لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ (إنْ رَضِيَتْ) أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ كَامْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا صَبْرَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ (وَتَتِمُّ) أَيْ تَصِحُّ (رَجْعَتُهُ) بَعْدَ أَنَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ (إنْ انْحَلَّ) إيلَاؤُهُ بِوَطْءٍ بِعِدَّةٍ أَوْ تَكْفِيرٍ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلٍ أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ (وَإِلَّا) يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (لَغَتْ) رَجْعَتُهُ أَيْ بَطَلَتْ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ مِنْ الْعِدَّةِ
(وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتَيْهِ (وَإِنْ وَطِئَتْ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ طَلَّقَ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (إحْدَاهُمَا) بِالْقُرْعَةِ عِنْد الْمُصَنِّفِ أَوْ يَجْبُرُهُ عَلَى طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُوَلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ ثُمَّ إنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَإِلَّا طَلُقَتَا مَعًا مَا لَمْ يَرْضَيَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ
(وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ (لَا يَطَأُ) زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَاسْتَثْنَى) بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ (مُولٍ) وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَاسْتُشْكِلَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا وَالثَّانِي كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (وَحُمِلَتْ) لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ (عَلَى مَا إذَا رُفِعَ) لِلْحَاكِمِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ (وَأَوْرَدَ) عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَيْضًا (لَوْ) حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ (كَفَّرَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (وَفُرِّقَ) بَيْنَهَا (بِشِدَّةِ الْمَالِ) عَلَى النَّفْسِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَخِفَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى؛ فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْفَيْئَةِ فَلَهَا أَنْ تُوقِفَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا إسْقَاطًا مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ أُقِيمُ مَعَهُ سَنَةً لَعَلَّهُ أَنْ يَفِيءَ فَلَيْسَ لَهَا الْعَوْدُ إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ) أَيْ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ) أَيْ بِالْفَيْئَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَكْفِيرٍ) أَيْ تَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ أَيْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ فِي الْعِدَّةِ، وَمِثْلُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ رِضَا الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ رَجْعَتَهَا بَاطِلَةٌ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَوْلُهُ: لَغَتْ رَجْعَتُهُ أَيْ الْحَاصِلَةُ فِي الْعِدَّةِ أَيْ كَانَتْ مُلْغَاةً أَيْ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفًا مِنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ إذَا قَامَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلُقَتْ الْأُخْرَى وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ وَطْءِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَيَخْتَارُ الزَّوْجُ وَاحِدَةً يُطَلِّقُهَا أَوْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ وَإِلَّا فَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي تَعْيِينَ مَحَلِّهِ، وَفِي تَطْلِيقِ وَاحِدَةٍ يُعَيِّنُهَا الْحَاكِمُ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي أَيْضًا اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي بْن
[دَرْسٌ] (بَابٌ) (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وَامْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُولٍ) أَيْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ الْوَطْءُ أَيْ وَإِذَا طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ الْوَطْءُ وَإِذَا وَطِئَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ حَلًّا لِلْيَمِينِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُولِيًا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ يُكَفِّرُ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَتْ) أَيْ وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَجْلِ دَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِدَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا رُفِعَ لِلْحَاكِمِ) أَيْ عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَلَّ الْيَمِينِ وَأَمَّا الْمُفْتِي فَيُصَدِّقُهُ فِي إرَادَةِ حَلِّ الْيَمِينِ فَلَا يُفْتِيهِ بِلُحُوقِ الْإِيلَاءِ وَحِينَئِذٍ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَالًا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ:) أَيْ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْ هَذَا الْإِيلَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِفَيْئَةٍ وَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهَلَّا سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ أَوْ بِحُكْمِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِشِدَّةٍ الْمَالَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَفِّرَ فِي الثَّانِيَةِ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ فَلِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ شَدِيدًا عَلَى النَّفْسِ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ رَافِعًا لِلتُّهْمَةِ فَلِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