للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ وَإِنَّمَا هِيَ مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ أُجِيزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا التَّسَاوِي كَمَا فِي الْقَرْضِ فَالصِّفَةُ (كَأَجَلٍ وَكَسْرِ وَضِدِّ هَذَيْنِ) وَهُوَ الْحُلُولُ، وَالصِّحَّةُ، وَالْقَدْرُ كَعَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ.

وَالْجِنْسُ كَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ فَلَا يَجُوزُ دَرَاهِمُ بِدَنَانِيرَ، أَوْ عَكْسُهُ. وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ، أَوْ ضَامِنٌ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الْآخَرِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ أَحَالَهُ عَلَى دَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ، أَوْ ضَامِنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ بِدَلِيلِ سُقُوطِ حَبْسِ الْمَبِيعِ، وَالزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالزَّوْجُ بِالصَّدَاقِ، قَوْلُهُ: إنْ اسْتَوَى هُوَ بِكَسْرِ " إنْ " كَمَا تَقَرَّرَ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ حُذِفَ الْعَاطِفُ قَبْلَهَا أَيْ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا وَتَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي

(وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا يَجْهَلَا) أَيْ الْمُحِيلُ، وَالْمُحْتَالُ (تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ فِيمَا فُصِّلَا) مِنْ الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ، وَالْجِنْسِ، فَلَوْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ وَإِنْ تَسَاوَى الدَّيْنَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا بِحَالِ الْعِوَضَيْنِ.

وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ اسْتِوَاءُ الْقَدْرِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ إلَى آخِرِهِ

(وَحَوَّلَتْ) أَيْ الْحَوَالَةَ (حَقًّا لِمُحْتَالٍ) أَيْ حَقَّهُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ (إلَى ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ يَحْتَالُ) هُوَ أَيْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيُبَرَّأُ الْمُحِيلُ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ بِالْإِجْمَاعِ (فَلَا رُجْعَى لَهُ) أَيْ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَ (إنْ كَانَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عِنْدَ الْحَوَالَةِ وَجُهِلَ إفْلَاسُهُ (أَوْ قَدْ صَارَا) أَيْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ (مُفْلِسًا، أَوْ تَدَرَّعَ الْإِنْكَارَا) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ تَدَرَّعَ الدِّرْعَ أَيْ لَبِسَهُ، أَوْ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ اتَّخَذَ الْإِنْكَارَ ذَرِيعَةً أَيْ وَسِيلَةً إلَى تَضْيِيعِ حَقِّ الْمُحْتَالِ، يَعْنِي أَوْ أَنْكَرَ الْحَوَالَةَ، أَوْ دَيْنَ الْمُحِيلِ وَذَلِكَ كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَغُبِنَ فِيهِ، أَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخَبَرِ إتْبَاعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْمُلَاءَةِ فِي الْخَبَرِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَقِّهِ رَجَعَ بِهِ.

فَعُلِمَ بِذِكْرِهَا أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ انْتِقَالًا لَا رُجُوعَ بِهِ وَإِنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِهَا حِرَاسَةُ الْحَقِّ، لَا يُقَالُ: بَلْ فَائِدَتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَلِيءِ

؛ لِأَنَّا نَقُولُ تِلْكَ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ عَدَمُ نَدْبِ قَبُولِهَا حِينَئِذٍ فَلَوْ شَرْطَ الرُّجُوعَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ، وَالشَّرْطُ، أَوْ الْحَوَالَةُ فَقَطْ، أَوْ لَا يَصِحَّانِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ بِلَا تَرْجِيحٍ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ لِاقْتِرَانِهَا بِشَرْطٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا وَلَوْ شُرِطَ يَسَارُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا رُجُوعَ أَيْضًا إذْ لَوْ رَجَعَ بِهِ لَرَجَعَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْسَارَ نَقْصٌ فِي الذِّمَّةِ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ سَوَاءٌ شُرِطَتْ السَّلَامَةُ عَنْهُ أَمْ لَا

(وَانْفَسَخَتْ) أَيْ الْحَوَالَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ صِحَّتِهَا (إنْ ثَبَتَ الْمَبِيعُ حُرًّا) فِيمَا (إذَا أَحَالَ مِنْ يَبِيعُ) أَيْ الْبَائِعُ (غَرِيمَهُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِثَمَنِ الْمُسْتَعْبَدِ) أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ أَنْ لَا ثَمَنَ حَتَّى يُحَالَ بِهِ فَيَرُدُّ الْمُحْتَالُ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى حَقُّهُ كَمَا كَانَ.

وَثُبُوتُ حُرِّيَّتِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ حِسْبَةً

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَحَالَهُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَرِثَ دَيْنًا بِهِ رَهْنٌ، أَوْ كَفِيلٌ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ بِهِمَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَكْتُوبَ عَلَى فُلَانٍ لِزَيْدٍ وَكَانَ بِهِ رَهْنٌ، أَوْ كَفِيلٌ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الدَّيْنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهَا م ر (قَوْلُهُ: أَوْ ضَامِنٌ إلَخْ) وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَبَرِئَ الضَّامِنُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحُلْ عَلَى الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ، أَوْ عَلَى الضَّامِنِ وَحْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ الضَّامِنُ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ جِهَةِ الْمُحِيلِ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَحَالَهُ بِدَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ، أَوْ ضَامِنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: بَلْ لَوْ أَحَالَهُ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلَى دَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ، أَوْ ضَامِنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَجَهِلَ إفْلَاسَهُ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ احْتَالَ لِمَحْجُورِهِ وَجَهِلَ الْإِعْسَارَ قَالَ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْبَغِي فَسَادُهَا (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ عِنْدَهُ) وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ لِهَذَا أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ فَهِيَ مَعَ نَحْوِ الْإِنْكَارِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَبَضَ حَقَّهُ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّ نَحْوَ الْإِنْكَارِ فِي مَعْنَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِاتِّفَاقٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا وَأُخْرِجَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ) فَلَوْ تَقَايَلَا فِي الْحَوَالَةِ بِنَاءً عَلَى جَرَيَانِ التَّقَايُلِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَمْ يَعُدْ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ إلَّا بِتَجْدِيدٍ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ

(قَوْلُهُ: بَرِئَ الضَّامِنُ) أَيْ إنْ أَحَالَ عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ أَفْلَسَ بَعْدُ أَوْ لَا وَتَدَرَّعَ الْإِنْكَارَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: حِرَاسَةُ الْحَقِّ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيًّا حَرَسَ حَقَّهُ عَنْ الضَّيَاعِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا ضَاعَ حَقُّهُ لِعَدَمِ الرُّجُوعِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ أَيْضًا) أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بَلْ بُطْلَانَ الشَّرْطِ وَحْدَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ مُنَافٍ صَرِيحٌ فَأَبْطَلَهَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْيَسَارِ فَيَبْطُلُ وَحْدَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: تَشْهَدُ حِسْبَةً إلَخْ) مَحَلُّ قَبُولِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَوْ بَيِّنَةِ الْعَبْدِ إذَا بَاعَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِيهِمَا، أَوْ كَذَّبَهُ هُوَ وَالْمُحِيلُ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِعِتْقِهِ بِتَصْدِيقِ الْعَاقِدَيْنِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَذَّبَهُ هُوَ وَالْمُحِيلُ غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى تَكْذِيبِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الشَّرْحِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا وَلَمْ يَخْرُجُ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا وَجْهَ لِسَمَاعِهَا مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>