للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ ولَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ عَادِيٍّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمِثْلُ مَا إذَا عَمَّ الزَّمَنُ إذَا قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَانٍ (أَوْ يَحْلِفُ) بِصِيغَةِ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (لِعَادَةٍ) كَمَا إذَا رَأَى سَحَابَةً وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا أَنْ تُمْطِرَ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ فَأَنْت طَالِقٌ (فَيُنْتَظَرُ) هَلْ تُمْطِرُ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ لَا فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الْغَالِبِ ظَنُّهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَحَاصِلُ النَّقْلِ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ أَوْ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَّفَهُ أَوَّلًا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِكِهَانَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ تَخْمِينٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ

(وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ بَعْدَ شَهْرٍ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْأَشْيَاخِ (أَوْ يُنَجَّزُ) بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ (كَالْحِنْثِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ لَا لِعَادَةٍ وَقُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَشَهْرٍ فَدُونَ وَأَمَّا لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ قَطْعًا أَوْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ نُجِّزَ عَلَيْهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً فِي هَذَا الْأَجَلِ وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ السَّنَةَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ إذْ لَا تَخْلُو السَّنَةُ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمُحَرَّمٍ) أَيْ نَفْيِ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ (كَإِنْ لَمْ أَزْنِ) أَوْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ لَكِنْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) مِنْهُ فِعْلُ الْمُحَرَّمِ (قَبْلَ التَّنْجِيزِ) فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ.

(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (لَا يُعْلَمُ حَالًا وَ) لَا (مَآلًا) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ (وَدُيِّنَ) أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ (إنْ أَمْكَنَ) الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ (حَالًا) عَادَةً بِحَيْثُ لَا تُحِيلُهُ الْعَادَةُ (وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَالسَّمَاءُ مُطْبِقَةٌ بِالْغَيْمِ

وَمِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ دُيِّنَ إلَخْ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ هَلْ لَزِمَتْ أَمْ لَا فَيَكُونُ الْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءً عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ لَكِنَّ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ هُنَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ) أَيْ وُجُودُ الْمَطَرِ فِي غَدٍ فَإِنْ أَمْطَرَتْ بَعْدَ كَلَامِهِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ بَعْدَ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ) أَيْ وَهُوَ الْمَطَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ فَلَا يَتَخَلَّفُ وَقَدْ عَلَّقَ ذَلِكَ الْحَالِفُ الطَّلَاقَ عَلَى انْتِفَائِهِ فَلَا يَقَعُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ خِلَافُ النَّقْلِ إلَخْ) الَّذِي فِي بْن أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُنْتَظَرُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَفَهُ أَوْ لَا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا كَالسَّحَابِ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَنْقُولُ غَايَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ خِلَافُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ وَهَلْ يُنْتَظَرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى مُسْتَقِلٍّ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا، فَإِنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ وَأُجِّلَ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ فَقَوْلَانِ (قَوْلُهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) الَّذِي فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ تَمْثِيلُ الْقَرِيبِ بِغَدٍ وَاَلَّذِي فِي نَقْلِ اللَّخْمِيِّ بِشَهْرٍ فَلِذَا مَثَّلَ الشَّارِحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِعَادَةٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِعَادَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي شَهْرِ بَؤُونَةَ أَوْ فِي شَهْرِ بَشَنْسَ: إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ أَوْ إنْ لَمْ آخُذْ مَالَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ) فَإِنْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمُحَرَّمَ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُرَدُّ إلَيْهِ فَعِصْمَةُ الْأَوَّلِ لَمْ تَرْتَفِعْ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ وَطْءِ الثَّانِي وَطْءَ شُبْهَةٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ.

(قَوْلُهُ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ) أَيْ وَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ شَرْعًا كَإِنْ صَلَّيْت فِي شَهْرِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِذَا أَمْطَرَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ قَالَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) أَيْ لِلشَّكِّ وَلُزُومِ الْيَمِينِ لَهُ حِينَ الْحَلِفِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ فَالْبَقَاءُ مَعَ تِلْكَ الْيَمِينِ بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَدُيِّنَ) أَيْ وَيَحْلِفُ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ) أَيْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>