أَوْ فِسْقٍ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَفَادَةٌ بِالتَّفْوِيضِ فَلَا تَعُودُ إلَّا بِتَفْوِيضٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ فَلَوْ تَصَرَّفَا بِلَا تَفْوِيضٍ نُقِضَ قَالَ الْقَفَّالُ: إلَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الشَّخْصُ كَرَدِّ الْوَدَائِعِ، وَالْغُصُوبِ
(وَفِي الشُّفْعَةِ) أَيْ وَلْيَتَصَرَّفْ الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ بِالْغِبْطَةِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ وَفِي الشُّفْعَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ بِهَا (، أَوْ أَنْ يُهْمِلَا) أَيْ يَتْرُكَهَا وَلَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ أَنْ يُغَيِّرَ مَا فَعَلَهُ الْوَلِيُّ بِالْغِبْطَةِ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ التَّرْكِ بِهَا وَلَوْ اسْتَوَى الْأَخْذُ، وَالتَّرْكُ لَمْ يَأْخُذْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ (لَا) فِي (الْعِتْقِ) لِرَقِيقِ مَحْجُورِهِ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَيْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ (وَ) لَا فِي (الْقِصَاصِ) الثَّابِتِ لِمَحْجُورِهِ عَفْوًا، أَوْ اسْتِيفَاءً إذْ قَدْ يَخْتَارُ مَحْجُورُهُ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ غَيْرَ مَا اخْتَارَهُ هُوَ. نَعَمْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الْأَرْشِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ إذْ لَا غَايَةَ لِلْجُنُونِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (وَ) لَا فِي (الطَّلَاقِ) وَلَوْ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ وَلَا يَهَبُ مَالَهُ وَلَوْ بِثَوَابٍ إلَّا إذَا كَانَ الثَّوَابُ مَعْلُومًا بِغِبْطَةٍ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهَا إذَا قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ كَانَتْ بَيْعًا وَلَا يَصْرِفُهُ لِلْمُسَابِقَةِ وَلَا يَشْتَرِي لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مُرْبِحًا وَلَا يَدْفَعُ نَفَقَةَ قَرِيبِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ قَبْلَ طَلَبِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ طِفْلًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْإِرْسَالِ كَزَمِنٍ فَيَدْفَعَهَا بِلَا طَلَبٍ وَكَذَا الزَّكَاةُ وَنَحْوُهَا وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا يَظْهَرُ شِرَاءُ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ (بَلْ إنْ كَانَ) الْوَلِيُّ (ذَا فَقْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَكَلْ) أَيْ أَكَلَ جَوَازًا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ بِالْمَعْرُوفِ إنْ انْقَطَعَ بِسَبَبِهِ عَنْ الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] .
وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ وَإِنَّمَا خَصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ (وَ) إذَا جَازَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ (قِيلَ يَسْتَبِدُّ) أَيْ يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ حَاكِمٍ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيلُ وَكَلَامُهُمْ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ (مِنْ غَيْرِ) رَدِّ (بَدَلْ) لِمَا اسْتَبَدَّ بِهِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ كَالْإِمَامِ إذَا أَخَذَ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (مِنْ قَدْرِ إنْفَاقٍ وَأَجْرٍ بِالْأَقَلْ) أَيْ يَسْتَبِدُّ بِالْأَقَلِّ مِنْ قَدْرِ النَّفَقَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَسْتَبِدُّ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةٌ عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتَمِّمُونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَ الْعَمَلِ أَوْلَى وَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُوَاكِلَهُ بِخَلْطِ الْمَالِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَذَلِكَ لِلْمُسَافِرِينَ أَجْوَزُ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلْمُسَامَحَةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ لَهُمْ وَدَلَائِلُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ كَثِيرَةٌ وَقَوْلُ النَّظْمِ وَقِيلَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَحِفْظِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَالسَّفِيهِ
(قَوْلُهُ: فَيَدْفَعُهَا بِلَا طَلَبٍ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ طَلَبِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّكَاةُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَا وَنَفَقَةِ مُمَوَّنِهِ إنْ طَلَبَ اهـ (قَوْلُهُ: قِيلَ يَسْتَبِدُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةِ أَنَّ الْأَجْرَ قَدْ لَا يَنْقُصُ عَنْ النَّفَقَةِ مَعَ أَنَّ مِنْ لَازِمِهِ النَّقْصَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا الْأَقَلَّ فَلَا يَأْخُذُ الْأَجْرَ إلَّا إنْ كَانَ أَقَلَّ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُسَاوِي النَّفَقَةَ فَالتَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ قُلْت هَذَا لَا يَتَنَاوَلُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَانُوا فُقَرَاءَ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْقِيلُ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ إنْ كَانَ ذَا فَقْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُوَاكِلَهُ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هَذَا إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالْفِسْقِ وَانْعَزَلَ كُلٌّ حَتَّى الْإِمَامُ بِجُنُونٍ وَنَحْوِ إغْمَاءٍ وَعَادَ أَبٌ وَجَدٌّ انْعَزَلَ بِأَحَدِهِمَا بِعَوْدِ ضِدِّهِ لَا نَحْوُ قَاضٍ وَوَصِيٍّ
(قَوْلُهُ: بِالْغِبْطَةِ) لَوْ عَبَّرَ بِالْمَصْلَحَةِ كَانَ أَوْلَى إذْ لَا يَمْتَنِعُ إلَّا شِرَاءُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ، وَلَا ضَرَرَ بِخِلَافِ شِرَاءٍ لِمَصْلَحَةٍ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْغِبْطَةِ وَهِيَ الْبَيْعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ، وَالْمَصْلَحَةُ أَعَمُّ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مُتَوَقَّعِ الرِّبْحِ. اهـ. شَرْحُ إرْشَادٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِالْغِبْطَةِ) فَلَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ بِهَا الْوَلِيُّ بِلَا غِبْطَةٍ كَانَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ الْأَخْذُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ تَكْفِيرَ الْوَلِيِّ بِالْعِتْقِ جَائِزٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَفَّارَةً مُرَتَّبَةً لِغِلَظِ جِنَايَةِ الْقَتْلِ.
وَالتَّكْفِيرُ بِالْعِتْقِ قَدْ يَكُونُ رَادِعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ رَقِيقَهُ يَعْتِقُ عَنْ كَفَّارَتِهِ ارْتَدَعَ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِهِ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَلَا يَرِدُ الْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ يَرْدَعُهُ وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ غَيْرِ الْعِتْقِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ مُمْتَنِعٌ فِي الْمُخَيَّرَةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ) كَكِتَابَةٍ وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ شَرْحُ إرْشَادٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْعَبْدِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ حَيْثُ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْفَعُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ م ر (قَوْلُهُ: كَزَمِنٍ) وَكَذَا لَوْ كَانَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ وَاضْطُرَّ وَلَمْ يُطَالِبْ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إعْطَاؤُهُ، وَلَا ضَمَانَ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَعْرُوفٍ) أَيْ قَدْرِ النَّفَقَةِ وَهَذَا مُخْتَارُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ قَدْرِ إنْفَاقٍ إلَخْ) مُخْتَارُ النَّوَوِيِّ