للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، فَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُقْرَضُ مُعَيَّنٌ، وَدَخَلَ فِيمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ الْمَغْشُوشَةُ، فَإِنَّهَا مِثْلِيَّةٌ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ السَّلَمِ فِيهَا.

وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ، فَيَصِحُّ إقْرَاضُهَا لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا، وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاخْتَارَ الْجَوَازَ قَالَ: بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْإِرْفَاقِ، وَيَجُوزُ رَدُّ الزَّائِدِ وَأَخْذُ النَّاقِصِ بِلَا شَرْطٍ، فَلَا يُضَايَقُ فِيهِ كَالرِّبَا، وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْجَوَازِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَنْعَ عَنْ جَمْعٍ، وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ بِمَا إذَا عُرِفَ قَدْرُ غِشِّهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا، وَشَرْطُ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا كَشَرْطِهِمَا فِي السَّلَمِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَيَصِحَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَى إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْرَضُ مُعَيَّنًا كَسَلَمِهِ.

وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَاضُ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُكَاتَبٍ، وَلَا مِنْ وَلِيٍّ إلَّا لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَبَرُّعٍ، نَعَمْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْحَجْرِ وَكَذَا لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَقْفِ (لَا إنْ حَلَّ غَشَيَانُ الْأَمَهْ) أَيْ: وَطْؤُهَا (لِمُقْرَضٍ مِنْهُ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا مِنْهُ، وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ، وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ بِجَوَازِ إقْرَاضِهَا لَهُ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ: أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْحَالِ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا كَذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ: امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِهِ خَطَأٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى قَالَ السُّبْكِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ وَاضِحًا فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّهَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْمَنْعُ وَفِي إقْرَاضِ الْخُبْزِ وَجْهَانِ كَالسَّلَمِ فِيهِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ: الْمَنْعُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْحَاجَةِ وَإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَظْهَرَيْ، وَعَلَى هَذَا يُقْرِضُ وَزْنًا وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ يَجُوزُ عَدَدًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي التَّتِمَّةِ: فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الرُّوبَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَجَوَازُ السَّلَمِ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ إقْرَاضُهَا) اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ غِشِّهَا م ر. (قَوْلُهُ كَالرِّبَا) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) ظَاهِرُ الصَّنِيعِ وَإِعَادَةُ لَا اخْتِصَاصُهُ بِمَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) يَنْبَغِي أَوْ لِمُضْطَرٍّ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ وَفَاءٌ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مَالَ الْمَوْلَى نَسِيئَةً، وَهُنَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْمُضْطَرِّ مَعَ عَدَمِ رَجَاءِ الْوَفَاءِ، وَإِنْ جَهِلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ لِمُقْرَضٍ مِنْهُ) ، وَلَوْ مَمْسُوحًا ح د، وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ م ر. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا) أَيْ جَمِيعِهَا، وَلَوْ نَحْوَ رَتْقَاءَ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ ح د. (قَوْلُهُ إعَارَةُ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي إسْلَامِهِ أَمَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ فَكَبِرَتْ، بِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَهِبَةِ الْفَرْعِ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ امْتِنَاعُ إقْرَاضِ الْخُنْثَى) أَيْ، وَلَوْ وَاضِحًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى وَهِيَ قُدْرَتُهُ الْمُؤْدِيَةُ لِعِزَّةِ الْوُجُودِ م ر. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَاضِ الْأَمَةِ لِلْخُنْثَى) لِبُعْدِ اتِّضَاحِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ امْتِنَاعُ تَمَلُّكِ الْمُلْتَقَطِ لِأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ظُهُورُ الْمَالِكِ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ أَبْعَدُ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَالِكِ بَعِيدٌ. نَعَمْ إنْ بَانَ ذَكَرًا اُتُّجِهَ تَبَيُّنُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَقْدِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ عِنْدَهُ لِطُرُوِّ الْمَانِعِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُقْرَضُ وَزْنًا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ كَالْخُبْزِ (قَوْلُهُ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَا يَجُوزُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ. أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَيْسَ مُرَادًا) فَالْمُرَادُ بِمَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ نَوْعُهُ لَا مَعَ قَيْدِ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ اهـ. شَيْخُنَا اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لِلْقَاضِي) وَلَا يُقْرِضُ الْوَلِيُّ، سَوَاءٌ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، إلَّا مِنْ أَمِينٍ ثِقَةٍ مَعَ أَخْذِ وَثِيقَةٍ وَإِشْهَادٍ، إلَّا إذَا أَقْرَضَ لِلِاضْطِرَارِ، فَلَا تُشْتَرَطُ تِلْكَ الشُّرُوطُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا) مِثْلُهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِدُونِ وَطْءٍ، فَلَوْ قَالَ: رُبَّمَا يُسْتَمْتَعُ لِيَدْخُلَ الْمَمْسُوحُ كَانَ أَوْلَى اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا) مِنْهُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ طُرُوُّ الْحِلِّ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، وَلَا يَضُرُّ إسْلَامُ الْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ اهـ. شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوَجْهُ انْفِسَاخُهُ بِإِسْلَامِهَا اهـ. ق ل وَخَالَفَ م ر فَقَالَ: لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ الْوَطْءُ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مَنْ تَحِلُّ فِي نَفْسِهَا، وَإِلَّا دَخَلَتْ أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهُمَا كَذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) لِأَنَّهُ يَعِزُّ وُجُودُهُ م ر. (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ) يُدْفَعُ بِمَا فِي شَرْحِ م ر. مِنْ أَنَّهُ إذَا اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ الْجَوَازُ هُوَ الْأَصَحُّ) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّلَمِ فِيهِ الْأَصَحُّ فِيهِ الْمَنْعُ اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ. أَيْ لِعَدَمِ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى السَّلَمِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ بِخِلَافِ خَمِيرَةِ الْعَجِينِ، فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا الْجَوَازُ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>