لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ، وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ: خَمِيرَةٌ مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَى الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَقَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَاضُ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ فَمَبْنِيٌّ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ، فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا، فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ (بِإِيجَابٍ) كَالْبَيْعِ.
(وَذَا) أَيْ: الْإِيجَابُ (كَمِثْلِ أَقْرَضْتُ وَأَسْلَفْتُ) بِزِيَادَةِ مِثْلٍ أَيْ: كَأَقْرَضْتُكَ أَوْ أَسْلَفْتُك أَوْ (خُذَا هَذَا بِمِثْلٍ) أَيْ: بِمِثْلِهِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ (خُذْهُ وَاصْرِفَنْهُ فِيمَا تُرِيدُ بِبَدِيلٍ عَنْهُ، أَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك إيَّاهُ عَلَى أَنْ أَسْتَرِدَّ بَدَلًا) عَنْهُ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُك إيَّاهُ كَانَ هِبَةً، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِيمَا تُرِيدُ وَلَمْ يَقُلْ: بِبَدَلِهِ لَا يَكُونُ إقْرَاضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِهِ الْهِبَةَ، وَقَدْ حَكَى فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: كَغَيْرِهِ وَاصْرِفْهُ فِيمَا تُرِيدُ، فَلَوْ قَالَ: خُذْهُ بِبَدَلِهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العبادي]
بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ خُذْ هَذَا بِمِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ كَعِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ عَلَى قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَلِهَذَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَرَدَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ، وَمِثْلُهُ خُذْهُ بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ خُذْهُ بِكَذَا فَهُوَ كِنَايَةٌ هُنَا وَفِي الْبَيْعِ م ر
(قَوْلُهُ خُذْهُ وَاصْرِفَنَّهُ إلَخْ) وَخُذْهُ فَقَطْ لَغْوًا لَا إنْ سَبَقَ: أَعْطِنِي هَذَا فَيَكُونُ هِبَةً، أَوْ أَقْرِضْنِي هَذَا فَيَكُونُ قَرْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ح د. (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) نَعَمْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي نِيَّةِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ عَلَى مَا قِيلَ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ فِي الْهِبَةِ لَا ثَوَابَ فِيهَا، وَإِنْ نَوَاهُ يَرُدُّهُ وَلِلْآخِذِ عَدَمُ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً، وَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ: أَطْعَمْتُك بِعِوَضٍ وَأَنْكَرَ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْمُطْعِمُ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ، وَالظَّاهِرُ يُخَالِفُ مَا ادَّعَاهُ ح ج د. (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ قَرْضًا) أَيْ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ جُزِمَ بِهَذَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ بَدَلِهِ. فَمَا مَعْنَى الْجَزْمِ أَوَّلًا؟ ثُمَّ التَّرَدُّدِ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[حاشية الشربيني]
الْحَاجَةِ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ خُذْ هَذَا بِمِثْلِ هَذَا) صَرِيحٌ فِي الْقَرْضِ، بِخِلَافِ خُذْهُ بِكَذَا، فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ، وَالْقَرْضُ إنْ نُوِيَ بِهِ الْبَيْعُ كَانَ بَيْعًا، أَوْ الْقَرْضُ كَانَ قَرْضًا، لَكِنْ لَا يَكُونُ كِنَايَةَ قَرْضٍ إلَّا عِنْدَ التَّمَاثُلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَعْنَى الْمِثْلِ وَلَفْظِهِ حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً فِي الْأَوَّلِ صَرِيحًا فِي الثَّانِي، وَإِنَّمَا كَانَ خُذْهُ بِمِثْلِهِ صَرِيحًا لِلنَّصِّ فِيهِ عَلَى مَقْصُودِ الْقَرْضِ، وَهُوَ رَدُّ الْمِثْلِ، وَلَوْ الصُّورِيَّ فَتَمَحَّضَ لِلْقَرْضِ بِخِلَافِ: خُذْهُ بِكَذَا، وَلَوْ كَانَ مِثْلًا.
(قَوْلُهُ خُذْ هَذَا بِمِثْلٍ أَوْ خُذْهُ إلَخْ) فَهُمَا صَرِيحَانِ لَكِنْ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ إنْ نُوِيَ بِهِمَا بَيْعٌ وَقَعَ أَوْ قَرْضٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ وَاجِبَةٌ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةُ الْبَيْعِ حَقِيقِيَّةً، وَيُكْتَفَى هُنَا بِالصُّورِيَّةِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُمَا إنْ نَوَيَا بِمَلَّكْتُك الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِمِثْلِهِ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ تَعَيَّنَ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُمَا، وَإِلَّا كَانَ فِي بِمِثْلِهِ صَرِيحُ قَرْضٍ، وَفِي بِدِرْهَمٍ صَرِيحُ بَيْعٍ عَمَلًا بِالتَّبَادُرِ فِيهِمَا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابَيْنِ وَيَتَخَصَّصُ بِالنِّيَّةِ إنْ وُجِدَتْ، وَإِلَّا فَبِالتَّبَادُرِ وَالْتُزِمَ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ اقْتِضَاءِ النَّظَرِ لَهُ اهـ. بِتَصَرُّفٍ اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ، وَلِذَا أَطْلَقَ م ر أَنَّ خُذْهُ بِمِثْلِهِ صَرِيحٌ فِي الْقَرْضِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ ذَكَرَ أَنَّ م ر قَالَ: إنَّ مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ مِنْ صَرِيحِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِيَّةِ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَرْضِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا اهـ. تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِمِثْلٍ) رَاجِعٌ لِخُذْ هَذَا لِتَوَقُّفِ صَرَاحَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ صَرَاحَتَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ الْمِثْلِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَدَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute