للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَلَبُ تَحْوِيلِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُؤْتَمَنِ إلَى غَيْرِهِ بِسَبَبِ فِسْقِهِ أَوْ زِيَادَةِ فِسْقِهِ، وَكَذَا بِضَعْفِهِ عَنْ الْحِفْظِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ حُدُوثِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِ التَّحْوِيلِ، فَإِنْ تَشَاحَّا فِيمَنْ يُحَوَّلُ عِنْدَهُ حَوَّلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ، فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا التَّحْوِيلَ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ مَاتَ فَلِلرَّاهِنِ تَحْوِيلُهُ.

(وَبَاعَ) الْمُؤْتَمَنُ جَوَازًا (مَرْهُونًا بِإِذْنٍ سَبَقَا) مِنْ الرَّاهِنِ لَهُ فِي بَيْعِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُشْتَرَطُ إذْنُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ غَرَضُهُ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْمُهْلَةَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ فَقَدْ يَسْتَبْقِي الْمَرْهُونَ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلُهُمَا فِيمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ: بِخِلَافِ الرَّاهِنِ أَيْ: عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ، وَقَالَ: الْأَصَحُّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فَطَرِيقَتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ إذْنِهِمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ مُوَافَقَتُهُ وَبِهِ، جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَا أَذِنَا لَهُ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ، وَالْعِرَاقِيُّونَ فَرَضُوهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ، فَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ.

وَالرَّافِعِيُّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ الطَّرِيقَيْنِ: فَتَأَمَّلْ بُعْدَ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَظُنُّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى كَلَامَ الْعِرَاقِيِّينَ مُصَوَّرًا فِي الِاشْتِرَاطِ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ، وَالْجَوَابُ: إنَّ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ.

(وَهُوَ لِرَاهِنٍ وَكِيلٌ) أَيْ: وَالْمُؤْتَمَنُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَكِيلٌ فِيهِ لِلرَّاهِنِ، فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ لَا بِعَزْلِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، نَعَمْ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ، وَزَادَ (مُطْلَقَا) تَكْمِلَةً وَتَأْكِيدًا وَإِذَا قَبَضَ الْمُؤْتَمَنُ الثَّمَنَ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

إذَا غَرِمَهُ الْمُرْتَهِنُ تَكْلِيفُ الرَّاهِنِ قَضَاءَ الدَّيْنِ لِفَكِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَمَحَلُّهُ إنْ حَلَّ الدَّيْنُ فِيمَا يَنْبَغِي، وَبَقِيَ مَا لَوْ رَدَّهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَغَرِمَهُ الرَّاهِنُ وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِبُرْئِهِ لِفَكِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنْ لَا يُوضَعَ عِنْدَ عَدْلٍ إلَّا بِرِضَا الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَصْلِ الْإِقْبَاضِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ اهـ.

وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ كَانَ الْعَدْلُ نَائِبًا عَنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ نَائِبٌ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الشَّرْعِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْمُرْتَهِنُ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ، فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ حِينَئِذٍ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْإِقْبَاضِ وَبِهِ يُعْلَمُ حَمْلُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ فِي الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ، وَمِثْلُهُ رَهْنُ التَّبَرُّعِ قَوْلُنَا: إذَا تَشَاحَّا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ جَبْرِ الرَّاهِنِ، بَلْ إنْ شَاءَ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْلِيمُهُ إلَى عَدْلٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ اهـ. وَمُرَادُهُ يُقْبَلُ الْقَبْضُ أَيْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ حَجَرٌ وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ إلَخْ كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ بِقَبْضِ الْعَدْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي حَاشِيَةِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ

(قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ إذْنُهُ قَطْعًا) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ إذْنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يُحْتَجْ لِإِذْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْلَقْ بِهِ فِي مِلْكِهِ، إلَّا إنْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِالْإِيلَادِ أُمَّ وَلَدٍ اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ) أَيْ مِنْ الْعُدُولِ فِي الشَّهَادَةِ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَتَدْخُلُ الْمَرْأَةُ وَمِثْلُ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَصَرَّفَ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ، أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَصَرُّفًا نَاقِصًا كَالْمُكَاتَبِ، بِخِلَافِ الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ تَصَرُّفًا تَامًّا فَيَضَعُهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ) فَإِنْ تَبَيَّنَ رُجُوعُهُ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ إذْنُهُ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَذِنَ قَبْلُ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ لَا، وَبِهِ جَزَمَ زي وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى قَوْلِ الْجَلَالِ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُشْتَرَطُ إذْنُهُ قَطْعًا، هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ وُجِدَ إذْنُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، فَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْإِمْهَالُ أَوْ الْإِبْرَاءُ. (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ) أَيْ فَفِي اسْتِئْذَانِ الرَّاهِنِ خِلَافٌ أَمَّا الْمُرْتَهِنُ، فَلَا يُسْتَأْذَنُ قَطْعًا. (قَوْلُهُ فَرَضَ الْكَلَامَ إلَخْ) هُوَ بَعِيدٌ مَعَ تَعْلِيلِهِ، بِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَا أَذِنَا لَهُ) لَكِنَّ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ إذْنٌ بَعْدَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ) أَيْ: فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ مُصَوَّرًا فِي الِاشْتِرَاطِ) أَيْ حَيْثُ صَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ: بِأَنَّهُ لَوْ شُرِطَ بِضَمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>