للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَوَفَّى، انْفَكَّ الرَّهْنُ عَنْ الْبَاقِي وَاسْتَقَرَّ الْإِيلَادُ فِيهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُولِدِ بِحَسْبِ نَصِيبِهِمَا، وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ، وَمَتَى انْفَكَّ رَهْنُهَا وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا أَوْ زَالَ ثُمَّ عَادَ نَفَذَ الْإِيلَادُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ حَالًّا، فَإِذَا رُدَّ لُغِيَ وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ حُكْمُهُ حَالًّا لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا زَالَ الْحَقُّ ثَبَتَ حُكْمُهُ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَهَبَ هَذِهِ الْأَمَةَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ لِلضَّرُورَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَالْيَسَارُ بِهَا (فِي يَوْمَئِذٍ) أَيْ: يَوْمِ إذْ أَعْتَقَ أَوْ أَوْلَدَ أَيْ: أَحْبَلَ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِتْلَافِ أَوْ سَبَبُهُ.

وَالنَّاظِمُ فَهِمَ مِنْ يَوْمِ الْإِيلَادِ أَنَّ مُخْتَارَ الْحَاوِي يَوْمُ الْوِلَادَةِ فَاعْتَرَضَهُ بِقَوْلِهِ: (قُلْت اخْتِيَارُ غَيْرِهِ) أَيْ: الْحَاوِي (أَنَّ الْأَمَهْ) الْمُسْتَوْلَدَةَ (هُنَا بِيَوْمِ حَبِلَتْ مُقَوَّمَهْ) أَيْ: تُقَوَّمُ فِي يَوْمِ الْإِحْبَالِ.

(وَ) جَازَ بِمَعْنَى نَفَذَ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ (مِنْ) رَاهِنٍ (مُقِلٍّ) أَيْ: مُعْسِرٍ (حَيْثُ وَصْفُ تِلْكَا) أَيْ: تِلْكَ الْعَيْنَ الَّتِي عُلِّقَ عِتْقُهَا بِهِ (لَمْ يَكُ) أَيْ: لَمْ يُوجَدْ، (إلَّا بَعْدَ أَنْ يُفَكَّا) أَيْ: الرَّهْنَ أَوْ مَعَ انْفِكَاكِهِ، أَوْ كَانَ الْوَصْفُ الْمُعَلَّقُ بِهِ هُوَ الْفَكُّ، إذْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الرَّهْنِ إلَّا التَّعْلِيقُ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الْوَصْفُ قَبْلَ الْفَكِّ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى.

(وَيَغْرَمُ الْمُعْسِرُ) قِيمَةَ أَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ الَّتِي أَوْلَدَهَا لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهَا، (إذْ تَمُوتُ بِهْ) أَيْ: إذَا مَاتَتْ بِالْإِيلَادِ وَقَدَرَ عَلَى قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى هَلَاكِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِحْبَالِ (كَوَطْءِ مَمْلُوكَةِ غَيْرٍ تَشْتَبِهْ) عَلَى الْوَاطِئِ وَمَاتَتْ بِالْإِيلَادِ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْإِحْبَالِ لِمَالِكِهَا، وَخَرَجَ بِالْمَمْلُوكَةِ الْحُرَّةُ فَلَا يَغْرَمُ دِيَتَهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ، وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَبِالشُّبْهَةِ الْمَوْطُوءَةُ بِحِلٍّ أَوْ زِنًا كَمَا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (خِلَافَ حِلٍّ وَزِنًا) أَيْ: خِلَافَ وَطْئِهِ امْرَأَةً وَلَوْ مَمْلُوكَةً بِحِلِّ نِكَاحٍ أَوْ بِزِنًا بِإِكْرَاهٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَاتَتْ بِالْإِيلَادِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِتَوَلُّدِ مَوْتِهَا فِي الْأُولَى مِنْ مُسْتَحِقٍّ، وَوِلَادَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ لِقَطْعِ الشَّرْعِ نَسَبَ الْوَلَدِ عَنْهُ.

(وَنَفَذَا كُلٌّ) مِمَّا امْتَنَعَ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعٍ وَتَزْوِيجٍ وَرَهْنٍ وَغَيْرِهَا، (بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ كَانَ لِحَقِّهِ، وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَلَوْ وَطِئَ بِالْإِذْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ، فَلَا مَنْعَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ، وَمَحَلُّ نُفُوذِ الْبَيْعِ (إذَا لَمْ يَشْرِطْ التَّعْجِيلَ) لِدَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ ثَمَنِ مَا أَذِنَ فِي بَيْعِهِ، (أَوْ) لَمْ يُشْرَطْ (رَهْنَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ هُنَا بِيَوْمِ) أَيْ فِي يَوْمِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ) وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى التَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ فِي الْحَالِّ أَيْ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ فِيمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعْلَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ) وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ كَانَ حَالًّا قُضِيَ مِنْ ثَمَنِهِ وَحُمِلَ إذْنُهُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ فِي غَرَضِهِ لِمَجِيءِ وَقْتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُطْلِقْ الْإِذْنَ، بَلْ قَالَ: بِعْهُ وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ) وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَا عَقْدٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ لَكِنْ فِي ق ل أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِالْوِلَادَةِ، لَا بِالْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ تَوَقَّفَ الْبُطْلَانُ فِيهِ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ نَفَذَ الِاسْتِيلَادُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ إذَا كَانَ مُوسِرًا، بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَغْرَمُ فِيهِ الْقِيمَةَ رَهْنًا، وَهُنَا لَا غُرْمَ فَرُوعِيَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ قَدْ بَطَلَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَاعْتَمَدَ زي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِالْوِلَادَةِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ ق ل. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ التَّعْجِيلَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ، وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ وَلَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا، فَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ، فَإِنْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ: بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ بَطَلَ الْإِذْنُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ بِإِسْقَاطِ فَائِدَةِ الْأَجَلِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى الشَّرْطَ بِأَنْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي بَيْعِهِ لِتَعْجَلَ، وَنَوَى بِهِ الشَّرْطَ لَا الْعِلَّةَ الْغَائِبَةَ، فَكَذَلِكَ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ، بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاشْتِرَاطَ وَلَا الْعِلَّةَ الْغَائِبَةَ صَحَّ الْإِذْنُ وَالْبَيْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ، أَمَّا فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ جَعْلُ الثَّمَنِ رَهْنًا بَطَلَ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ الْمَرْهُونُ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ فَثَمَنُهُ رَهْنٌ، فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، فَإِذَا شُرِطَ جَعْلُهُ رَهْنًا كَانَ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ وَشَغْلًا لِلْمَشْغُولِ، وَهُوَ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ هَذَا الْإِذْنُ، فَإِنْ شُرِطَ كَوْنُهُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ فَعِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، وَعِنْدَ م ر يَبْطُلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ رَهْنِ الْمَجْهُولِ أَيْ: مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ شَيْءٌ صَحَّ الْإِذْنُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ إلَى الْوَفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>