بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ مَنْ تَلَقَّاهُ مِنْ الْغُرَبَاءِ مَعَ أَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ عَدَمُ الرُّشْدِ فِي الدِّينِ، وَالْمَالِ. وَجَمِيعُ مَا تَقَرَّرَ فِي الطِّفْلِ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يَأْتِي فِي الْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ سَفِيهًا وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ تَشْمَلُهُ
(وَلْيَتَصَرَّفْ) وُجُوبًا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (غِبْطَةً) أَيْ بِالْغِبْطَةِ بِمَعْنَى الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ كَأَنْ يَرْغَبَ فِي عَقَارِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَالْوَلِيُّ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (أَبٌ) لَهُ (فَجَدْ) أَيْ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ.
وَيُشْتَرَطُ ظُهُورُ عَدَالَتِهِمَا وَفِي الِافْتِقَارِ إلَى ثُبُوتِهَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمَا وَمَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ الْكَافِرَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ: إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا نُقِرُّهُمْ وَنَلِي نَحْنُ أَمْرَهُمْ وَإِلَّا أَقْرَرْنَاهُمْ، وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لِمَا قَبْلَهُ (ثُمَّ الْوَصِيُّ) أَيْ وَصِيُّ الْأَبِ ثُمَّ وَصِيُّ الْجَدِّ (ثُمَّ حَاكِمُ الْبَلَدْ) أَيْ بَلَدِ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِآخَرَ فَالْمُتَصَرِّفُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِالْحِفْظِ، وَالتَّعَهُّدِ وَبِالتَّصَرُّفِ بِالْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ وَإِنْ انْصَانَ بِإِجَارَةٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِلتَّنْمِيَةِ وَأَنْ يُنَصِّبَ قِيَمًا لِذَلِكَ وَجْهَانِ قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُلَاحِظَ مَكَانَ الْيَتِيمِ دُونَ الْمَالِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ صَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَأَفَادَتْ عِبَارَةُ النَّاظِمِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مُتَقَدِّمٌ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا نَعَمْ لِلْعَصَبَةِ كَالْأَخِ، وَالْعَمِّ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ فِي تَأْدِيبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ: وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ، وَيَشْتَرِي لَهُ الْعَقَارَ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رُبْعِهِ الْكِفَايَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غِبْطَةٌ لِثِقَلِ الْخَرَاجِ، أَوْ جَوْرِ السُّلْطَانِ، أَوْ إشْرَافِ الْمَوْضِعِ عَلَى الْخَرَابِ، أَوْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ غَيْرَ ثِقَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ دُورَهُ بِالْآجُرِّ، وَالطِّينِ لَا بِالْجِصِّ، وَاللَّبِنِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: جَوَّزَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْبِنَاءَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ. قَالَ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ. وَقَدَّمْت فِي الرَّهْنِ أَنَّ لِلْقَاضِي إقْرَاضَ مَالِ مُوَلِّيهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا غِبْطَةَ فِيهِ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: إذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ الْحَاكِمُ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُمَا (وَلَمْ يَعُودَا) أَيْ الْوَصِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَلِيَّيْنِ (بِإِفَاقَةٍ) لَهُمَا مِنْ الْجُنُونِ (وَلَا تَوْبٍ) أَيْ وَلَا بِتَوْبَةٍ مِنْ الْفِسْقِ بَعْدَ زَوَالِ وِلَايَتِهِمَا بِجُنُونٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلْيَتَصَرَّفْ غِبْطَةً إلَخْ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَلَا يَبِيعُ أَيْ الْوَلِيُّ بِعَرْضٍ وَنَسِيئَةٍ إلَّا لِمَصْلَحَةِ وَيُشْهِدُ عَلَى النَّسِيئَةِ وَزِيَادَتِهَا وَيَرْهَنُ رَهْنًا وَافِيًا وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ: السُّبْكِيُّ وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ: وَقَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا وَكَلَامُ الْأَصْلِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَفِي وُجُوبِ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ بِالْعَدَالَةِ لِيُسَجَّلَ بِهِمَا وَجْهَانِ زَادَ فِي شَرْحِهِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: يَكُونُ بِالْحِفْظِ إلَخْ) لَا كَتِجَارَةٍ وَاسْتِنْمَاءٍ وَنَصْبِ قَيِّمٍ لَهُمَا بَلْ ذَلِكَ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْأَوَّلِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ إلَخْ ج ج د.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَعْصِيَةُ) أَيْ الْعَدْلُ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: غَيْرَ ثِقَةٍ) قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرُ فَيُمْنَعُ الشِّرَاءَ مِنْهُ لِلْمَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُنْظَرْ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الثِّقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ غَيْرَ ثِقَةٍ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَقَارِ لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضِ فِي غَيْرِ فَصْلِ مَسْأَلَةِ الْعَقَارِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: غَيْرَ ثِقَةٍ) فَقَدْ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِالْآجُرِّ وَالطِّينِ) ، وَالْوَجْهُ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ الْبِنَاءَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُسَاوِيَ مَا صُرِفَ عَلَيْهِ حَيْثُ اسْتَيْسَرَ ذَلِكَ خِلَافًا لِاشْتِرَاطِ ابْنِ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الْحِلِّ فِي شَرْحِهِ تَنْبِيهُ شَيْخِهِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ صَوْغُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لِمُوَلِّيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهُ وَأَنْ يَصْبُغَا لَهَا الثِّيَابَ، وَيُقَطِّعَاهَا تَرْغِيبًا فِي نِكَاحِهَا وَيُتَّجَهُ أَنَّ كُلَّ وَلِيٍّ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) الْوَجْهُ جَوَازُ اتِّبَاعِهَا عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ م ر (وَلَهُ، وَالْمَجْنُونِ) يَنْبَغِي
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) أَيْ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْقَاضِي لَهُمَا عَلَى الْوِلَايَةِ أَمَّا لَوْ طَلَبَا مِنْهُ التَّسْجِيلَ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ: إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. سم بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوَصِيُّ) ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ إلَّا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ سَوَاءٌ التَّسْجِيلُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَكَانُ الْيَتِيمِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ عَقَارٌ فِي بَلَدِ قَاضِي الْمَالِ كَانَتْ وِلَايَةُ إجَارَتِهِ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِ دُونَ قَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِالْآجُرِّ وَالطِّينِ) مُعْتَمَدٌ سَوَاءٌ كَانَ عَادَةُ الْبَلَدِ، أَوْ لَا م ر وَفِي الْحَاشِيَةِ عَنْهُ اعْتِبَارُ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْجِصِّ) سَوَاءٌ كَانَ مَعَ لَبِنٍ وَآجُرٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الِانْهِدَامِ بِخِلَافِ الطِّينِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَاكِمُ) ، أَوْ وُجِدَ وَكَانَ غَيْرَ أَمِينٍ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُودَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ: وَانْعَزَلَ كُلٌّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَتَّى الْقَاضِي بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute