلَّقَ الْأَمَةَ وَوَجَدَ مَهْرَ الْحُرَّةِ فَلَهُ رَجْعَةُ الْأَمَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ شُرُوطٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ وَقِيلَ إنَّهَا شُرُوطٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَعَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشُرُوطِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْخَلْوَةُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي رُؤْيَةِ شَعْرِهَا، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا وَنَظَرُ بَقِيَّةِ الْأَطْرَافِ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا الْمَنْعُ كَمَا قَالَ عج
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ نَظَرِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ الْوَغْدَيْنِ لِشَعْرِ السَّيِّدَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ بَابَ الطَّمَعِ مَسْدُودٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْنَعُ مِنْ رُؤْيَةِ شَعْرِ سَيِّدَتِهِ لِعُمُومِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَمْ يَبْقَ كَالزَّمَانِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] وَقَوْلُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْنَعُ رُؤْيَتَهُ لِشَعْرِ سَيِّدَتِهِ وَجِيهٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازَ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا السَّنْهُورِيَّ جَعَلَ النَّظَرَ لِبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا وَالْخَلْوَةَ بِهَا مِثْلَ الشَّعْرِ فِي الْجَوَازِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عج بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي رُؤْيَةِ الشَّعْرِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَأَمَّا رُؤْيَةُ بَقِيَّةِ الْأَطْرَافِ وَالْخَلْوَةُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ عج مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَى رُؤْيَةِ الشَّعْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ فَقَطْ) أَيْ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَمَّا ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّالِمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رُؤْيَةُ شَعْرِهَا إلَّا إذَا كَانَ مِلْكًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَغْدٌ
(قَوْلُهُ: وَخُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ الْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَمَةِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ أَوْقَعُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ فَهُوَ بَائِنٌ إلَّا فِي الْإِيلَاءِ وَعُسْرِ النَّفَقَةِ.
(قَوْلُهُ: كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِ الْحُرَّةِ فِي نَفْسِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنْ سَبَقَتْ الْأَمَةُ خُيِّرَتْ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ خُيِّرَتْ فِي الْأَمَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ الْحُرَّةُ أَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ بِأَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَتَزَوَّجَتْهُ رَاضِيَةً بِمَا عَلِمَتْ فَلَمَّا دَخَلَتْ