للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا وَهُوَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إلَى الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ فِي الْأَجَلِ مَعَ الْمَنْعِ وَالتَّلَوُّمِ بِلَا مَنْعٍ وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَصَرَ النَّفْيَ عَلَى ضَرْبِ الْأَجَلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدَ

(وَإِنْ) (أَقَرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِفِعْلٍ) كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ تَزَوُّجِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (ثُمَّ) (حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (مَا فَعَلْت) هَذَا الْفِعْلَ (صُدِّقَ بِيَمِينٍ) بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ رُوفِعَ فَإِنْ نَكَلَ نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَمْ يَحْلِفْ.

وَقَوْلُهُ صُدِّقَ أَيْ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَيُحَدُّ (بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا كَأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى (بَعْدَ الْيَمِينِ) مِنْهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي بِذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا وَحِينَئِذٍ (فَيُنَجَّزُ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَعَلَ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ أَنْكَرَ (وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ) مِنْ نَفْسِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا وَلَمْ أَفْعَلْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ فِي قَوْلِهِ كُنْت كَاذِبًا (وَبَانَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَائِنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ إلَّا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَجَلِ إلَخْ أَيْ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا تَضَرَّرَتْ وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَيَقُولُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهَا بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُضْرَبُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ.

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ فَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمُفَرَّعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّلَوُّمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ قِيلَ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُتَلَوَّمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَالْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ ثَابِتٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَمَّا عَلَى ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى التَّلَوُّمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ التَّلَوُّمِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ح فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لَهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ مُخَالِفٌ لِنَصِّهَا

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنِّي كُنْت كَاذِبًا فِي قَوْلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَفِي الْفَتْوَى بِدُونِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَوَّلًا أَوْجَبَ التُّهْمَةَ وَمِنْ قَبِيلِ مَا إذَا أَقَرَّ بِفِعْلٍ ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ فَأَظْهَرَ النَّاظِرُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً بِخَطِّ الْحَالِفِ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّ خَطَّهُ كَانَ مَوْضُوعًا بِلَا أَصْلٍ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ فَدَعْوَاهُ أَنَّ خَطَّهُ مَوْضُوعٌ بِلَا أَصْلٍ وَتَكْذِيبُهُ لِلْوَثِيقَةِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا فِي أَخْذِ الْمَعْلُومِ مِنْ النَّاظِرِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عج.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا مَثَلًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا قَذَفَهُ وَإِنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ كَاذِبَةٌ فِي شَهَادَتِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يُحَدُّ فَلَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَذَفَهُ حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ إلَخْ أَيْ أَوْ ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ) أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَنَصُّهَا، فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَعَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ هَلْ لَهُ الْمَقَامُ عَلَيْهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا يُحِلُّ الْمَقَامَ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْفُتْيَا بِهِ بَلْ لَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا مِنْهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِهِ قَالَ عج مَا نَصُّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ قَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تُمَكِّنُهُ إلَخْ) ، فَإِنْ مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>