لَا يُمْنَعُ مِنْهَا.
وَكَانَ هُنَاكَ مَسَائِلُ يُنَجَّزُ فِيهَا الطَّلَاقُ فِي مُطْلَقِهَا وَمُؤَجَّلِهَا عَلَيْهِ أَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ (إلَّا) إذَا قَالَ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك) فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ (أَوْ مُقَيِّدًا إلَى أَجَلٍ) كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ) نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ (أَوْ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (الْآنَ) أَلْبَتَّةَ (فَيُنَجَّزُ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ (وَيَقَعُ) طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا أَمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُتْعَةِ، فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا لَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ عَلَّقَ بَتَّهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ عَلَى عَدَمِ بَتِّهَا آخِرَهُ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الصَّبْرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ لِتَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَتُّهَا آخِرَهُ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ.
وَإِذَا اخْتَارَ الْحِنْثَ لَمْ يُمْكِنْهُ وُقُوعُهُ لِانْعِدَامِ زَمَانِ الْمَحْلُوفِ بِهِ لِمُضِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَلْبَتَّةَ فِي زَمَانِ الْحَالِ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ وَالشَّيْءُ يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ قَيْدِهِ وَالْقَيْدُ وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فَأَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدَةُ بِهِ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَتَّةً أَيْ يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ وَجْهٌ يُعْتَبَرُ شَرْعًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ آخِرَ الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ لِآخِرِ الشَّهْرِ فَإِنْ دَخَلَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ الْآنَ، وَهُنَا لَمَّا كَانَ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ كَالْعِلَّةِ لِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ فَهُوَ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اخْتَارَ الْحِنْثَ أَوْ عَدَمَهُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَاسَهُ عَلَى فَرْعِ الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ بِقَوْلِهِ (كَ) أَنْتِ (طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا) وَكَلَّمَهُ غَدًا فَيَقَعُ حَالَ تَكَلُّمِهِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ لَا مِنْ فَجْرِ الْغَدِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَقَوْلُهُ الْيَوْمَ يُعَدُّ لَغْوًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَابِقًا وَلَمْ يُؤَجَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) لِمَا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَنَعَ مِنْهَا حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ وَالْآخَرُ لَازِمٌ وَهُوَ عَدَمُ التَّنْجِيزِ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا وَبِاعْتِبَارِ الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي هَذِهِ صَرِيحًا احْتَاجَ لِبَيَانِهِ بِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَرَنَ إلَّا الثَّانِيَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ كَانَ أَصْنَعَ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ إمَّا الْآنَ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ أَوْ فِي آخِرِ الشَّهْرِ بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ وَيَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا.
(قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْبَتَّتَيْنِ وَاقِعَةٌ بِرَأْسِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا.
(قَوْلُهُ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ) أَيْ عَلَيْهِ الْآنَ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ نَاجِزًا وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْآنَ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ) أَيْ وَهُوَ الْآنَ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ صَارَ مَاضِيًا (قَوْلُهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) أَيْ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ صَارَ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدٍ وَهُوَ الْآنَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) هَذَا الْبَحْثُ أَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَذَكَرَ هَذَا الْبَحْثَ تَوْجِيهًا.
(قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ) وَهُوَ قَوْلُهُ الْآنَ وَجْهٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَحِينَئِذٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ اخْتَارَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِأَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَوْ اخْتَارَ الْحِنْثَ بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي آخِرِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لِآخِرِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ أَيْ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا نُجِّزَ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ) أَيْ وَقَالَ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَذَا وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ التَّنْجِيزِ فِي الْحَلِفِ بِالْبَتَّةِ قَائِلًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute