للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَالِكَهَا الْأُجْرَةُ وَإِنْ ثَبَتَ الْجِدَارُ لِغَيْرِ مَالِكِهَا. قَالَ الْفُورَانِيُّ: فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهَا إلَّا أَنْ يَغْرَمَ قِيمَةَ مَا يُتْلِفُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَارَهُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِوَضْعِهَا انْتَهَى.

، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ ثَمَّةَ أَوْ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا

(تَنْبِيهٌ)

لَوْ كَانَ الْجِدَارُ مَبْنِيًّا عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ مِنْهَا فِي مِلْكِ الْآخَرِ شَيْءٌ فَالْخَشَبَةُ لِمَنْ طَرَفُهَا فِي مِلْكِهِ، وَالْجِدَارُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا تَحْتَ يَدِهِ ظَاهِرًا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ، ثُمَّ نَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ خَالِيًا عَنْ احْتِمَالٍ (وَ) لَا لِلَّذِي اخْتَصَّ بِنَاؤُهُ (بِنَحْوِ وَجْهِهِ وَمَعْقِدِ الْقِمْطِ) الْكَائِنِ (بِهِ وَشِبْهِهِ) ، وَالْمُرَادُ بِوَجْهِ الْبِنَاءِ مَا يَكُونُ بِبَاطِنِهِ مِنْ الطَّاقَاتِ، وَالْمَحَارِيبِ وَنَحْوِهَا وَبِنَحْوِهِ مَا يَكُونُ بِظَاهِرِهِ مِنْ الصُّوَرِ، وَالْكِتَابَاتِ وَنَحْوِهَا، وَالْقِمْطُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَهُوَ حَبْلٌ رَقِيقٌ يُشَدُّ بِهِ الْجَرِيدُ وَنَحْوُهُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا أَنْظُرُ إلَى مَنْ إلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَلَا الدَّوَاخِلُ وَلَا أَنْصَافُ اللَّبِنِ وَلَا مَعَاقِدُ الْقِمْطِ قَالُوا: فَالْخَوَارِجُ الْكِتَابَاتُ الَّتِي بِظَاهِرِ الْبِنَاءِ، وَالدَّوَاخِلُ الطَّاقَاتُ الَّتِي بِبَاطِنِهِ وَأَنْصَافُ اللَّبِنِ أَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ مِنْ لَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ فَتُجْعَلُ الْأَطْرَافُ الصِّحَاحُ إلَى جَانِبٍ، وَمَوَاضِعُ الْكَسْرِ إلَى جَانِبٍ، وَمُعَاقَدُ الْقِمْطِ يَكُونُ فِي الْغُرُودِ وَنَحْوِهَا فَيَكُونُ الْوَجْهُ الْمُسْتَوِي مِنْ الدَّاخِلِ، وَالْعَقْدُ مِنْ الْخَارِجِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ عَلَامَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فَلَا تُغَيَّرُ بِأَسْبَابٍ ضَعِيفَةٍ، مُعْظَمُ الْقَصْدِ بِهَا الزِّينَةُ كَالتَّخْصِيصِ، وَالتَّزْوِيقِ.

وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَمَعْقِدُ الْقِمْطِ بِهِ وَشِبْهِهِ مَعْلُومٌ مِنْ لَفْظِهِ " نَحْوُ " فَلَوْ قَالَ كَمَعْقِدِ الْقِمْطِ بِهِ وَشَبَهِهِ كَانَ أَوْلَى

(، وَالْيَدُ) فِي الدَّابَّةِ (لِلرَّاكِبِ) لَهَا (دُونَ السَّائِقِ وَمُمْسِكِ اللِّجَامِ، وَالْعَانِقِ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِيلَاءً عَلَيْهَا مِنْهُمْ وَذِكْرُ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (، وَالْيَدُ فِي الْأُسِّ) وَهُوَ الْعَرْصَةُ الَّتِي عَلَيْهَا الْبِنَاءُ لَا الْبِنَاءُ النَّازِلُ فِي الْأَرْضِ (لِذِي) أَيْ لِصَاحِبِ (الْجِدَارِ) الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأُسِّ دُونَ الْمُنَازِعِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ عَلَى الْعَرْصَةِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَفَارَقَ الْجُذُوعَ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُ وَضْعَهَا عَلَى جِدَارِ الْغَيْرِ قَهْرًا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فِي عَرْصَتِهِ وَبِأَنَّ عَلَامَةَ الِاشْتِرَاكِ ظَاهِرَةٌ فِي الْجِدَارِ فَإِنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمِلْكَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْجُذُوعِ عَلَامَةُ اخْتِصَاصٍ وَإِنَّمَا فِيهَا زِيَادَةُ انْتِفَاعٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَكَانَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا دَارًا بِيَدِهِمَا وَأَمْتِعَةُ أَحَدِهِمَا فِيهَا أَكْثَرُ لَا يُرَجَّحُ بِهَا جَانِبُهُ

