للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَقِيضِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْآخَرُ (كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا) فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) غُرَابًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَحَلَفَ الثَّانِي عَلَى نَقِيضِهِ (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ) أَحَدُهُمَا الصَّادِقُ بِالِاثْنَيْنِ (يَقِينًا) أَيْ جَزْمًا بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ (طَلُقَتْ) امْرَأَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا يَقِينًا طَلُقَتَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْجَزْمَ الصَّادِقَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَيُدَيَّنُ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكْشِفْ الْغَيْبُ خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ فَيَحْنَثُ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ أَعَمُّ مِمَّا لَا شَيْءَ فِيهِ حَالًا وَمَآلًا أَوْ حَالًا لَا مَآلًا فَقَالَ (وَلَا يَحْنَثُ إنْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا فِي صِيغَةِ بِرٍّ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا إنْ قَدِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِي الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ وَمِثَالُ الثَّالِثِ إنْ زَنَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ فِي الْجَمِيعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مَا (لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ) حَيْثُ كَانَ شَأْنُهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ هُوَ الْآدَمِيُّ كَطَالِقٍ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشَأْ أَوْ شَاءَ شَيْئًا لَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَتُهُ فَلَا حِنْثَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنْ شَاءَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ عَادَةً.

(أَوْ) عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ (لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ) أَيْ بُلُوغَهُمَا مَعًا (إلَيْهِ) بِأَنْ لَا يَبْلُغَهُ عُمْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَالْمُعْتَبَرُ الْعُمْرُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْفَقْدِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ) (أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا إلَخْ) أَيْ وَكَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا قُلْتُ لَك كَذَا وَكَحَلِفِهِ أَنَّ فُلَانًا يَعْرِفُ أَنَّ لِي حَقًّا فِي كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي كَذَا، وَكَحَلِفِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَحَلَفَ الْآخَرُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَاطَبٌ بِيَقِينِهِ لَا بِيَقِينِ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَلَفَ اثْنَانِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ عَلَى النَّقِيضَيْنِ مِنْ امْرَأَتَيْهِ بِأَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْأُخْرَى عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ وَتَعَذَّرَ التَّحَقُّقُ طَلُقَتَا وَإِنْ بَانَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ) أَيْ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُنَجَّزُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ) أَيْ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إنْ عَلَّقَهُ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَالْمُمْتَنِعِ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ) أَيْ فَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُحَالٌ عَقْلًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) أَيْ أَوْ إنْ حَمَلْت الْجَبَلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى لَمْسِ السَّمَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ حَمْلِ الْجَبَلِ هُوَ مَمْنُوعٌ عَادَةً (قَوْلُهُ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِهَزْلِهِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ رِوَايَتَيْنِ وَذِكْرُ أَنَّ لُزُومِ الطَّلَاقِ أَصَحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ إنْ زَنَيْت إلَخْ) أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الزِّنَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ) أَيْ إنْ لَمْ أَجْمَعْ بَيْنَ وُجُودِك وَعَدَمِك أَوْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَزْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ، هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي صِيغَةِ بِرٍّ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِصِيغَةِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ نَحْوَ إنْ لَمْ أَزْنِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى وَاجِبٍ لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَشِيئَةِ شَخْصٍ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ فَمَاتَ إلَخْ) فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِيمَ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَتِهِ حَيًّا وَقْتَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ مَاتَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَيِّتًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ وَقْتَهُ فَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ: يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ اللَّهُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مَشِيئَةُ مَنْ ذُكِرَ وَهَذَا يُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِي يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا يُشْبِهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا فِي الْغَالِبِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْخَرَمَتْ الْعَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>