للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ بَقِيَ عَبْدٌ مِنْ اثْنَيْنِ اتَّزَنْ هَذَا بِهَذَا) أَيْ: تَسَاوَيَا قِيمَةٌ (وَبَقِيَ نِصْفُ الثَّمَنْ) عَلَى الْمُفْلِسِ، (فَصَاحِبُ الْمُفْلِسِ إنْ شَا) ضَارَبَ بِبَاقِي الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ شَاءَ (أَخَذَا عَلَى الْجَدِيدِ مِنْهُمَا هَذَا) أَيْ: أَخَذَ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ (بِذَا) أَيْ: بِالْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ، وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّالِفِ، كَمَا لَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ وَأَخَذَ خَمْسِينَ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَالْبَاقِي مِنْهُمَا مَرْهُونٌ بِالْبَاقِي مِنْ الْمِائَةِ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ التَّعَلُّقَ بِكُلِّ الْعَيْنِ، إنْ بَقِيَ كُلُّ الْحَقِّ، فَكَذَا بِالْبَاقِي إنْ بَقِيَ بَعْضُهُ، وَمُقَابِلُ الْجَدِيدِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: قَوْلٌ قَدِيمٌ: إنَّهُ لَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ، بَلْ يُضَارِبُ بِبَاقِي الثَّمَنِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأُجِيبَ عَنْهُ، بِأَنَّهُ مُرْسِلٌ هَذَا، وَلَكِنَّ الْجَدِيدَ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ.

وَالثَّانِي: قَوْلٌ مُخَرَّجٌ: إنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ الْآخَرَ، وَهُوَ رُبْعُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَبِيعِ فَيَتَوَزَّعُ الْمَقْبُوضُ وَالْبَاقِي عَلَى الْعَبْدَيْنِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَهَذَا أَقْيَسُ، وَلَوْ قَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْعَبْدَيْنِ رَجَعَ فِي نِصْفِهِمَا لَا فِي أَحَدِهِمَا بِكَمَالِهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا، ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَفِي الْكِرَى) لِلدَّابَّةِ لِحَمْلِ مَتَاعٍ (يَنْقُلُهُ) الْمُؤَجِّرُ لَهَا وُجُوبًا، إذَا فَسَخَ الْإِجَارَةَ بِالْإِفْلَاسِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ (مِنْ مَهْلَكَهْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا أَيْ: مَفَازَةٍ (لِمَأْمَنٍ) لِئَلَّا يَضِيعَ، (وَعِنْدَ قَاضٍ تَرَكَهْ) فِي الْمَأْمَنِ وُجُوبًا، إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُكْتَرِيَ ثَمَّةَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: فَلَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَوَجْهَانِ كَنَظَائِرِهِ، أَمَّا إذَا وَجَدَ الْمُكْتَرِيَ ثَمَّةَ فَيُسَلِّمُهُ لَهُ، (وَ) فِي كِرَى الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ إذَا فُسِخَ بَعْدَهُ بِالْإِفْلَاسِ (زَرْعُهُ بَقَّى) وُجُوبًا إلَى وَقْتِ حَصَادِهِ، نَعَمْ إنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى قَطْعِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ قُطِعَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَكَانَ لِمَا يُقْطَعُ قِيمَةً أُجِيبَ مِنْ طَلَبِ الْقَطْعِ، وَإِلَّا فَمَنْ طَلَبَ الْإِبْقَاءَ (بِأَجْرٍ) أَيْ: نَقَلَ الْمُؤَجِّرُ الْمَتَاعَ، وَبَقِيَ الزَّرْعُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (قُدِّمَا) أَيْ: وَقُدِّمَ (بِهِ عَلَى كُلِّ غَرِيمٍ فِيهِمَا) أَيْ: فِي صُورَةِ نَقْلِ مَتَاعِ الْمُفْلِسِ وَتَبْقِيَةِ زَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لِصِيَانَةِ مَالٍ وَإِيصَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ.

