للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّمَنْ) مَكَانَ مَا أَذِنَ فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْهُمَا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ شَرْطِهِ، لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ بِالشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ.

وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ نُفُوذُ الْبَيْعِ إذَا عُلِمَ الثَّمَنُ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْوَطْءِ إذَا أَحْبَلَ، بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا فَيَبْطُلَ الْإِذْنُ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِذْنِ وَالْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ بِصِحَّتِهِمَا فِيمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ عَلَى أَنَّ لَهُ عُشْرَ ثَمَنِهِ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَجْعَلْ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إذْنِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ جُعْلًا مَجْهُولًا، فَاقْتَصَرَ الْفَسَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْوَكِيلِ، وَهُنَا الْمُرْتَهِنُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إذْنِهِ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ أَوْ رَهَنَ الثَّمَنَ فَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ، لَكِنْ قَالُوا فِيمَا لَوْ صَالَحَ الرَّاهِنُ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ: صَحَّ وَكَانَ الْمَأْخُوذُ رَهْنًا وَلَمْ يَقُولُوا: إنَّهُ إذَا شُرِطَ فِي الصُّلْحِ رَهْنُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ، فَإِنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوَثِيقَةِ هُنَاكَ الْبَدَلُ، فَلَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَرْشِ وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ فِيهِ نَقْلَ وَثِيقَةٍ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَكَيْفَ لَا، وَالْمَرَاوِزَةُ يَقُولُونَ: إنَّ الْأَرْشَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَرْهُونًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَذِنْت بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ مُطْلَقًا صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ.

(وَيَرْجِعُ) جَوَازًا (الْآذِنُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ عَنْ إذْنِهِ لِلرَّاهِنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَبْلَهُ) لِبَقَاءِ حَقِّهِ، كَمَا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ، فَإِنْ رَجَعَ فَالتَّصَرُّفُ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ وَإِيلَادٍ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ بِالرُّجُوعِ حَتَّى تَصَرَّفَ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْإِذْنِ، (كَأَنْ يَأْذَنَ ذَا) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ (فِي هِبَةٍ وَرَهْنِهِ) أَيْ: فِي هِبَةِ الْمَرْهُونِ أَوْ رَهْنِهِ وَقَبْضِهِ فِيهِمَا، (وَعَادَ قَبْلَ قَبْضِهِ عَنْ إذْنِهِ) ، فَإِنَّ عَوْدَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ عَوْدِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، إذْ مَبْنَى الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ وَالْخِيَارُ دَخِيلٌ فِيهِ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَكَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَطْءُ بِلَا إحْبَالٍ. (وَحَلَّفُوا مَنْ جَحَدَ الرُّجُوعَا) ، وَهُوَ الرَّاهِنُ (فِي الْإِذْنِ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ، مَثَلًا كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَبَاعَ وَادَّعَى الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَهُ فَجَحَدَ الرَّاهِنُ أَصْلَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، (قُلْتُ) : مَحَلُّهُ إذَا ادَّعَى الرُّجُوعَ (بَعْدَ أَنْ يَبِيعَا) أَيْ: الرَّاهِنُ مَا أُذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ: قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَهُ، وَمِثْلُهُ دَعْوَاهُ الرُّجُوعُ مَعَ الْبَيْعِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي إذْنِ الْمُرْتَهِنِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ، فَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الرَّاهِنُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ أَوْ نَكَلَ، وَكَانَ التَّصَرُّفُ إعْتَاقًا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الرَّقِيقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَكَلَ الْمُفْلِسُ أَوْ وَارِثُهُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، حَيْثُ لَا يَحْلِفُ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُثْبِتُ الْحَقَّ لِنَفْسِهِ وَالْغَرِيمُ يُثْبِتُهُ لِلْمُفْلِسِ أَوَّلًا، وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَوَرَثَةِ الْمُرْتَهِنِ حَلَفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، أَوْ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَوَرَثَةِ الرَّاهِنِ حَلَفُوا يَمِينَ الرَّدِّ عَلَى الْبَتِّ.

(وَ) حَلَّفُوا (جَاحِدًا لِلْبَيْعِ قَبْلَ الْعَوْدِ عَنْ إذْنٍ وَ) الْجَاحِدُ (هَاهُنَا: هُوَ الَّذِي ارْتَهَنْ) كَأَنْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بِعْت قَبْلَ رُجُوعِك وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ بَعْدَهُ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ قَبْلَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ، وَالرُّجُوعُ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

رَهْنًا؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ اهـ. قُلْت وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ شَامِلٌ لِحَالَةِ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ، وَلْيُتَأَمَّلْ التَّقْيِيدُ بِالْحَالِّ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّ قَبْضُ الْحَالِّ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا

(قَوْلُهُ وَجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَعَدَمِهِ إنْ قَدَّرَهُ فَانْدَفَعَ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ م ر. (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ الْإِذْنُ) قَضِيَّةُ الْبُطْلَانِ أَنْ لَا يَنْفُذَ الْإِعْتَاقُ وَلَا الْإِيلَادُ مِنْ الْمُعْسِرِ، وَبِذَلِكَ صُرِّحَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ إذَا شُرِطَ فِي الصُّلْحِ) هَلَّا قَالَ: فِي الْإِذْنِ فِي الصُّلْحِ، فَإِنَّهُ النَّظِيرُ لِمَا يَجِيءُ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ مَرْهُونًا قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَا يَتَحَقَّقُ عَلَى هَذَا نَقْلٌ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ وَإِيلَادٍ) أَيْ وَفِيهِمَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ الْوَطْءُ بِلَا إحْبَالٍ) وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ أُذِنَ لَهُ فِي التَّكْرَارِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَبِيعَا) مُتَعَلِّقُ ادَّعَى

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِنْ قَالَ بَعْدُ: وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ اهـ. أَفَادَهُ م ر.

وَقَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ رَهْنِ الْمَجْهُولِ أَيْ: لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ؛ وَلِأَنَّهُ مَعْدُومٌ أَيْضًا وَقَالَ حَجَرٌ إنْ قَصَدَ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ رَهْنًا فِي الْحَالِ الْإِنْشَاءَ بَطَلَ، وَإِنْ قَصَدَ اسْتِصْحَابَ الرَّهْنِ عَلَى الثَّمَنِ فَيَصِحُّ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْوَاقِعِ اهـ. وَأَقَرَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وسم عَلَى الْمَنْهَجِ

. (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) قَالَ م ر: إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِلَّا كَانَتْ سَلْطَنَةُ الرُّجُوعِ لَهُ بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاهِنُ) فَلَوْ وَافَقَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى الرُّجُوعِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالْمَرْهُونُ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ، وَعَلَى الرَّاهِنِ بَدَلُهُ، كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ إعْتَاقًا) أَيْ أَوْ إيلَادًا كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ عَلَى الرَّقِيقِ) فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>