لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا لَهُ طَلَبُ بَيْعِهِ (مُقَدَّمَا بِثَمَنٍ) لَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانُوا، وَإِنْ حُجِرَ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنَّمَا يُطْلَبُ بَيْعُهُ (حَلَّ) الدَّيْنُ وَلَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهِ (وَأُجْبِرَ) مِنْ جَبَرَهُ عَلَى كَذَا أَيْ: أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ أَيْ: وَأَجْبِرْ أَيُّهَا الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ أَوْ بَيْعِ الْمَرْهُونِ (إنْ أَبَى) أَيْ: امْتَنَعَ (عَنْ بَيْعِهِ وَعَنْ أَدَا مَا وَجَبَا) عَلَيْهِ، كَمَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ فِي الْبَيْعِ أَوْ يُبْرِئَ إذَا أَبَى عَنْ الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ، وَأَرَادَ الرَّاهِنُ بَيْعَهُ وَفِي نُسْخَةٍ بُدِّلَ هَذَا الْبَيْتِ بِثَمَنٍ حَلَّ، فَإِنْ أَبَى الْأَدَاءَ وَالْبَيْعَ فَالْقَاضِي بِجَبْرٍ أَنْجَدَا، (فَإِنْ أَصَرَّ) الرَّاهِنُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ وَبَيْعِ الْمَرْهُونِ (بِعْهُ) أَيُّهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَأَدِّ الْوَاجِبَ مِنْ ثَمَنِهِ، كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا حَاكِمَ هُنَاكَ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِنَفْسِهِ كَمَنْ ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ
(تَنْبِيهٌ) لَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِئْذَانِ، وَقَضِيَّتُهُ: تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ (لَا التَّصَرُّفُ) أَيْ: لِلْمُرْتَهِنِ مَا مَرَّ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْمَرْهُونِ قَوْلًا كَالْعِتْقِ أَوْ فِعْلًا كَالرُّكُوبِ، إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا حَقُّ التَّوَثُّقِ وَمَا يَتْبَعُهُ، (فَوَطْؤُهُ) لِلْمَرْهُونَةِ بِغَيْرِ ظَنِّ حِلِّهِ (زِنًا) كَوَطْءِ الْمُكْتَرِي، فَيُوجِبُ الْحَدَّ وَيُوجِبُ الْمَهْرَ مَا لَمْ تَكُنْ مُطَاوِعَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ وَفَرْعُهَا مِنْهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، (وَلَا يَخْتَلِفُ) الْحَالُ فِي أَنَّ وَطْأَهُ بِغَيْرِ ظَنِّ الْحِلِّ زِنًا (بِإِذْنِهِ) أَيْ: الرَّاهِنِ، فَلَوْ ادَّعَى مَعَ الْإِذْنِ جَهْلَ التَّحْرِيمِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ نَشَأَ مُسْلِمًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ، (أَمَّا) إذَا وَطِئَهَا (بِظَنِّ الْحِلِّ) ، بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (فَشُبْهَةٌ) أَيْ: فَوَطْؤُهُ شُبْهَةٌ (تُوجِبُ) عَلَيْهِ (مَهْرَ الْمِثْلِ) ، مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، (وَ) تُوجِبُ (قِيمَةَ الْفَرْعِ) ، إنْ أَوْلَدَهَا بِشُبْهَةٍ لَا تَقْتَضِي رِقَّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ نَسِيبٌ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الزِّنَا كَمَا مَرَّ.
