للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا التَّلَذُّذُ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ رَجْعَةٌ

(وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ أَصْلًا أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَلْ (وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِتَصَادَقَا أَيْ، وَإِنْ تَصَادَقَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمِ الدُّخُولِ أَيْ الْخَلْوَةِ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَمْ يَنْفِهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي التُّهْمَةَ

(وَأُخِذَا) أَيْ (الزَّوْجَانِ بِإِقْرَارِهِمَا) بِالْوَطْءِ أَيْ أُخِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، وَتَكْمِيلُ الصَّدَاقِ وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَالْأَخْذُ بِإِقْرَارِهِمَا، قَوْلُهُ: (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ لِلرَّجْعَةِ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

دُونَ نِيَّةٍ اهـ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ الَّذِي وَطِئَ فِي عِدَّتِهِ رَجْعِيٌّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ وَالثَّانِي بَائِنٌ لُحُوقُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ إلَّا نَسْقًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ بِدُونِ نِيَّةٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ؛ إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ الوانشيريسي (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ) أَيْ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَاحِقٌ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ

(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) أَيْ خَلْوَةٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدَيْنِ، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارَرَ الزَّوْجَانِ بِالْإِصَابَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ، وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ فَلَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ، وَلَوْ تَصَادَقَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَأَوْلَى إذَا تَصَادَقَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا شُرِطَ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ وَطْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَوْ ارْتَجَعَهَا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَعُلِمَ عَدَمُ دُخُولِهِ بِهَا لِكَوْنِهَا لَمْ تَأْتِ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ أَعَمُّ مِنْ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ حَيْثُ جَعَلَ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ صَادِقًا بِعِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ وَبِعَدَمِ الْعِلْمِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ (قَوْلُهُ بِنَفْيِ التُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ

(قَوْلُهُ وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا فِي دَعْوَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُمَا بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا بَيَانٌ لِلْمُتَرَتِّبِ عَلَى إقْرَارِهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ بْن أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا بِالْوَطْءِ أُخِذَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْآخَرُ أَمْ لَا وَكَذَا قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أُخِذَتْ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ فَرْضُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الْإِقْرَارِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ) أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِارْتِجَاعِ فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِمَا؛ إذْ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ حَتَّى يُعْلَمَ الدُّخُولُ.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا، وَإِنْ رَجَعَا أَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُؤَاخَذُ الرَّاجِعُ وَيُؤَاخَذُ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ تَبَعًا لعج وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ مَا فِي الْمَقَامِ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ، وَهِيَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ عَلَى الدَّوَامِ فَيَجِبُ لَهَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَكَذَا تُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا إنْ صَدَّقَتْهُ، وَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مَشْرُوطٌ بِتَصْدِيقِهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَمْ تُؤَاخَذْ بِذَلِكَ لِإِقْرَارِهَا بِسُقُوطِ ذَلِكَ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالرَّجْعَةِ، وَلَا مُصَدِّقٌ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا هِيَ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>