للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمَا فِي هَذِهِ مُسْتَوِيَانِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي قَوْلَهُ (كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ (أَوْ) قَالَ (حَرَامٌ عَلَيَّ) أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ (أَوْ) قَالَ (جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ) وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ (وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت (سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ) فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ طَلَاقًا (حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ نَكَلَ نَوَى فِي عَدَدِهِ) وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَاسْتُشْكِلَ تَنْوِيَتُهُ فِي عَدَدِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَكَأَنَّهُ بِنُكُولِهِ قَالَ أَرَدْته وَكَذَبْت فِي قَوْلِي لَمْ أُرِدْهُ (وَعُوقِبَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً؛ لِأَنَّهُ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَسَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَكَذَا يُعَاقَبُ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ نَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْعَيْشِ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَيْ وَلَا تَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ إنْ فَعَلَ كَذَا تَكُونُ عِيشَتُهُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِهِ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ، فَإِنْ نَوَى بِمَا يَعِيشُ فِيهِ الزَّوْجَةَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) أَيْ لَا مُقَدَّمَةٌ وَلَا مُؤَخَّرَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ، فَإِنْ حَاشَى الزَّوْجَةَ وَأَخْرَجَهَا بِالنِّيَّةِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ مَشْهُورُهَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْأَقَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وُضِعَ لِإِبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّهَا لَا تَبِينُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَتَبِينُ قَبْلَهُ بِوَاحِدَةٍ، وَكَوْنُهَا فِي الْعَدَدِ غَالِبًا فِي الثَّلَاثِ وَنَادِرًا فِي أَقَلَّ مِنْهَا حَمَلَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الثَّلَاثِ وَنَوَى فِي الْأَقَلِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى فِيهَا وَتَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَبَيْنَ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَنْ قَاسَ عَلَيَّ الْحَرَامُ عَلَى عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ أَفَادَهُ عج قَالَ بْن وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَنَوَاحِيهَا فِي الْقَائِلِ عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُعْتَمَدٌ وَحَكَى الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ فِي الْحَرَامِ أَقْوَالًا أُخَرَ غَيْرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ فَقِيلَ إنَّ الْحَرَامَ لَغْوٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ، وَقِيلَ إنَّهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ يُنَوَّى فِيهِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَيُنَوَّى فِي عَدَدِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ فَثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَكَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَتَجْرِي فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَقَصَدَ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ وَكَلَّمَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا لِهَذَا الْفَرْعِ خَاصَّةً جَدّ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا رَاجِعًا لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْوِ إدْخَالَهَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى إدْخَالَهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَمْلِكُهُ مِلْكَ الذَّاتِ وَذَاتُ الزَّوْجَةِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِإِدْخَالِهِ لَهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ لِإِخْرَاجِهَا أَوَّلًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ نُوِّيَ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي قَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (قَوْلُهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا إلَخْ) أَيْ وَالْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْت وَاحِدَةً مَثَلًا. قَالَ بْن وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ لَا عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَلْزَمُ مُوَافَقَتُهُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ وَعُوقِبَ) أَيْ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَهُوَ سَائِبَةٌ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَلَفَ أَيْ وَحَلَفَ وَعُوقِبَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ حَلَفَ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعُوقِبَ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُعَاقَبُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>