بِشَرْطِ بَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ أَنْشَأَهُ ظَانًّا صِحَّةَ الشَّرْطِ وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَا: وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ
(وَالْحَمْلُ) الْمَوْجُودُ عِنْدَ الرَّهْنِ دُونَ الْحَادِثِ بَعْدَهُ (فِي رَهْنِيَّةِ الْأُمِّ دَخَلْ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا سَوَاءٌ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَدْخُلُ لَبَنُهَا، وَلَا صُوفُهَا، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوْ أَنَّ الْجُزْءَ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، (لَا غَيْرُ مَعْنَى اللَّفْظِ) الْمَوْضُوعِ لِلْمَرْهُونِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَمَثَّلَ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (كَالْمَبَانِي) أَيْ: الْأَبْنِيَةِ لَا تَدْخُلُ (فِي) رَهْنِ (عَرْصَةٍ) ، وَكَالْأَبْنِيَةِ الشَّجَرُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ (وَلَا كَغُصْنِ الْبَانِ) أَيْ: الْخِلَافِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، فَلَا يَدْخُلُ (فِي رَهْنِهِ) أَيْ: الْبَانُ، وَإِنْ دَخَلَ فِي مُسَمَّى شَجَرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالثَّمَرَةِ، وَهِيَ لَا تَدْخُلُ فِي رَهْنِ الشَّجَرِ، وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ بَعْدَ الرَّهْنِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. فَالْمَوْجُودُ عِنْدَهُ أَوْلَى وَكَغُصْنِ الْبَانِ وَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالْحِنَّاءِ وَالسِّدْرِ وَالْآسِ.
(أَمَّا تَصَرُّفٌ مَنَعْ رَهْنًا) أَيْ: يَمْنَعُ انْعِقَادَهُ كَالْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْوَقْفِ وَالْإِيلَادِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَالتَّدْبِيرِ، (فَقَبْلَ) أَيْ: فَهُوَ قَبْلَ (الْقَبْضِ) لِلْمَرْهُونِ (فَسْخٌ) لِلرَّهْنِ، (لَوْ وَقَعْ) أَيْ: التَّصَرُّفُ لِمُنَافَاتِهِ الرَّهْنَ، بِخِلَافِ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الرَّهْنِ كَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَطْءِ بِلَا إحْبَالٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فَسْخًا (لَا مَوْتُ عَاقِدٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ أَصَالَةً أَوْ نِيَابَةً قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ الرَّهْنُ كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِجُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ.
وَيَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ مَقَامَهُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ وَيَعْمَلُ قَيِّمُ الْمَجْنُونِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ ذَلِكَ. (وَلَا الْإِبَاقُ مِنْ عَبْدٍ) مَرْهُونٍ (وَلَا جِنَايَةٌ مِمَّنْ رُهِنْ) أَيْ: مِنْ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ عَلِقَتْ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ (وَلَا تَخَمُّرُ الْعَصِيرِ)
ــ
[حاشية العبادي]
صَحَّ، إذْ لَا مُقَابَلَةَ، وَهُنَا ظَنُّ الصِّحَّةِ لَا يَجُرُّ الْجَهَالَةَ فِي الرَّهْنِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ
(قَوْلُهُ وَلَا كَغُصْنِ الْبَانِ) يَنْبَغِي جَعْلُ الْكَافِ اسْمًا وَعَطْفُهَا عَلَى غَيْرِ فِي قَوْلِهِ لَا غَيْرِ. (قَوْلُهُ وَكَغُصْنِ الْبَانِ وَرَقُ الْفِرْصَادِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الْوَرَقُ فِي الْبَيْعِ لِقُوَّتِهِ، وَلِهَذَا دَخَلَ الْحَادِثُ فِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الرَّهْنِ
(قَوْلُهُ وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمَا الرَّهْنَ بِالْإِقْبَاضِ وَتَقْيِيدِ الْأَصْلِ الْهِبَةَ بِهِ أَنَّهُمَا بِدُونِهِ لَيْسَا رُجُوعًا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرَّبِيعِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ، وَالْوَجْهُ حَمْلُ التَّقْيِيدِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى التَّمْثِيلِ دُونَ الِاشْتِرَاطِ م ر
