للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ) بَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ) أَوْ بَتَّةٌ (جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك) وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَقَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ إنْ تَقَدَّمَ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَهُ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَفِي غَيْرِهَا يُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهَا الْمَذْكُورِ أَمْ لَا (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ) حَقُّهُ اسْقِينِي بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمُؤَنَّثٍ يُبْنَى عَلَى حَذْفِ النُّونِ وَالْيَاءُ فَاعِلٌ وَأَصْلُهُ اسْقِينَنِي (أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) كَادْخُلِي وَكُلِي وَاشْرَبِي (لَزِمَهُ) مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ بِخِلَافِ قَصْدِهِ بِفِعْلٍ كَضَرْبٍ وَقَطْعِ حَبْلٍ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَيَلْزَمُ (لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ (غَلَطًا) بِأَنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ وَهُوَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ نِيَّتِهِ بَلْ أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُهُ (أَوْ) (أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ) عَنْ اللَّفْظِ بِالثَّلَاثِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ فَلَمَّا أَخَذَ فِي التَّلَفُّظِ بَدَا لَهُ عَدَمُ الثَّلَاثِ فَسَكَتَ عَنْهَا (وَسُفِّهَ) زَوْجٌ (قَائِلٌ) لِزَوْجَتِهِ (يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي) أَوْ يَا عَمَّتِي أَوْ يَا خَالَتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّهُ إنَّمَا يُعَاقَبُ فِي مَسْأَلَةٍ وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ إلَخْ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا إذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ حَذْفُ لَفْظِ الْعَدَدِ لِيُطَابِقَ نَصَّهَا وَلِأَنَّ التَّنْوِيَةَ فِي الْعَدَدِ فَرْعٌ عَنْ إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى تَنْوِيَتُهُ فِي الْعَدَدِ.

(قَوْلُهُ أَوَدُّ) أَيْ أَتَمَنَّى وَقَوْلُهُ أَنْ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي أَيْ عَنِّي وَقَوْلُهُ مِنْ صُحْبَتِك أَيْ بِصُحْبَتِك أَيْ بِسَبَبِ زَوَالِ صُحْبَتِك فَمِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا) أَيْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا فِي الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا لَكِنْ فِي بَتَّةٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَلْزَمُهُ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَارَةً تَقَعُ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ إلَخْ وَتَارَةً لَا تَقَعُ جَوَابًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهَا الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ إلَخْ) هَذَا كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ حَصَرُوا أَلْفَاظَ الطَّلَاقِ فِي صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَخَفِيَّةٍ وَجَعَلَ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ غَيْرِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بِقِسْمَيْهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ لَا يَنْبَغِي عَدُّهُ فِي الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَلَّ الْعِصْمَةِ لَيْسَ لَازِمًا لِسَقْيِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ اهـ أَيْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْكِنَايَةِ مَا قَابَلَ الصَّرِيحَ وَهَذَا اصْطِلَاحُهُمْ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) أَيْ وَلَوْ صَوْتًا سَاذَجًا أَوْ مِزْمَارًا وَأَمَّا صَوْتُ الضَّرْبِ بِالْيَدِ مَثَلًا فَمِنْ الْفِعْلِ الْآتِي احْتِيَاجُهُ لِعُرْفٍ أَوْ قَرَائِنَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَقَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ أَيْ غَيْرِ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ إلَّا أَنْتِ حُرَّةٌ اهـ. وَقِيلَ: إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ مَعًا فِي الْقَضَاءِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ بِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَصْدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ وَاحِدَةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْقَضَاءِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا نَوَاهُ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَلَا يَنْوِي مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَسَكَتَ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>