(وَمَنْ قَدْ اُؤْتُمِنَ إنْ رَدَّ دُونَ إذْنِ وَاحِدٍ ضَمِنْ لَهُ) أَيْ: وَاَلَّذِي ائْتَمَنَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ لِوَضْعِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ، لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ إذْنِ الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ، إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ لِلْآخَرِ بِبَدَلِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَرَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمَرْدُودِ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ جَاءَ الْكَلَامُ فِي التَّقَاصِّ (وَبِالْفِسْقِ، وَلَوْ بِالزَّائِدِ تَحْوِيلُهُ مِنْهُ لِكُلِّ وَاحِدِ) أَيْ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْخَذُ الظَّفَرَ فَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ، بَلْ لَوْ كَانَ مِنْ نَوْعِ حَقِّهِ وَصِفَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ مَمْنُوعٌ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنَّ لَهُ الْبَيْعَ، وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ، بِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ، فَلَا يُخْشَى فَوَاتُهُ فَاشْتُرِطَ لِظَفَرِهِ الْعَجْزُ بِخِلَافِ ذَاكَ يُخْشَى الْفَوَاتُ لَوْ صَبَرَ لِلْبَيِّنَةِ فَجَازَ لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ لَوْ بَاعَهُ) أَيْ لِغَرَضِ الْوَفَاءِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ) لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُوضَعُ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَضْعَ الرَّهْنِ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ بِيَدِهِ، وَفَوَاتُ الْعَيْنِ لَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْبَدَلِ بِغَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ رَدَّهُ لِجِهَةِ الْمُرْتَهِنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ انْقِطَاعِ حَقِّهِ بِالتَّلَفِ، وَأَنَّهُ يُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ مَنْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، فَلَا إشْكَالَ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي يَدِ الْمَرْهُونِ أَوْ جُزْئِهِ الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ جَاءَ الْكَلَامُ فِي التَّقَاصِّ) إنْ كَانَ الرَّدُّ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ وَلِلْعَدْلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) فِي سم وَحَجَرٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى اتَّهَمَهُ أَشْهَدَ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُشْتَهِرًا بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ إنْ أَبَى) اعْلَمْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ يُخَيَّرُ الْحَاكِمُ بَيْنَ إجْبَارِهِ عَلَى الْبَيْعِ، وَبَيْنَ أَنْ يَتَوَلَّاهُ هُوَ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي ع ش فَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَرَّ بِعْهُ الْإِصْرَارُ فِيهِ قَيْدٌ فِي تَعَيُّنِ تَوَلِّيهِ لِلْبَيْعِ فَقَطْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِعْهُ أَيُّهَا الْحَاكِمُ) وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَإِلَّا بَاعَ غَيْرَهُ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ خَالَفَ الْمَصْلَحَةَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمَحَلُّ بَيْعِ غَيْرِهِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُوفَى بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فِي غَيْبَتِهِ) وَلَوْ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَالْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. م ر (قَوْلُهُ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ بِإِشْهَادٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ كَالظَّافِرِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الظَّفَرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِتَمَامِ الشَّبَهِ
(قَوْلُهُ وَيُوجِبُ الْمَهْرَ إنْ أَكْرَهَهَا) وَكَذَا إنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً وَتَجْهَلُ الْحُرْمَةَ، وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبِكْرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَنُوزِعَ فِيهِ، بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْغَصْبِ وَالْوَاجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ اهـ. ق ل، وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ الْوَاطِئَ هُنَا لَمَّا كَانَ مُسْتَنِدًا لِشُبْهَةِ الرَّهْنِ أُلْحِقَ بِالْمُشْتَرِي شِرَاء فَاسِدًا، وَهُوَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ مَعَ مَهْرِ الْبِكْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ، وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْإِتْلَافُ بِغَيْرِ إذْنٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُ مِثْلِهِ يَجْهَلُ ذَلِكَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ إذْ قَدْ يَخْفَى إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ خَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ ق ل. (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) أَيْ تَحْرِيمَ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ أَوْ تَحْرِيمَ الزِّنَا حَيْثُ قُبِلَ، بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْحَلَالَ مِنْ الْحَرَامِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ) وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لَنَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَيْ بِذَلِكَ الْحُكْمِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَتُوجِبُ قِيمَةَ الْفَرْعِ) أَيْ لِلرَّاهِنِ الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ بَعْدُ لَمْ تَصِرْ