للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ وَأَتَى بِلَفْظٍ مَا ذُكِرَ نَسَقًا وَإِلَّا حَنِثَ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إذَا مِتّ) أَنَا (أَوْ مُتِّي) أَنْت (أَوْ إنْ) مِتّ أَوْ مُتِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ يَوْمَ مَوْتِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَصْدُقُ بِأَوَّلِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَوْتِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِأَنَّ (نَفْيَهُ) أَيْ نَفْيَ الْمَوْتِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مَرَضٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ أَوْ لَا تَمُوتِينَ (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا (إنْ وَلَدْت جَارِيَةً) أَوْ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ مُمْكِنَةَ الْحَمْلِ وَقَالَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ حَذَفَ جَارِيَةً كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ حَمَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ حَمْلِهَا (إلَّا أَنْ يَطَأَهَا) وَيُنْزِلَ وَهِيَ مُمْكِنَةُ الْحَمْلِ (مَرَّةً) وَأَوْلَى أَوْأَكْثَرَ (وَإِنْ) كَانَ الْوَطْءُ (قَبْلَ يَمِينِهِ) وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَعَاشَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى حَيْضِ بَغْلَةٍ وَطَرَقَهَا الدَّمُ وَقَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّسَاءَ مَحَلٌّ لِلْحَيْضِ فِي الْجُمْلَةِ فَاعْتُبِرَ وَأَمَّا مُجَاوَزَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَنَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعُلِمَ إلَخْ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْقَيْدُ فِي الْمَجْنُونِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْقَيْدُ فِي الصَّبِيِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُ اهـ بْن وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَجْنُونِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا فِي قَوْلِهِ لِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ لَا لِعِلْمِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَوْلُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ نَدَمًا مِنْهُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مُتِّي) أَيْ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ مُتِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ يَوْمِ مَوْتِي) أَيْ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَوْلَى قَبْل مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِإِنْ) أَيْ أَوْ بِإِذَا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُمَا مُتِّي اهـ بْن وَعَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ) أَيْ عِنَادًا (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ) أَيْ وَهَذِهِ صِيغَةُ بِرٍّ فِي مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مِتّ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ فِي الْأَوَّلِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاجِبٌ عَادِيٌّ وَفِي الثَّانِي عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ حَالًا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا إنْ حَمَلْت إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا إلَخْ) أَيْ وَيَقُولُ لَهَا مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ يَطَأَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ إنْ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ يَمِينِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَوْلُهُ إنْ قُبِلَ يَمِينُهُ كَذَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ لَهَا: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَيُمْسِكُ إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ النِّكَاح لِأَجَلٍ وَجَوَازِ الْعِتْقِ لَهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْ وَلَدَتْ أَوْ إنْ حَمَلَتْ بِمَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَحُمِلَ قَوْلُهُ سَابِقًا إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي عَلَى مَا إذَا مَسَّهَا فِي طُهْرٍ وَأَنْزَلَ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا: ذَلِكَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ مُسَاوَاةِ مَا هُنَا وَهُوَ إنْ وَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي فَحُكْمُ الْأَرْبَعِ وَاحِدٌ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَخَالَفَهُ عِيَاضٌ فِي صُورَةِ إنْ وَلَدَتْ فَقَطْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِيَاضًا يُوَافِقُ اللَّخْمِيَّ فِي إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي أَوْ إنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْبَرَاءَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكَتَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً، فَإِنْ كَانَتْ بَرَاءَتُهَا مُحَقَّقَةً فَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْجِيزِ لَكِنْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنْتَظَرُ إلَى الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ إذَا وَطِئَ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَمْلِهَا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ وَالْمَشْهُورُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي ح اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْيَمِينُ قَبْلَ الْوَطْءِ يُحْتَمَلُ الْحَمْلُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْمُتَأَخِّرِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ حَاصِلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ اهـ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ عَلَى حَمْلٍ يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا تَقْتَضِيهِ إذَا بَلْ عَلَى حَمْلٍ حَاصِلٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إذَا حَمَلْت إنْ كُنْت حَامِلًا تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>