للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّبْكِيُّ وَفِي جَوَازِ الْقَطْعِ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابِ الرُّوحِ، لِهَذَا الْغَرَضِ الْيَسِيرِ قَالَ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى خَشِيَ مِنْ قَطْعِهِ التَّلَفَ امْتَنَعَ الْقَطْعُ، إلَّا أَنْ تَغْلِبَ السَّلَامَةُ وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ عَلَى ذَلِكَ، (لَا الْفَصْدُ وَالْحَجْمُ) لِلْمَرْهُونِ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِمَا، فَلَا يَمْتَنِعَانِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَصَالِحِ الرَّهْنِ (وَ) لَا (خَتْنٌ لَمْ يَضِرْ) بِأَنْ يَخْتِنَهُ فِي وَقْتِ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ مَا يَخَافُ مِنْ الْخِتَانِ مَعَهُ، وَكَأَنْ يَنْدَمِلَ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ لَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَالْغَالِبُ مِنْهُ السَّلَامَةُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ وَكَانَ فِيهِ نَقْصٌ امْتَنَعَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ.

(وَجَازَ) يَعْنِي نَفَذَ (إعْتَاقُ) الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ بِالْقِيمَةِ لِلرَّقِيقِ الْمَرْهُونِ، (وَإِيلَادُ) الرَّاهِنِ (الَّذِي أَيْسَرَ بِالْقِيمَةِ) لِلْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ كَمَا يَسْرِي ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ بَقَاءِ الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَتَصِيرُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ الْقِيمَةِ نَفَذَ ذَلِكَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَمَحَلُّ نُفُوذِ الْعِتْقِ إذَا لَمْ يُعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَيْ: إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ، وَإِلَّا فَهِبَةٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ مَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَانْتَقَلَتْ الْعَيْنُ إلَى وَارِثِهِ فَأَعْتَقَهَا عَنْ مُورِثِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَرْهَنْهُ وَلَكِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مَرْهُونًا وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ مُورِثِهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ.

وَعَلَّلَهُ، بِأَنَّ إعْتَاقَهُ كَإِعْتَاقِهِ انْتَهَى. وَفِي وُرُودِ الثَّانِيَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيَّ لَا الشَّرْعِيِّ، وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِعَجْزِهِ، وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فِي صُورَةِ الْإِيلَادِ وَالْأَمَةُ حَامِلٌ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ، وَإِذَا وَلَدَتْ فَحَتَّى تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ وَتُوجَدَ مُرْضِعَةٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَيَهْلِكَ الْوَلَدُ ثُمَّ لَا يُبَالِي بِالتَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ لِلضَّرُورَةِ، إذْ الْوَلَدُ حُرٌّ وَبَيْعُهُ مُمْتَنِعٌ ثُمَّ إنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ بِيعَتْ كُلُّهَا، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ بِيعَ الْكُلُّ لِلضَّرُورَةِ وَإِذَا بِيعَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ يَنْدَمِلَ قَبْلَ الْحُلُولِ) أَوْ مَعَهُ

(قَوْلُهُ وَجَازَ إعْتَاقُ إلَخْ)

(فَرْعٌ) بَاعَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ عَتَاقَةٍ لَكِنَّهُ بَيْعٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الرَّاهِنِ م ر. (قَوْلُهُ يَعْنِي نَفَذَ) أَيْ وَلَمْ يَحْرُمْ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي النَّذْرِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي هَذَا الْبَابِ بِحُرْمَتِهِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ الْمُوسِرِ بِالْقِيمَةِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ فَقَدْ بَحَثْت أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِيَسَارٍ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ وَيُوفَى حَالًّا قَالَ: فَعَلَى هَذَا الْمُعْتَبَرُ عِنْدِي أَيْ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَالدَّيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَتَصِيرُ) فِي عَطْفِهِ بِالْفَاءِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ رَهْنًا قَبْلَ الْغُرْمِ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ تَعْبِيرُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: وَتَصِيرُ مِنْ حِينِ عَدَمِهَا رَهْنًا، بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِيهِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ: بَعْدَ فَصْلِ أَرْشِ الْمَرْهُونِ: وَقِيمَتِهِ إنْ ضُمِنَ رَهْنٌ، وَلَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي مَا نَصُّهُ: ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ مَا ذُكِرَ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مَرْهُونًا إلَّا بِالْغُرْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا أَعْتَقَهُ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْكَمَ بِرَهْنِيَّتِهَا فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي ثُمَّ رَأَيْت نَقْلَ ذَلِكَ عَنْ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَرَأَيْت الشَّارِحَ مَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَقَالَ: وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ، بِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي اهـ.

وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ جَعَلَ فَائِدَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَدْرُ الْقِيمَةِ قَامَ مَا خَلَّفَهُ مَقَامَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيُقَدَّمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ اهـ. وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ، بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَا خَلْفَهُ فَيَلْزَمُ انْتِقَالُ الرَّهْنِيَّةِ مِنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَحَصَلَ الِانْتِقَالُ فِي الْحَيَاةِ وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِمَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا قَدْرَ الْقِيمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ) بِسُؤَالِهِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِسُؤَالِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: سُؤَالُهُ أَوْ غَيْرُهُ حَجَرٌ ش ع.

(قَوْلُهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا بِرّ (قَوْلُهُ وَفِي وُرُودِ الثَّانِيَةِ نَظَرٌ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورِثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ وَفِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيَّ لَا غَيْرِهِمَا، ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ اهـ. قُلْت وَكَذَا الْأُولَى، إذْ لَا يَصْدُقُ فِيهَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ غَيْرِ الرَّاهِنِ حَتَّى يُرَدَّ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فِي صُورَةِ الْإِيلَادِ) أَيْ مِنْ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) قَدْ يُقَالُ: أَيُّ حَاجَةٍ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْوَلَدُ هُنَا حُرٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ) فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ نَقَصَهَا التَّشْقِيصُ أَيْ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ قَالَ: بِخِلَافِ غَيْرِهَا قَالَ: فِي شَرْحِهِ أَيْ مِنْ نَحْوِ رَقِيقٍ رُهِنَ بِخَمْسِينَ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَكَانَ لَا يُشْتَرَى نِصْفُهُ إلَّا بِأَرْبَعِينَ وَيُشْتَرَى الْكُلُّ بِمِائَةٍ، فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقَطْعُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) إلَّا إذَا كَانَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِعْتَاقُ عَنْهُ كَالْبَيْعِ مِنْهُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورِثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ الْمُعْسِرُ) أَيْ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>