للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ صَدَاقِهَا) ، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا) الْمُحِيطُ بِالصَّدَاقِ بِأَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهَا فِي تَدَايُنِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْوَضْعُ الثَّانِي أَنْ لَا يَنْقُصَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَضْعِ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) لِحَقِّ اللَّهِ وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ عَامٌّ وَالثَّانِي خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ وَضْعُ الْجَمِيعِ (وَ) لِلسَّيِّدِ (مَنْعُهَا) مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) مِنْ الزَّوْجِ كَمَا لِلْحُرَّةِ مَنْعُ نَفْسِهَا لِذَلِكَ (وَ) لَهُ (أَخْذُهُ) لِنَفْسِهِ أَيْ أَخْذُ جَمِيعِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَتَلَهَا) سَيِّدُهَا، إذْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهَا لِذَلِكَ (أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ) يَشُقُّ عَلَى الزَّوْجِ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (لِظَالِمٍ يَعْجِزُ مَعَهُ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا) فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ وَيَرُدُّهُ السَّيِّدُ إنْ قَبَضَهُ وَمَتَى قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا دَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَهْرِ أَمَتِهِ وَمَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِسْقَاطُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ حَبْسَ صَدَاقِهَا وَتَرْكَهَا بِلَا جِهَازٍ ذُكِرَ مَا يُنَافِيهِ بِقَوْلِهِ (وَفِيهَا) أَيْضًا (يَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدَ (تَجْهِيزُهَا بِهِ) أَيْ بِمَهْرِهَا (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) وِفَاقٌ وَ (الْأَوَّلُ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَخْذَ صَدَاقِهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَمَةٍ (لَمْ تُبَوَّأْ) وَالثَّانِي عَلَى مَنْ بُوِّئَتْ مَنْزِلًا مُنْفَرِدًا عَنْ سَيِّدِهَا فَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا (أَوْ) الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى أَمَةٍ (جَهَّزَهَا) سَيِّدُهَا (مِنْ عِنْدِهِ) فَجَازَ لَهُ أَخْذُ صَدَاقِهَا وَالثَّانِي لَمْ يُجَهِّزْهَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَزِمَهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ (تَأْوِيلَانِ) بِالتَّثْنِيَةِ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَوَاحِدٌ بِالْوِفَاقِ وَلَهُ وَجْهَانِ وَفِي نُسْخَةٍ تَأْوِيلَاتٌ بِالْجَمْعِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا) لِغَيْرِ زَوْجِهَا.

(قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَقَبْلَ قَبْضِهِ صَدَاقَهَا (مَنْعُ تَسْلِيمِهَا) لِزَوْجٍ حَتَّى يَدْفَعَ صَدَاقَهَا مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ (لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ) بِبَيْعِهِ لَهَا، وَأَمَّا عَدَمُ مَنْعِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي فَلِعَدَمِ حَقِّهِ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَلِذَا لَوْ اسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَجَدَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلِمَتْ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا

(قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا) مِنْ اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَضْعُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ دَيْنُهَا الْمُحِيطُ بِصَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ دَيْنُهَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَدَايَنَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْقَاطُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَجِبُ وَفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ كَالْمَهْرِ، وَأَمَّا إذَا تَدَايَنَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْوَضْعَ.

(قَوْلُهُ: مَنْعُ نَفْسِهَا لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْمُضِرُّ فِي حَقِّ اللَّهِ إسْقَاطُهُ لِلزَّوْجِ لَا أَخْذُ السَّيِّدِ لَهُ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ وَمُقَابِلُهُ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَيَتْرُكُهُ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَهَا سَيِّدُهَا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَخْذِ السَّيِّدِ صَدَاقَهَا فَإِذَا زَوَّجَ أَمَته، ثُمَّ قَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ بِالْقَتْلِ.

(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ثَمَنَهَا أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا لِمَنْ سَافَرَ بِهَا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ نِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: دَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ أَيْ الَّذِي بَاعَهَا لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا وَمَالُ الرَّقِيقِ إذَا بَيْع لِبَائِعِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الزَّوْجَ دَفْعُهُ لِلسَّيِّدِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ

(قَوْلُهُ: وَتَرَكَهَا بِلَا جِهَازٍ) أَيْ كَمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْضًا أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِحَمْلِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا بَاعَهَا فَقَدَّمَ حَقَّهُ وَالْمَحَلُّ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبِعْهَا فَقُدِّمَ حَقُّ الزَّوْجِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِحَمْلِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ وَالْمَحَلُّ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا زَوَّجَهَا بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِعَبْدٍ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ أَمَتَهُ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا مِنْهُ، ثُمَّ ذُكِرَ هُنَا مَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا لِغَيْرِ زَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا وَذَلِكَ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَمْنَعَهَا مِنْ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَائِعِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونَ لَهُ الْمَنْعُ.

(قَوْلُهُ: مَنْعُ تَسْلِيمِهَا) فَاعِلُ سَقَطَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ سُقُوطَ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: لِسُقُوطِ إلَخْ عِلَّةٌ لِسُقُوطِ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ وَتَرَكَ عِلَّتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي لِوُضُوحِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالِهَا وَمَالُهَا لِبَائِعِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَيْ لَيْسَ لِبَائِعِهَا وَلَا لِمُشْتَرِيهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا وَإِذَا سَقَطَ مَنْعُ كُلٍّ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَيَتْبَعُهُ الْبَائِعُ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا كَالْحُرَّةِ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَثْنَى مَالَهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ وَلَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>