(قَوْلُهُ قَيِّمُ مَجْنُونٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالسَّفِيهِ اهـ. وَأَمَّا الْمُفْلِسُ فَهَلْ لَهُ الْإِمْضَاءُ؛ لِأَنَّهُ رَشِيدٌ وَتَعَلُّقُ الرَّهْنِ سَبَقَ عَلَى الْفَلَسِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَيْسَ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي غَيْرِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّوَثُّقِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ دُونَ الْحَادِثِ) فَلَا يَدْخُلُ وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا قَبْلَ وَضْعِهِ لِتَعَذُّرِ اسْتِثْنَائِهِ وَبَيْعِهِ مَعَهَا مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ، إذْ لَا يُعْرَفُ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْحَقُّ بِثَالِثٍ بِنَحْوِ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ، وَسَأَلَ الرَّاهِنُ أَنَّهَا تُبَاعُ وَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) وَهُوَ ضَعْفُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَلَا كَغُصْنِ الْبَانِ) أَيْ مِمَّا يُقْصَدُ غَالِبًا اهـ. شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ الْفِرْصَادِ) هُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ وَغَيْرُهُ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى اهـ. شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ الْآسِ) هُوَ الْمَرْسِينُ كَمَا مَرَّ اهـ. شَرْحٌ رَوْضٌ.
(قَوْلُهُ أَمَّا تَصَرُّفٌ) ضَابِطُهُ: أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ لَوْ طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَخَهُ، وَمَا لَا فَلَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ هَرَبُ الْمَرْهُونِ وَجِنَايَتُهُ وَتَخْمِيرُ الْعَصِيرِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ لَكِنْ لَوْ طَرَأَ، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَفْسَخُهُ اغْتِفَارًا لِمَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ كَمَا فِي م ر وع ش. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ إلَخْ) إلَّا الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ، وَإِذَا طَرَآ أَبْطَلَا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي م ر، وَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ: عَقْدُهُ وَكَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ: الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْجِنَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ كَمَا فِي ع ش. لَكِنْ فِي الْجِنَايَةِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُصَنِّفَ هُنَا وَشَرْحَ م ر أَيْضًا مَعَ أَنَّهَا تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ لَا مَوْتُ عَاقِدٍ) عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفٍ لَا مُخْرَجٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ كَشَرْطِ الْخِيَارِ يَئُولُ نَفْسُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: النَّظَرُ لِلْغَالِبِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا رَهَنَ أَقْبَضَ ع ش. (قَوْلُهُ وَيَعْمَلُ قَيِّمُ الْمَجْنُونِ إلَخْ) وَلَوْ جُنَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَرَأَى وَلِيُّ أَحَدِهِمَا الْفَسْخَ وَالْآخَرُ الْإِجَازَةَ، قُدِّمَ الْفَسْخُ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَهْنُ تَبَرُّعٍ كَأَنْ خَشِيَ وَلِيَّ الرَّاهِنِ - إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ - فَسْخَ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَفِي إمْضَائِهِ حَظٌّ، فَإِنْ كَانَ رَهْنُ تَبَرُّعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطٌ فِي عَقْدٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ الضَّرُورَةِ أَوْ الْغِبْطَةِ، كَذَا فِي م ر وَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ شَيْءٍ اهـ. شَيْخُنَا ذ.
وَلَعَلَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَرْهَنُ إلَّا بِالْغِبْطَةِ أَوْ الضَّرُورَةِ، فَلِمَاذَا جَازَ تَسْلِيمُهُ هُنَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِمُجَرَّدِ الْمَصْلَحَةِ؟ ، لَكِنَّ مَا فِي م ر فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِمُرَاعَاةِ بَقَاءِ الْعَقْدِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا الْإِبَاقُ) وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْآبِقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ اهـ.