(وَعَرْصَةٌ لِلْخَانِ أَوْ لِلدَّارِ) بِزِيَادَةِ الدَّارِ عَلَى الْحَاوِي أَيْ: وَالْيَدُ فِي عَرْصَةِ الْخَانِ، أَوْ الدَّارِ إذَا كَانَ أَعْلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ (لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ لَا سِوَاهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى (حَيْثُ) كَانَ (بِدِهْلِيزِهِمَا) بِكَسْرِ الدَّالِ (مَرْقَاهُ) أَيْ مَرْقَى صَاحِبِ الْأَعْلَى لِاخْتِصَاصِ صَاحِبِهِ بِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

بِاسْتِحْقَاقِهِ دَائِمًا إلَخْ. اهـ. فَقَوْلُهُ هُنَا، يَجُوزُ الْقَلْعُ مَعَ الْأَرْشِ، مُنَافٍ لِذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ فِيمَا هُنَا أَيْضًا أَنْ يُقْضَى بِاسْتِحْقَاقِهِ أَبَدًا وَلَا أُجْرَةَ، وَامْتِنَاعِ الْقَلْعِ بِالْأَرْشِ سَوَاءٌ قُضِيَ بِالْجِدَارِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْجُذُوعِ أَوْ لَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ وَجِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالتَّكَلُّفِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جُهِلَ حَالُ الْجُذُوعِ قُضِيَ بِاسْتِحْقَاقِ وَضْعِهَا أَبَدًا وَامْتِنَاعِ الْقَلْعِ بِالْأَرْشِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ أَمْ شَرِيكٍ وَإِنْ عَلِمَ كَيْفِيَّةَ وَضْعِهَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ وَضْعَهَا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ تَخَيَّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ قَلْعِهَا بِالْأَرْشِ، وَالْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ إنْ كَانَ مَالِكُهَا أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ شَرِيكًا امْتَنَعَ بِالْأَرْشِ، وَأَمَّا التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ فَلَا يَتَأَتَّى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلِمْتَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَقَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَالِكَهَا الْأُجْرَةُ مَمْنُوعٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ وَجْهِهِ) بِأَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ لِجِهَةِ بِنَائِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعْقِدُ) أَيْ بِكَسْرِ الْقَافِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْمُ مَكَان وَهُوَ فِيمَا مُضَارِعُهُ مَكْسُورُ الْعَيْنِ عَلَى مَفْعَلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا يَكُونُ بِظَاهِرِهِ) الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْبَاطِنِ وَهُوَ وَجْهُ الْحَائِطِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْقِدُ مِنْ الْخَارِجِ) فَلَا يَرْجِعُ مِنْ الْوَجْهِ الْمُسْتَوِي لِجِهَةِ إثْبَاتِهِ فَكَانَ قَوْلُهُ: وَمَعْقِدُ الْقِمْطِ عَلَى مَعْنًى، وَالْمُسْتَوِي مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُغَيَّرُ) أَيْ الْعَلَامَةُ

(قَوْلُهُ: لِلرَّاكِبِ دُونَ السَّائِقِ) وَلَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَقَطْ فَالْيَدُ لِلْقَائِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ رَكِبَهَا اثْنَانِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ لَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمِلْكِ تَابِعٌ لِلْيَدِ، وَالْيَدُ عَلَيْهَا لِلرَّاكِبَيْنِ جَمِيعًا وَالضَّمَانُ مَنُوطٌ بِمَنْ يُنْسَبُ سَيْرُهَا إلَيْهِ وَسَيْرُهَا مَنْسُوبٌ إلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ فَلَوْ رَكِبَ اثْنَانِ فِي جَانِبَيْ الدَّابَّةِ فِي مَحْمِلَيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ رَكِبَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ فِي ظَهْرِهَا فَهَلْ الضَّمَانُ أَثْلَاثٌ أَوْ يَخْتَصُّ بِمَنْ فِي ظَهْرِهَا؟ وَهَلْ الْيَدُ لِلثَّلَاثَةِ أَوْ لِمَنْ فِي ظَهْرِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي مِنْهُمَا غَيْرُ بَعِيدٍ إلَّا أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ فِي جَانِبِهَا فِي الْمَحْمِلِ إلَّا مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِيهَا

(قَوْلُهُ: بِدِهْلِيزِهِمَا) أَيْ الْخَانِ وَالدَّارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَالِكَهَا الْأُجْرَةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْقَافِ) وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَجَمْعُ قِمَاطٍ وَهُوَ الْحَبْلُ أَيْضًا (قَوْله فِي الْغُرُودِ) الْغُرُودُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ غَرْدٍ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ: الْخُصُّ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالصَّادِ الْمُشَدَّدَةِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ

(قَوْلُهُ: لَا الْبِنَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِذِي الْجِدَارِ) ؛ لِأَنَّ الْأُسَّ حِينَئِذٍ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ بِدِهْلِيزِهِمَا مِرْقَاةٌ) وَالدِّهْلِيزُ حِينَئِذٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>