(الْهِبَهْ) لِلْمَرْهُونِ لِفَوْتِ التَّوَثُّقِ، (وَسَفَرٌ بِهِ) ، وَإِنْ قَصُرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَظَاهِرٌ: أَنَّهُ لَوْ جُلِّيَ أَهْلُ الْبَلَدِ لِخَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ كَانَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ. (كَبِالْمَنْكُوحَةِ) أَيْ: لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الزَّوْجِ سَفَرُهُ بِمَنْكُوحَتِهِ إذَا كَانَتْ (فِي الرِّقِّ) لِفَوْتِ حَقِّ السَّيِّدِ، بِخِلَافِ السَّيِّدِ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالرَّقَبَةِ، وَلِئَلَّا يَتَقَاعَدَ عَنْ تَزْوِيجِهَا، وَبِخِلَافِ الْحُرَّةِ لِزَوْجِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، إذْ لَا يَفُوتُ بِالسَّفَرِ حَقُّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ.
(وَ) امْتَنَعَ عَلَيْهِ (الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) لِلْمَرْهُونِ كَبَيْعِهِ، وَخَرَجَ بِالصَّحِيحَةِ الْمَزِيدَةِ عَلَى الْحَاوِي الْفَاسِدَةُ، فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ اُعْتُدَّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، لَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَاطِيهَا؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ. هَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالصَّحِيحَةِ، بَلْ هُوَ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا الرَّاهِنُ لَا تَكُونُ إلَّا فَاسِدَةً.
(كَذَا) يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ (انْتِفَاعٌ) بِالْمَرْهُونِ، إنْ (ضَرَّ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَ ذَلِكَ عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ، فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَقْلَعْ قَبْلَ الْحُلُولِ وَبَعْدَهُ يَقْلَعُ، إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ بِالدَّيْنِ وَزَادَتْ بِالْقَلْعِ، وَلَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِ مَا فَعَلَهُ، فَإِنْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ بِيعَا وَوُزِّعَ الثَّمَنُ كَمَا فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا، أَمَّا انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ لَا يَنْقُصُ بِهِ، فَلَا يَمْتَنِعُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» وَلِخَبَرِ: «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ، (وَ) امْتَنَعَ عَلَيْهِ (الْقَطْعُ الْخَطِرْ) لِسِلْعَةٍ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ مِنْ الْمَرْهُونِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ وَلَمْ يَغْلِبْ فِي الْقَطْعِ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ فَكَانَ كَجُرْحِهِ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنْ كَانَ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ أَيْضًا أَوْ غَلَبَ فِي الْقَطْعِ السَّلَامَةُ، أَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا امْتِنَاعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْضُهُ صَرِيحًا وَبَعْضُهُ اقْتِضَاءً، وَقَوْلُ الْمُهَذَّبِ: يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ إنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَطَرٌ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ فِي الْقَطْعِ السَّلَامَةُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ خَطَرُ الْقَطْعِ أَكْثَرَ امْتَنَعَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا أَوْ اسْتَوَيَا، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَإِلَّا امْتَنَعَ.
قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَاجِبٌ اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةِ) اُنْظُرْ شَرْطَ الْيَسَارِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَوْ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَ ذَلِكَ) فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، وَقَالَ افْعَلْ وَاقْلَعْ عِنْدَ الْحُلُولِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِالْقَلْعِ وَلَا طَالَتْ مُدَّتُهُ أَيْ زَمَنًا لَهُ أُجْرَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِهِ قُلِعَ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ وَعْدٌ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا لَا يَشْفِي حَجَرٌ ح
(قَوْلُهُ أَمَّا انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّ إلَخْ) وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ الْجَائِزِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ. شَرْحُ. رَوْضٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ خَطَرُ الْقَطْعِ أَكْثَرَ وَلَمْ تَغْلِبْ السَّلَامَةُ، وَلَا وَجْهَ لِلْجَوَازِ حِينَئِذٍ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا اسْتَوَى الْخَطَرَانِ، وَشَرْطُهُ غَلَبَةُ السَّلَامَةِ فِي الْقَطْعِ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ وَغَلَبَتْ بِالْوَاوِ بِدُونِ أَلِفٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْت وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَقَوْلُ الْمُهَذَّبِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي: مَا إذَا كَانَ خَطَرُ الْقَطْعِ أَكْثَرَ، وَمَا إذَا اسْتَوَيَا فَهُوَ مُنَافٍ لِنُسَخٍ أَوْ غَلَبَ بِالْأَلِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
لِأَنَّهَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) فِي الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَلَوْ عُلِّقَ عِتْقُ الْمَرْهُونِ بِصِفَةٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ فَوُجِدَتْ، وَقَدْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِأَنْ انْفَكَّ مَعَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَهُ، عَتَقَ إذْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الرَّهْنِ إلَّا التَّعْلِيقُ وَلَا يَضُرُّ، أَوْ وُجِدَتْ، وَهُوَ رَهْنٌ فَكَالْإِعْتَاقِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ م ر عَلَى مَا نَقَلَهُ سم وَكَلَامُ حَجَرٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ لَا وُجُودِ الصِّفَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ بَقَاءِ الْيَسَارِ إلَى وُجُودِ الصِّفَةِ فَحَرِّرْهُ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَ ذَلِكَ) فَإِنْ الْتَزَمَ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُورِثَ قَلْعُهُمَا نَقْصًا، وَأَنْ لَا تَطُولَ مُدَّتُهُ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ ع ش: وَيَقْرُبُ أَنَّ الْمُضِرَّ نَقْصٌ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْلَعْ قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ (قَوْلُهُ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ) قَالَ م ر: وَحُسِبَ النَّقْصُ عَلَيْهِمَا ت هـ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ فَارِغَةً مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهَا مَعَهُمَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا عَشَرَةً، وَمَجْمُوعُ الْقِيمَتَيْنِ ثَلَاثُونَ، فَالنِّسْبَةُ بِالثَّلَاثِينَ وَالثُّلُثِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ اهـ. مِنْ هَامِشٍ، وَعِبَارَةُ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ: فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ خَالِيَةً عِشْرِينَ وَمَعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ بِيعَا مَعًا بِثَلَاثِينَ فَاَلَّذِي يَخُصُّ الْأَرْضَ: الثُّلُثَانِ، وَالْبِنَاءَ مَعَ الْغِرَاسِ: الثُّلُثُ لِحُسْبَانِ النَّقْصِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ دُونَ الْأَرْضِ، فَلَوْ حُسِبَ عَلَيْهِمَا لَخَصَّ الْأَرْضَ النِّصْفُ وَهُمَا النِّصْفُ اهـ. ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ مَا فِيهَا، وَإِلَّا كُلِّفَ الْقَلْعَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا) ، فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ وَحْدَهَا حَاضِنَةً لَهُ؛ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ فَيُقَالُ: قِيمَتُهَا مِائَةٌ ثُمَّ تُقَوَّمُ مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَالُ: قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، فَالزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ سُدُسٌ فَقِسْطُ الْجَارِيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَ فِي الْقَطْعِ السَّلَامَةُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ، بَلْ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ لَكِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فَيَجُوزُ