للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا غَرِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِهِ (كَأَكْلِهِ) أَيْ كَمَا سُنَّ إتْيَانُهُ بِالْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ أَكْلِهِ (وَوَسَطًا) يَعْنِي فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ، أَوْ أَكْلِهِ (إنْ أَهْمَلَهْ) ، أَوْ لَا، وَلَوْ عَمْدًا تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَوْلُهُ: إنْ أَهْمَلَهُ، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ نَسِيَ، وَإِنْ جُعِلَ نَسِيَ بِمَعْنَى تَرَكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: ١٢٦] نَعَمْ تَأْخِيرُ أَصْلِهِ الْأَكْلَ عَنْ الْوَسَطِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَسَطَ الْأَكْلِ بِلَا عِنَايَةٍ وَخَرَجَ بِالْوَسَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ الْفَرَاغُ فَلَا بَسْمَلَةَ بَعْدَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا وَهِيَ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةُ عَيْنٍ وَفِي الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ (وَ) سُنَّ لَهُ (صُحْبَةُ النِّيَّةِ) أَيْ اسْتِصْحَابُهَا ذِكْرًا كَالصَّلَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِئَلَّا يَخْلُوَ عَمَلُهُ عَنْهَا حَقِيقَةً، أَمَّا اسْتِصْحَابُهَا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (مِنْ أُولَى السُّنَنْ) لَوْ قَالَ وَمَنْ كَانَ، أَوْلَى وَأَوْلَاهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الِاسْتِيَاكُ ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ، ثُمَّ الْمَضْمَضَةُ، ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ فَأُولَاهَا التَّسْمِيَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ بِأَنْ يَقْرِنُ النِّيَّةَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يَقْرُنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ قَرْنَهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يُعْقَلُ التَّلَفُّظُ مَعَهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ وَبِالْجُمْلَةِ مَتَى تَرَكَ النِّيَّةَ، أَوْ لَا لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِخِلَافِ نَاوِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ضَحْوَةً؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا صَحَّ بَعْضُهَا صَحَّ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ (وَ) سُنَّ لَهُ (غَسْلُ كَفَّيْهِ) ثَلَاثًا قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا، أَوْ لَمْ يُرِدْ غَمْسَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيُسْتَكْرَهُ أَنْ يُدْخِلَ) أَيْ وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْخِلَهُمَا (ظَرْفًا) فِيهِ مَاءٌ، أَوْ نَحْوُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا (إنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا) لِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ وَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ فِي الْمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ (إنْ كَثْرَةُ الْمَاءِ تَنْتَفِي) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَهُمَا وَبِخِلَافِ نَحْوِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ، وَلَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ، فَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي انْتِفَاؤُهَا بِوَاحِدَةٍ لِتَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا كَمَا لَا كَرَاهَةَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا ابْتِدَاءً.

وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينِ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا، فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ كَأَكْلِهِ) لَكِنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْأَكْلِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْإِنَاءُ الْمَأْكُولُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِك الْآكِلُونَ فِي الْأَكْلِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَوْ كَثُرُوا كَمَا فِي الْأَسْمِطَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَارَبَ الْآكِلُونَ فَيَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ أَوْ يَتَبَاعَدُوا فَلَا يَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ عَمَّنْ بَعُدَ عَنْهُ وَأَنْ يَفْصِلَ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْأَوَانِي وَالْآكِلِينَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي الْأَكْلِ مِنْ كُلِّ إنَاءٍ فَيَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ وَأَنْ يَخْتَصَّ كُلٌّ بِإِنَاءٍ فَلَا يَكْفِي تَسْمِيَةُ غَيْرِهِ، وَلَوْ سَمَّى غَيْرُ الْآكِلِ فَهَلْ يَكْفِي عَنْ الْآكِلِ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا بَسْمَلَةَ بَعْدَهُ) قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ اهـ.

وَأُيِّدَ بِحَدِيثِ الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ،، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَذْكُرْ اللَّهَ فِي آخِرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْآكِلِ الْمُتَعَدِّدِ وَهُوَ سُنَّةُ عَيْنٍ لِلْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: اسْتِصْحَابُهَا ذُكْرًا) بِضَمِّ الذَّالِ.

(قَوْلُهُ وَأُولَاهَا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. .

(قَوْلُهُ: فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ) وَظَاهِرٌ أَنَّ وُجُوبَهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ إنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ: التَّشْبِيهُ بِالْقَرْنِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ قَرْنُ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ لَكِنْ هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ كَمَا يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ وَعِنْدِي أَنَّ اسْتِحْبَابَهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ بَعْدَ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ الَّتِي مَعَ التَّسْمِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُدْخِلَهُمَا) يَنْبَغِي أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ كُلِّ مَا شَكَّ فِي طُهْرِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ وَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا فِي كَرَاهَةِ الْإِدْخَالِ قَبْلَ الْغَسْلِ ثَلَاثًا.

(قَوْلُهُ ثَلَاثًا) وَكَذَا سَبْعًا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِي الْمُغَلَّظَةِ لَا تِسْعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهَا تَثْلِيثٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَصَابَ يَدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي غَمَسَ غَيْرَهُ فِيهِ حَيْثُ كُرِهَ الْغَمْسُ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا) أَيْ ابْتِدَاءً

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ وُضُوئِهِ) الْأَثْنَاءُ تَضَاعِيفُ الشَّيْءِ وَخِلَالُهُ وَاحِدُهَا ثِنْيٌ بِكَسْرِ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ.

مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ نَسِيَ) ، لَكِنَّهَا عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيسَ بِمَا فِيهَا مَا فِي مَعْنَاهُ اهـ.

مَجْمُوعٌ.

(قَوْلُهُ الْفَرَاغُ) أَيْ: مِنْ الْوُضُوءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالدُّعَاءِ بَعْدَهُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ، فَإِنْ نَسِيَ أَيْ التَّسْمِيَةَ فِي أَوَّلِهَا أَيْ الطَّهَارَةِ وَذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَى بِهَا وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، فَإِنْ سَهَا عَنْهَا سَمَّى مَتَى ذَكَرَ إنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الْوُضُوءَ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الطَّهَارَةِ لَمْ يُسَمِّ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا اهـ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُقَالُ لَهُ طَهَارَةٌ فَتَدَبَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>