للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ أَوْ بَاشَرَ بَعْدَ بُعْدٍ فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى فَجَامَعَ أَوْ بَاشَرَ فَقَدْ قَارَنَهَا فِعْلٌ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا (أَوْ بِقَوْلٍ) صَرِيحٍ بِلَا نِيَّةٍ (وَلَوْ هَزْلًا) لَكِنَّ الرَّجْعَةَ بِالْهَزْلِ (فِي الظَّاهِرِ) فَقَطْ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ (لَا الْبَاطِنِ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا إذَا جَدَّدَ نِيَّةً فِي الْعِدَّةِ أَوْ عَقْدًا بَعْدَهَا (لَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) لِلرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا (بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ) فَالْأَوَّلُ يُحْتَمَلُ لِي وَلِغَيْرِي وَالثَّانِي يُحْتَمَلُ عَنِّي وَعَنْ غَيْرِي (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (بِفِعْلٍ دُونَهَا) أَيْ دُونَ النِّيَّةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ (كَوَطْءٍ) فَأَوْلَى مُبَاشَرَةٍ (وَلَا صَدَاقَ) عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ نِيَّةِ الِارْتِجَاعِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (وَإِنْ اسْتَمَرَّ) عَلَى هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ أَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ (وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَلَا مِنْ مِيرَاثِهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ النِّيَّةَ بِمَعْنَى الْقَصْدِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيعِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُعْدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الرَّجْعَةِ وَقَوْلُهُ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا أَيْ لِاجْتِمَاعِ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْهَزْلَ هُوَ الْخَالِي عَنْ نِيَّةٍ فَلَوْ كَانَتْ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ لَاتَّحَدَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلٍ هَزْلًا كَانَ أَحْسَنَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْتَمَلِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِأَمْسَكْتُهَا وَرَجَعَتْ بِدُونِ زَوْجَتِي فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ: وَبِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ بَلْ وَلَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا وَهُوَ الْهَزْلُ وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَإِهْمَالِ لَوْ (قَوْلُهُ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ) أَيْ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْمِيرَاثِ مِنْهَا إنْ مَاتَتْ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَيْضًا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ صِيغَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَأَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ مِنْ صَدَاقٍ وَاسْتِئْذَانٍ فَقَوِيَ أَمْرُهُ فَكَانَ الْهَزْلُ فِيهِ كَالْعَدَمِ، وَلَمَّا ضَعُفَ أَمْرُ الرَّجْعَةِ بِكَوْنِ صِيغَتِهَا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَقَطْ أَثَّرَ هَزْلَهُ فِيهَا فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ هَزْلًا غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَهَا أَصْلًا مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهِ أَوْ لَا تَرَدَّدَ فِيهِ عج وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الرَّجْعَةِ بِالنِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ، وَالرَّجْعَةُ تُحَلِّلُ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَأَمَّا الْفِعْلُ مَعَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْفِعْلِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ بِالْقَوْلِ مَعَ النِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ صَرِيحًا أَوْ مُحْتَمَلًا وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلِ مَعَ النِّيَّةِ وَأَمَّا الْفِعْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَوْلُ الْمُحْتَمَلُ وَحْدَهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِمَا رَجْعَةٌ وَالْقَوْلُ الصَّرِيحُ وَحْدَهُ تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ وَأَمَّا النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْقَصْدِ فَلَا تَحْصُلُ بِهَا رَجْعَةٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَقِيلَ تَحْصُلُ بِهَا الرَّجْعَةُ فِي الْبَاطِنِ لَا فِي الظَّاهِرِ وَقِيلَ لَا تَحْصُلُ بِهَا مُطْلَقًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ رَجْعَةٍ حَرَامًا وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ إذَا ارْتَجَعَهَا وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِالْعَقْدِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فُسِخَ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ الْحَاصِلِ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ لَهَا رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ رَجْعَةٌ، وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ عبق وَفَائِدَتُهُ لُزُومُ طَلَاقٍ بَعْدَهُ وَتَأْتَنِفُ لَهُ عِدَّةً، وَعَلَيْهِ فَيُلْغَزُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ رَجْعِيٍّ تُؤْتَنَفُ لَهُ الْعِدَّةُ وَلَا رَجْعَةَ مَعَهُ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَبِهِ جَزَمَ بْن حَيْثُ قَالَ: وَيَكُونُ هَذَا الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ هُنَا هُوَ أَبُو عِمْرَانَ وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمَا وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَكُونُ بَائِنًا كَمَا مَرَّ فِي شَرْطِ الرَّجْعَةِ الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى، وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمُرَاعَاةِ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ لَا فِي تَصْحِيحِ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>