نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيَتَّجِهُ تَخْيِيرُ الْمُسْلِمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ، وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَخْذُ بَدَلِ حَطٍّ كَانَ أَوْضَحَ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَجْهًا مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ، وَلِلْمُسْلِمِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَصْلُحَ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ.
قَالَ: فَلَوْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمُ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ، فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ. (وَجَازَ شَرْطُ جَيِّدٍ) وَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ، (أَوْ) شَرْطُ (أَرْدَا) ؛ لِأَنَّ طَلَبَ أَرْدَأَ مِنْ الْمُحْضَرِ عِنَادٌ. (لَا شَرْطُهُ الْأَجْوَدَ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ (أَوْ شَرْطُ الرَّدِي) لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَالْمُرَادُ رَدِيءُ الْعَيْبِ أَوْ الصِّفَةِ، لَا رَدِيءُ النَّوْعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (قُلْت: الرَّدِيءُ نَوْعُهُ لَمْ يُرَدْ) أَيْ: لَمْ يُرِدْهُ الْحَاوِي بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُهُ لِانْضِبَاطِهِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَكَذَا الْعَيْبُ الْمُنْضَبِطُ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى وَفِي تَمْثِيلِهِ بِهَذَيْنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِوُجُوبِ قَبُولِ السَّلِيمِ، (ثُمَّ إذَا أَجْوَدَ مِنْهُ أَدَّى) أَيْ: ثُمَّ إذَا أَدَّى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَجْوَدَ صِفَةً مِنْ الْمَشْرُوطِ (فَوَاجِبٌ) عَلَى الْمُسْلِمِ (قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَلِإِشْعَارٍ بِذُلِّهِ، بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ يُهَوِّنُ أَمْرَ الْمِنَّةِ، أَمَّا الْأَجْوَدُ نَوْعًا، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ، (لَا الْأَرْدَا) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ
(وَلَا) يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِغَيْرِ وَقْتِهِ) أَيْ: فِي غَيْرِ وَقْتِ حُلُولِهِ (وَ) لَا فِي غَيْرِ (الْمَوْضِعِ) الَّذِي يَجِبُ الْأَدَاءُ فِيهِ، إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِهِ كَمَا لَوْ كَانَ زَمَنُ نَهْبٍ أَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ حَيَوَانًا يُحْذَرُ مِنْ عَلْفِهِ أَوْ مَتَاعًا كَثِيرًا يَحْتَاجُ مَكَانَهُ إلَى مُؤْنَةٍ أَوْ لَحْمًا أَوْ ثَمَرًا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَهُ طَرِيًّا عِنْدَ مَحَلِّهِ، أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ وَجَبَ قَبُولُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ وَفِكَاكِ رَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ، أَمَّا إحْضَارُهُ فِي وَقْتِهِ وَمَوْضِعِهِ فَيَجِبُ قَبُولُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ
ــ
[حاشية العبادي]
عِنْدَ خَرَابِ الْمُعَيَّنِ م ر
(قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ) الْأَوْجَهُ عَدَمُ إجَابَتِهِ مُطْلَقًا م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَذَا أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْلَمُ فِيهَا اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَجْوَدُ نَوْعًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَمَا يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ، وَالْعَبْدُ التُّرْكِيُّ وَالْهِنْدِيُّ تَفَاوُتُ نَوْعٍ لَا وَصْفٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ مُؤْنَةٌ) لَوْ بَذَلَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هَذِهِ الْمُؤْنَةَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِرَأْيٍ لَا يَجُوزُ قَبُولُهَا. (قَوْلُهُ لِغَرَضٍ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ أَحْضَرَهُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ لِغَرَضٍ) أَوْ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّرْطِ مَعَ تَمْثِيلِ الْغَرَضِ بِالْبَرَاءَةِ أَيْضًا وَقْفَةٌ، لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ بَقِيَ بِشَيْءٍ آخَرَ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ غَرَضًا، وَهِيَ أَبَدًا حَاصِلَةٌ مَعَ الْقَبُولِ فَلَا شَيْءَ آخَرَ يَبْقَى لِعَدَمِ الْقَبُولِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِإِحْضَارِهِ الْبَرَاءَةَ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهَا، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ الْبَرَاءَةَ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ بِالْقَبُولِ وَيَلْزَمُ عَدَمُ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا أُجْرَةَ وَلَا خِيَارَ، بَلْ لَوْ طَلَبَ الْمُسْلِمُ التَّسْلِيمَ فِي الَّذِي خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ لِتَعْيِينِ الْأَقْرَبِ شَرْعًا كَالنَّصِّ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَا) الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الرَّدِيءِ وَالْأَرْدَأِ نَوْعًا يَجُوزُ، وَكَذَا الْجَيِّدُ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ، فَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ وَيَبْطُلُ السَّلَمُ، وَأَمَّا ذِكْرُ الرَّدِيءِ وَالْأَرْدَإِ عَيْبًا، فَلَا يَصِحُّ، كَذَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا هُنَا وَعَلَّلَ ح ل الْمَنْعَ فِي أَرْدَأِ الْعَيْبِ، بِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِيهِ الرَّدِيءُ مُنِعَ فِيهِ الْأَرْدَأُ اهـ. أَيْ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَعْلِيلُ صِحَّةِ اشْتِرَاطِ الْأَرْدَأِ بِالِانْضِبَاطِ، لَا بِمَا ذَكَرَهُ لِمَجِيئِهِ فِي الْأَرْدَأِ عَيْبًا فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَجَازَ شَرْطُ أَرْدَأَ مِنْ حَيْثُ النَّوْعِ لِانْضِبَاطِهِ وَطَلَبُ أَرْدَأَ مِنْ الْمُحْضَرِ عِنَادٌ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) فَلَوْ انْضَبَطَ صَحَّ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) فَيُصَدَّقُ اشْتِرَاطُهُ الرَّدِيءَ بِالْأَقَلِّ رَدَاءَةً مِنْ الْمُحْضَرِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) وَلَمْ تَنْزِلْ الرَّدَاءَةُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ كَالْجَوْدَةِ؛ لِأَنَّ لِلْجَوْدَةِ حَدًّا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ تِلْكَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَرْدَأَ أَوْ رَدِيئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعًا وَلَا عَيْبًا، صَحَّ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّدَاءَةِ وَالْأَرْدَئِيَّةِ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْ حَيْثُ النَّوْعِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْبِ أَوْ الصِّفَةِ فَأَمْرٌ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ إلَيْهِ، إذْ النَّاسُ يَفِرُّونَ مِنْ الْعَيْبِ مَا أَمْكَنَ، فَلَمْ يَضُرَّ إلَّا إنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ عَنْهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَبَادِرَةِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَحَوَاشِيهِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَخْ) هُوَ مَمْنُوعٌ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا أَجْوَدُ مِنْهُ أُدِّيَ إلَخْ) أَيْ أَجْوَدُ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَرَضِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَيِّبٍ لِضَعْفٍ عِنْدَهُ، فَجَاءَ لَهُ بِبِكْرٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَيْ ثُمَّ إذَا أَدَّى) أَيْ فِي صُورَةِ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ لَا الْأَرْدَأِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْأَرْدَأُ نَوْعًا، فَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ رَدِيءَ النَّوْعِ حَتَّى يَصِحَّ، وَلَك حَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمِّ بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ انْضِبَاطِ رَدِيءِ الْعَيْبِ وَالْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَدَبَّرْ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَرْدَأَ نَوْعًا لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ.
(قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ) بِأَنْ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ. (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ كَبَرَاءَةٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: أَوْ لَا لِغَرَضٍ