(وَقُدِّمَتْ) أَيْضًا (مَصَالِحٌ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ (لِلْحَجْرِ) كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالدَّلَّالِ عَلَى حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ، (وَلْيَبْقَ) الزَّرْعُ إلَى وَقْتِ حَصَادِهِ (فِي الْمَبِيعِ) أَيْ: فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، إذَا فَسَخَ بَائِعُهَا بِالْإِفْلَاسِ (دُونَ أَجْرِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى أَنْ تُحَصَّلَ لَهُ الْمَنَافِعُ بِلَا عِوَضٍ، فَلَمْ يَحْسُنْ إلْزَامُهُ بَدَلَهَا، بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَلِأَنَّ مَوْرِدَ الْبَيْعِ الرَّقَبَةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ لِلْبَائِعِ بِالْفَسْخِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ، فَإِذَا لَمْ يَأْخُذْ الْأُجْرَةَ لَمْ تَحْصُلْ فَائِدَةُ الْفَسْخِ (وَإِنْ بَنَى مَنْ اكْتَرَى أَوْ غَرَسَا) أَيْ: وَإِنْ بَنَى الْمُكْتَرِي أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ اكْتَرَاهَا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِإِفْلَاسِهِ، (وَالْغُرَمَاءُ اتَّفَقُوا وَالْمُفْلِسَا) بِنَصْبِهِ، بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ الْغُرَمَاءَ اتَّفَقُوا مَعَ الْمُفْلِسِ (فِي الْقَلْعِ) أَيْ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (يُقْلَعْ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ، وَيَجِبُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ، وَأُجْرَةِ الْقَلْعِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ يُقَدَّمُ بِهَا مُسْتَحِقُّهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ، (أَوْ يَقُولُوا) أَيْ: الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ أَيْ: وَإِنْ قَالُوا لِلْمُؤَجِّرِ: (لَا) نَقْلَعْهُمَا (رَجَعْ) فِي الْأَرْضِ (وَيَبْذُلُ الْقِيمَةَ عَنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ غَرَضَ الرَّافِعِيِّ مِنْ التَّخْرِيجِ مُجَرَّدُ تَوْجِيهِ الرُّجُوعِ بِالزِّيَادَةِ دَعْ رُجُوعَهَا إلَيْهِ يَضُرُّهُ أَوْ يَنْفَعُهُ بِرّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ شَيْئًا وَبَقِيَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، بَلْ لَوْ بَقِيَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فِي بَعْضِهِ مُكِّنَ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْفَسْخِ فِي كُلِّهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ رَجَعَ الْأَبُ فِي بَعْضِ مَا وَهَبَ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ هُنَا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ لَا يَبْقَى، بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ، فَلَا أَثَرَ لِتَفْرِيقِهَا فِيهِ إلَخْ اهـ. وَكَمَا قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَإِنْ بَاعَ عَيْنَيْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي إحْدَاهُمَا اهـ. أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ لَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الشَّرْحِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ نِصْفِهِ.

(قَوْلُهُ فَوَجْهَانِ كَنَظَائِرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَصَحُّ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَطْعَ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْطُوعِ قِيمَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَكَانَ وَجْهُ النَّظْمِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَرِيمٌ آخَرُ، وَقَدْ يَظْهَرُ فَلَمْ يُعْلَمْ بِمَحْضِ الْحَقِّ لَهُمْ حَتَّى يَجُوزَ لَهُمْ الْفِعْلُ الْمُنْقِصُ. (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ غَرِيمٍ فِيهِمَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إلَّا قَدْرُ زَمَنِ نَقْلِ الْمَتَاعِ إلَى الْمَأْمَنِ وَزَمَنِ الْحَصَادِ، وَفَائِدَةُ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ التَّقَدُّمُ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ بِأَرْشِ مَبِيعٍ وَجَدَهُ نَاقِصًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَدَثَ بَعْدَ الرُّجُوعِ حَجَرٌ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ مِنْ عَبْدَيْنِ اشْتَرَاهُمَا وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ النِّصْفُ) أَيْ وَقُبِضَ النِّصْفُ (قَوْلُهُ لِخَبَرٍ) لَفْظُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ صُورَةِ التَّلَفِ، بَلْ يَأْتِي مَعَ بَقَائِهِمَا وَقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ) أَيْ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ بَقِيَ الْكُلُّ أَوْ تَلِفَ الْبَعْضُ. (قَوْلُهُ قَوْلٌ مُخْرِجٌ) أَيْ عَلَى الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ تَلِفَ نِصْفُهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَرُبْعِ قِيمَةِ الْعَيْنِ، وَفُرِّقَ بِانْحِصَارِ حَقِّهِ هُنَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْبَدَلِ فَيَلْزَمُ ضَرَرُ الْبَائِعِ اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ وَيَبْذُلُ الْقِيمَةَ) عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>