بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيَتَنَاوَلُ جَوَابَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَيْ لَمْ يُجِبْ الْبَادِي مِنْهُمَا كَأَنْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَمْ تُجِبْهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلَّقْتنِي أَوْ تَزَوَّجْتنِي فَلَمْ يُجِبْهَا فَلَيْسَ الْقَوْلُ الْخَالِي عَنْ جَوَابٍ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ (أَوْ) أَجَابَ بِقَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فِي قَوْلِهَا تَزَوَّجْتُك أَوْ أَنْتَ زَوْجِي وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِشَيْءٍ بِأَنْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ تَقَدَّمَ مِنْهَا فَلَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ لِصِدْقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُقَالُ إلَّا عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِالظِّهَارِ حَالَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْتَدْعِي زَوْجِيَّتَهَا حِينَئِذٍ (أَوْ أَقَرَّ) الطَّارِئُ كَأَنْ قَالَ أَنْتِ زَوْجَتِي (فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ) أَنْتَ زَوْجِي (فَأَنْكَرَ) لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تَنَازُعِهِمَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ كَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ (و) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) بِأَنْ قَالَ عَشَرَةً وَقَالَتْ عِشْرِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) بِأَنْ قَالَتْ بِعَبْدٍ رُومِيٍّ وَقَالَ بِعَبْدٍ زِنْجِيٍّ أَوْ قَالَتْ بِدَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَقَالَ بَلْ يَزِيدِيَّةٍ (أَوْ جِنْسِهِ) بِأَنْ قَالَتْ بِذَهَبٍ وَقَالَ بِفِضَّةٍ أَوْ بِعَبْدٍ وَقَالَ بِثَوْبٍ أَوْ قَالَتْ بِفَرَسٍ وَقَالَ بِحِمَارٍ إذْ الْجِنْسُ لُغَةً صَادِقٌ بِالنَّوْعِ (حَلَفَا) إنْ كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُمَا كَمَا يَأْتِي وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ (وَفُسِخَ) النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ وَكَذَا إنْ نَكَلَا هَذَا إنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا. أَمَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَلَا فَسْخَ، هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ نَكَلَا أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا عَلَى الْأَرْجَحِ.
فَقَوْلُهُ (وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ) كَالْبَيْعِ (وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ) كَالْبَيْعِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ الرُّجُوعِ وَالِانْفِسَاخِ (كَالْبَيْعِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَا لِلْجِنْسِ لِمَا عَلِمْت يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ لِمُدَّعِي الْأَشْبَهِ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَلَا يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ (اللِّعَانُ) وَيَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَأَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِبُضْعِهَا وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالشَّبَهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْضًا وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْئُولِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ مِنْهُمَا فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَلَا طَلَاقٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي، وَأَمَّا تَنَازُعُهُمَا فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) عَطْفٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَوْ بِعَبْدٍ) أَيْ أَوْ قَالَتْ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ إذْ الْجِنْسُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ التَّمْثِيلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ بِهَذَا الْمِثَالِ مَعَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ الْجِنْسَ لُغَةً وَالْجِنْسُ فِي اللُّغَةِ يَشْمَلُ النَّوْعَ (قَوْلُهُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ، وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ (قَوْلُهُ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ) أَيْ وَيَقَعُ الْفَسْخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ نَكَلَا) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ إنْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ مَنْ أَشْبَهَ وَحْدَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا) مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَسْخِ مُطْلَقًا فِي الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْجِنْسِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي جِنْسِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ نَكَلَا، أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا وَإِنْ تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ رُدَّ الزَّوْجُ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَنْ دَعْوَاهَا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِ مَنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ وَإِنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِيهِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الرُّجُوعِ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ) مِثْلُ تَبْدِئَةِ الزَّوْجَةِ بِالْيَمِينِ وَوُقُوعِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَكَوْنِ نُكُولِهِمَا كَحَلِفِهِمَا وَأَنَّهُ يُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ. (قَوْلُهُ لَا لِلْجِنْسِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ لِلْأَشْبَهِ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ) أَيْ فِي حَالِ التَّنَازُعِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ فُسِخَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالرُّجُوعُ الْأَشْبَهُ كَالْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالشَّبَهِ هُنَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بَلْ بَعْدَهُ كَالْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُنَا يَرْجِعُ لِلشَّبَهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ لَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ لِلشَّبَهِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ) الْمُرَادُ بِهِ الْبِنَاءُ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ التَّنَازُعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute