للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا) وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ وَجِعَةٌ بِالطَّلْقِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا حَنِثَ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَلَوْ عَرَّفَهَا وَتَرَكَ. وَالْإِكْرَاهُ الَّذِي لَا حِنْثَ مَعَهُ يَكُونُ (بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ وَبَيَّنَ الْمُؤْلِمَ بِقَوْلِهِ (مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ) وَإِنْ قَلَّ (أَوْ سِجْنٍ) ظُلْمًا (أَوْ قَيْدٍ) وَلَوْ لَمْ يَطُلْ (أَوْ صَفْعٍ) بِكَفٍّ فِي قَفًا (لِذِي مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَح وَضَمِّهَا (بِمَلَإٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ لَا فِي خَلْوَةٍ وَلَا غَيْرِ ذِي مُرُوءَةٍ أَيْ إنْ قَلَّ فَإِنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا (أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا بِعُقُوبَتِهِ إنْ كَانَ بَارًّا.

(أَوْ) بِأَخْذٍ (لِمَالِهِ) أَوْ بِإِتْلَافِهِ (وَهَلْ إنْ كَثُرَ) بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ وَلَوْ قَلَّ (تَرَدُّدٌ لَا) بِخَوْفِ قَتْلِ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ، وَأَمَّا قَتْلُ الْأَبِ فَقِيلَ إكْرَاهٌ كَالْوَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ لَا كَالْأَخِ (أُمِرَ) نَدْبًا فِي الْأَجْنَبِيِّ (بِالْحَلِفِ) بِالطَّلَاقِ مَا رَأَيْته وَلَا أَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (لِيَسْلَمَ) الْأَجْنَبِيُّ مِنْ قَتْلِ الظَّالِمِ إنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَنِثَ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ (وَكَذَا) (الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ) أَيْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَفَرَغَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ طَائِعًا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتْرَكَ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا الْفِعْلِيِّ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَيُطْلَق وَيُرَادُ مِنْهُ الْبَعِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يَقُولَ جَوْزَتِي طَالِقٌ وَيُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) أَيْ بِخَوْفِ شَيْءٍ مُؤْلِمٍ يَحْصُلُ لَهُ حَالًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ) أَيْ بِحُصُولِ ذَلِكَ الْمُؤْلِمِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ أَيْ تَيَقُّنُ حُصُولِهِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ السِّجْنِ وَالْقَيْدِ وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ مِنْ ذَوِي الْأَقْدَارِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يُعَدُّ إكْرَاهًا إلَّا إذَا هَدَّدَ بِطُولِ الْإِقَامَةِ فِي السِّجْنِ أَوْ الْقَيْدِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا فِي خَلْوَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي حَقِّ ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ الْأَشْرَافِ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا فُعِلَ مَعَهُ ذَلِكَ فِي الْخَلَاءِ.

(قَوْلُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ خَوْفَ الصَّفْعِ الْكَثِيرِ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا كَانَ حُصُولُهُ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ وَخَوْفُ الصَّفْعِ الْقَلِيلِ إنْ كَانَ حُصُولُهُ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَلَإِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لِذِي الْمُرُوءَةِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) عَطْفُ عَلَى مُؤْلِمٍ أَيْ أَوْ خَوْفِ قَتْلِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ أَوْ بِأَخْذٍ لِمَالِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِخَوْفِ أَخْذٍ لِمَالِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُؤْلِمٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي التَّخْوِيفِ بِأَخْذِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ إكْرَاهٌ، وَقِيلَ لَيْسَ إكْرَاهًا، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا. وَالْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، ثُمَّ إنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الثَّالِثَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَذَلِكَ كَابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَمِنْهُمْ كَابْنِ الْحَاجِبِ مَنْ جَعَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُتَقَابِلَةً إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إلَخْ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ لِطَرِيقَةِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ طَرِيقَةِ الْخِلَافِ أَيْ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ مَعْنَاهُ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْأَقْوَالِ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ بَقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً.

(قَوْلُهُ لَا أَجْنَبِيٍّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَإِذَا قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت فُلَانًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك أَوْ عَمَّك فَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّخْوِيفَ بِقَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا شَرْعًا.

(قَوْلُهُ وَأُمِرَ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ ظَالِمٌ لِشَخْصٍ فُلَانٌ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ ائْتِنِي بِهِ أَقْتُلُهُ أَوْ آخُذُ مِنْهُ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِهِ قَتَلْت زَيْدًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بَلْ أَتَى بِمَنْدُوبٍ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ الْحَلِفِ لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّخْلِيصُ إلَى الْحَلِفِ كَاذِبًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ.

{تَنْبِيهٌ} لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورُ الْحَلِفَ وَقُتِلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ الْمَطْلُوبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الْمَأْمُورِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْمَأْمُورُ الظَّالِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ) أَيْ وَيُكَفِّرُ ذَلِكَ الْحَالِفُ عَنْ يَمِينِهِ إذَا كَانَتْ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ غَمُوسًا إلَّا أَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ وَقَدْ مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>