بِالْقَلِيلِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا، لَمْ يَتَعَلَّقْ الْأَرْشُ بِالْقَاتِلِ بِحَالٍ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّقْلِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ وَاتَّحَدَ الدَّيْنَانِ قَدْرًا، نُقِلَ مِنْ ثَمَنِهِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ قَدْرُ قِيمَتِهِ وَبَقِيَ الْبَاقِي بِحَالِهِ.
وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْأَكْثَرُونَ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ، وَكَانَا بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَاوَاهُ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ فِي الْوَسِيطِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعْنًى مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ، وَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَعَدَمِهِ، بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عِوَضَ مَا يُتَوَقَّعُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ، (وَإِنَّمَا يَنْفَكُّ بَعْضٌ) مِنْ الْمَرْهُونِ عَنْ الرَّهْنِ دُونَ بَعْضٍ، (إنْ وُجِدْ تَعَدُّدٌ) إمَّا (فِي دَائِنٍ) أَيْ: رَبِّ الدَّيْنِ كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنِهِمَا عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ الدَّيْنَانِ إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْكَمَالِ لِلْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اتِّحَادِ الدَّيْنَيْنِ وَاخْتِلَافِهِمَا مِثَالُهُ: قِيمَةُ الْقَتِيلِ مِائَةٌ وَرُهِنَ بِعَشَرَةٍ، وَقِيمَةُ الْقَاتِلِ مِائَتَانِ وَرُهِنَ بِعَشَرَةٍ أَوْ عِشْرِينَ اهـ. لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا حَصَلَتْ فَائِدَةٌ فِي النَّقْلِ كَهَذَا الْمِثَالِ، فَلَوْ فُرِضَ فِيهِ أَنَّ الْقَاتِلَ مَرْهُونٌ بِمِائَتَيْنِ فَلَا نَقْلَ؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ مِائَةً مَرْهُونَةً بِعَشَرَةٍ وَمِائَةً مَرْهُونَةً بِمِائَتَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَنْفَكُّ إلَخْ) زَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَنْفَكُّ أَيْضًا بِفَكِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ) كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنِهِمَا عَلَيْهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ أَيْ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا يُشْكِلُ، بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ: وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ اهـ. وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ مِنْ الْجَوَابِ بِمُنَافَاتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ أَنْ أَجَابَ: بِأَنَّ مَا يَخُصُّهُ مِمَّا قَبَضَهُ يَنْفَكُّ بِقَدْرِهِ فَقَطْ مِنْ حِصَّتِهِ الْمَرْهُونَةِ.
وَأَقُولُ: فِي كُلٍّ مِنْ اعْتِرَاضِهِ وَجَوَابِهِ بَحْثٌ، أَمَّا اعْتِرَاضُهُ؛ فَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مَا هُنَا صُورَةُ مَا إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ قَدْرَ حِصَّتِهِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ يُشْكِلُ إلَخْ لَا أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يُجَابُ: بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي أَشْكَلَتْ مَحَلُّهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْأَخْذِ، إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ الدَّيْنِ وَلَا غُبَارَ عَلَى هَذَا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَابُ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّوْضِ الَّذِي هُوَ مَشْرُوحُهُ، فَإِنَّهُ لَا تَعْمِيمَ فِيهِ فَيُمْكِنُ تَخْصِيصُهُ. لَا يُقَالُ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ غَيْرُ مُخْلَصٍ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ عَدَمَ الِانْفِكَاكِ بِالْأَخْذِ فِي صُورَةِ الِاتِّحَادِ، وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُفِيدُ الِانْفِكَاكَ بِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي خُصُوصِ الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُحْمَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا عَلَى الْإِبْرَاءِ، وَأَمَّا جَوَابُهُ فَلِأَنَّهُ فِي حِصَّتِهِ الْمَرْهُونَةِ كَالْغَرِيمِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ الرَّهْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الرَّاهِنَيْنِ يَكُونُ بِدُونِ جَعْلٍ، وَفِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الدَّيْنَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ مَعْنَى نَقْلِ الْوَثِيقَةِ: أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ بِتَرَاضِيهِمَا أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَحْوَ قَوْلِ الرَّاهِنِ: نَقَلْت الْوَثِيقَةَ مِنْ دَيْنِ كَذَا إلَى دَيْنِ كَذَا وَقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ: قَبِلْت كَذَا فِي ع ش وَزَيّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّقْلِ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: هُوَ مُشْكِلٌ، إذْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ مِائَةٍ أَوْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ مِائَتَيْنِ وَالْقَاتِلِ مِائَةً، وَكَانَ الْقَتِيلُ مَرْهُونًا بِعَشَرَةٍ وَالْقَاتِلُ بِعِشْرِينَ كَانَ فِي النَّقْلِ حِينَئِذٍ فَائِدَةٌ، وَهِيَ التَّوَثُّقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الدَّيْنَيْنِ بِمَا لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، لَكِنْ هَلْ يُنْقَلُ الزَّائِدُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ عَلَى دَيْنِهِ؟ أَوْ قَدْرُ دَيْنِ الْقَتِيلِ فَقَطْ مِنْهَا؟ قَالَ: ثُمَّ عَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَوَافَقَ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ سِبْطُ طب بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْجِنَايَةِ هُوَ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ، فَيَكُونُ الْمَنْقُولُ بِتَمَامِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ بِمَا هُوَ عَلَى طَرِيقَةِ هَذَا الْإِشْكَالِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ، وَهِيَ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ نُقِلَ مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهِ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. وَانْظُرْ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا اهـ. لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي أَنَّ قِيمَتَهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِدْرَاكُ كَمَا ذَكَرَهُ بِرّ، وَالْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ لِغَرَضٍ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ قَدْرُ قِيمَتِهِ) قَالَ ق ل: أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا مِمَّا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْقَاتِلِ، إنْ كَانَ دَيْنُ الْقَتِيلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَفِيهِ أَنَّ مُقَابِلَ الْجِنَايَةِ هُوَ قَدْرُ قِيمَتِهِ فَقَطْ وَلَا وَجْهَ لِنَقْلِ الزَّائِدِ اهـ. سِبْطُ طب.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْأَكْثَرُونَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ضَامِنٌ، فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِمَّا لَهُ ضَامِنٌ إلَى الْآخَرِ لِيَتَوَثَّقَ بِالدَّيْنَيْنِ أُجِيبَ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ اهـ. مَعْنًى. (قَوْلُهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ إلَخْ)