مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ (أَمْ لَا) فَيَشْمَلُ شَكَّهُ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ لَا وَشَكُّهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَا وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ) فِي شَكِّهِ لِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) مِنْ الْوَسْوَاسِ أَيْ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ الشَّكَّ (كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا) فِي دَارٍ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا لَا يَدْخُلُهَا (شَكَّ فِي كَوْنِهِ) زَيْدًا (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَوْ هُوَ غَيْرُهُ وَغَابَ عَنْهُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ تَحْقِيقُهُ فَيُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقًا (وَهَلْ يُجْبَرُ) عَلَيْهِ وَيُنَجَّزُ أَوْ يُؤْمَرُ بِلَا جَبْرٍ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَالِمِ الْخَاطِرِ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(وَإِنْ) طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَ (شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا) طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا (أَوْ قَالَ) لَهُمَا (إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَلَوْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا وَكَذَا إنْ كُنَّ أَكْثَرَ وَقَالَ إحْدَاكُنَّ (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى (بَلْ أَنْت) (طَلُقَتَا) مَعًا جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ وَلِلْأُخْرَى (أَوْ أَنْت) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (خُيِّرَ) فِي طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا أَحَبَّ فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ وَاحِدَةٍ أَوْ طَلَاقَهُمَا طَلُقَتْ مَنْ نَوَى طَلَاقَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وُجُودُهُ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ) أَيْ حَلَّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكُّهُ هَلْ فَعَلَهُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَشَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى طَرِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إنْ كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ قَائِمٍ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمَ الْحِنْثِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ لَا بِفُتْيَا وَلَا بِقَضَاءٍ مِثْلُ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سَالِمُ الْخَاطِرِ أَيْ الْقَلْبِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ دَاخِلًا) حَالٌ مِنْ شَخْصٍ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَخَصَّصَتْ بِالصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ شَكَّ إلَخْ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِشَخْصٍ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَغَابَ عَنْهُ) أَيْ غَابَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ عَنْ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ لِاسْتِنَادِهِ فِي شَكِّهِ لِمُوجِبٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَيُنَجَّزُ أَيْ إذَا أَبَى (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ) أَيْ الْمُوقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ أَمْ غَيْرُهَا أَيْ بِأَنْ قَالَ: هِنْدٌ طَالِقٌ ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ هِنْدًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ وَدَخَلَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ لِيَتَذَكَّرَ، فَإِنْ ذَكَرَهَا لَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَاقِهَا إلَى اسْتِئْنَافِ طَلَاقٍ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت: فَإِنْ تَذَكَّرَ عَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ عَيْنَهَا وَيَكُونُ فَوَّتَ هَذِهِ الْغَيْرَ كَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا أَيْ كَالْتِبَاسِ الْمُذَكَّى بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ شَخْصٍ وَجَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِذَكَاةِ مَا بِيَدِهِ أَكَلَاهُمَا مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ رَأَى إحْدَاهُنَّ مُشْرِفَةً مِنْ طَاقَةٍ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَصَوَاحِبُك طَوَالِقُ فَرَدَّتْ رَأْسَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا بِعَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْأَرْبَعِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ تِلْمِيذُهُ الْأَبِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَا عَدَاهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الَّتِي أَمْسَكَهَا هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَقَدْ طَلَّقَ صَوَاحِبَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُشْرِفَةُ إحْدَى الثَّلَاثِ اللَّاتِي طَلَّقَهُنَّ فَلَا حِنْثَ فِي الَّتِي تَحْتَهُ كَذَا فِي ح أَمَّا لَوْ قَالَ: الْمُشْرِفَةُ طَالِقٌ وَجُهِلَتْ طَلَّقَ الْأَرْبَعَ قَطْعًا كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِاتِّفَاقٍ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْجَمِيعِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فَطَلَاقُ الْجَمِيعِ هُوَ قَوْلُ الْمِصْرِيِّينَ وَرِوَايَتُهُمْ، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ شُذُوذٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَتَّفِقُ فِيهَا الْمِصْرِيُّونَ وَالْمَدَنِيُّونَ عَلَى طَلَاقِ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَنَوَى وَاحِدًا ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى عِتْقِ جَمِيعِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا إذَا نَوَى وَاحِدَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ إنْ نَوَى الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ مَيْلَهُ لَهَا وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ إضْرَابُهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَنْ الْأُولَى رَافِعًا لِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فِي طَلَاقِ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ خَيْرٌ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَكَانَ قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ نَسَقًا وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ بِإِرَادَتِهِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِضْرَابَ وَإِلَّا طَلُقَتَا كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةَ التَّخْيِيرِ بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