للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(وَقَدْرِ مَرْهُونٍ وَمَرْهُونٍ لَهُ) أَيْ: لِأَجْلِهِ أَوْ لَهُ بِمَعْنَى: بِهِ، كَمَا عُبِّرَ بِهِ فِي الْقَضَاءِ كَالْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَيْ: وَحَلَّفُوا جَاحِدًا قَدْرَ مَرْهُونٍ أَوْ قَدْرَ مَرْهُونٍ بِهِ، وَهُوَ الرَّاهِنُ فِيهِمَا كَأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأُولَى: رَهَنْتنِي الْأَرْضَ بِشَجَرِهَا فَيَقُولَ الرَّاهِنُ: بَلْ بِدُونِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ: رَهَنْته بِأَلْفَيْنِ فَيَقُولَ الرَّاهِنُ: بَلْ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي الْأُولَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ رَدِّهِ الْمَرْهُونَ لِلرَّاهِنِ: رَهَنْتنِي عَبْدًا وَاحِدًا وَيَقُولَ الرَّاهِنُ: بَلْ عَبْدَيْنِ.

(قُلْت: وَهَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَحَلَفُوا إلَى هُنَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ (فِي الْقَضَاءِ ذَكَرَهْ فَهُوَ مِنْ الْمَعْدُودِ فِيمَا كَرَّرَهْ) ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ النَّظْمِ: وَالرَّهْنِ وَالْمَعْطُوفَاتِ بَعْدَهُ، النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْبَيْعِ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى لَفْظِهِ

(وَالْيَدُ) عَلَى الْمَرْهُونِ بَعْدَ اللُّزُومِ (مَعْ) كَوْنِهَا يَدَ (أَمَانَةٍ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (لِلْمُرْتَهِنْ) ، أَمَّا كَوْنُهَا لَهُ؛ فَلِأَنَّ قِوَامَ التَّوَثُّقِ بِهَا، وَلَوْ شَرْطًا وَضْعُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا جَازَ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، إذْ رُبَّمَا لَا يَثِقُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَيَثِقَانِ بِثَالِثٍ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَمَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ طِفْلَةً، أَوْ كَانَ هُوَ امْرَأَةً أَوْ أَجْنَبِيًّا ثِقَةً وَعِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ وُضِعَتْ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ عَدْلٍ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْخُنْثَى كَالْأَمَةِ لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَوْ ارْتَهَنَ الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ الْحَرْبِيُّ سِلَاحًا، وُضِعَ عِنْدَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهَا أَمَانَةً فَلِخَبَرِ: «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ أَيْ: مِنْ ضَمَانِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ.

(وَشَرْطُهُ عَارِيَّةُ الْمَرْهُونِ إنْ شَهْرٌ مَضَى أَوْ بَيْعُهُ) أَيْ: وَشَرْطُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ عَارِيَّةَ الْمَرْهُونِ أَوْ بَيْعُهُ مِنْهُ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مَثَلًا فِيهِمَا وَقَبْضِهِ لَهُ، (نَضْمَنُهْ) لَهُ بِذَلِكَ (مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ: الشَّهْرِ (وَقَبْلَهُ نَسْتَأْمِنُهْ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ قَبْلَ الشَّهْرِ بِحُكْمِ فَاسِدِ الرَّهْنِ لِتَأْقِيتِهِ، وَبَعْدَهُ بِحُكْمِ فَاسِدِ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْبَيْعِ لِتَعْلِيقِهِمَا، وَالْأَصْلُ: أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا قَالَ: (وَكَالصَّحِيحِ كُلُّ عَقْدٍ فَسَدَا ضَمَانًا أَوْ فَقْدَ ضَمَانٍ أَبَدَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمَهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا، فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدِ بَيْعٍ أَوْ إعَارَةٍ مَضْمُونٌ وَبِفَاسِدِ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي: وَفَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْمَعْدُودِ إلَخْ) أُجِيبَ بِمَنْعِ التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَذْكُورَةٌ هُنَا لِبَيَانِ مَنْ يُصَدَّقُ، وَفِي الْقَضَاءِ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ، وَأَنَّهَا عَلَى الْبَتِّ أَوْ نَفْيِ الْعِلْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْجَارِيَةِ، وَفِي الْبَيَانِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَوَاضِحٌ أَوْ كَبِيرًا وُضِعَ عِنْدَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، لَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ شَرْحٌ. رَوْضٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَهَنَ الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا) وَيَسْتَنِيبُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا فِي الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهُ مِنْهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ أَوْ طِفْلَةً) أَيْ لَا تُشْتَهَى م ر. (قَوْلُهُ ثِقَةٍ) رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ ثِقَةً ع ش وَقِ ل. (قَوْلُهُ أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ) وَكَذَا وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهَا قَبْلُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُوضَعُ إلَخْ) وَقَالَ زي: لَا يُوضَعُ إلَّا عِنْدَ مَحْرَمٍ أَوْ مَمْسُوحٍ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ رَجُلٍ وَلَا أُنْثَى، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ مَعَ جَوَازِ الْخَلْوَةِ حِينَئِذٍ، لَوْ كَانَ رَجُلًا. (قَوْلُهُ أَوْ مُصْحَفًا) أَيْ مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ حَرْفًا بِقَصْدِهِ (قَوْلُهُ وُضِعَ عِنْدَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ) وَيَجِبُ تَوْكِيلُهُ أَيْضًا فِي قَبْضِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا ق ل. وَقِيلَ: يَجِبُ فِي الْمُصْحَفِ فَقَطْ فَيَقْبِضُ الْكَافِرُ الْعَبْدَ وَالْحَرْبِيُّ السِّلَاحَ، ثُمَّ يُنْزَعُ مِنْهُ قَالَ الْمَدَابِغِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ وَكَالصَّحِيحِ إلَخْ) قَالَ م ر: الْمُرَادُ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ نَفْسِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَعَدَمَهُ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا كَأُجْرَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ وَالشَّرِيكِ، فَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مِنْ نَحْوِ الْغَاصِبِ يَكُونُ مَا ارْتَهَنَهُ مَضْمُونًا مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، فَخَالَفَ الْفَاسِدُ الصَّحِيحَ فِي هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِ الْعَيْنِ وَيُجَابُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ ذَلِكَ الْعَقْدُ كَصَحِيحِهِ، وَالضَّمَانُ هُنَا لَيْسَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ رَهْنًا، وَإِلَّا لَزِمَ الضَّمَانُ فِي كُلِّ رَهْنٍ فَاسِدٍ، بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ غَصْبًا؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ هُنَا كَيَدِ الْغَاصِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ، بَلْ بِالضَّمَانِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ ضَمَانًا إلَخْ) الْمُرَادُ التَّسْوِيَةُ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي قَدْرِهِ كَصَحِيحِ الْبَيْعِ يُضْمَنُ بِالثَّمَنِ وَفَاسِدِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ، وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي الضَّامِنِ أَيْضًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَلِيُّ لِلطِّفْلِ عَلَى عَمَلٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>