للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ يُقِيمُهَا الرَّقِيقُ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَبَايِعَانِ؛ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِالْمُبَايَعَةِ، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ خِلَافُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي أَقَامَهَا صَرَّحَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ الرُّويَانِيُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ هُنَا وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الدَّعَاوَى صَرِيحٌ فِيهِ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا، فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ: كُنْت أَعْتَقْته وَنَسِيت، أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ نَسِيَهُ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ قَدْ بَحَثَ ذَلِكَ (وَيَحْلِفُ الْمُحْتَالُ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْحُرِّيَّةِ (مَهْمَا يَجْحَدْ) لَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَا وَتَبْقَى الْحَوَالَةُ فِي حَقِّهِ فَلَهُ أَخْذُ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي.

ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ

وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: ظَلَمَنِي الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُحْتَالُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَانْفَسَخَتْ الْحَوَالَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ يُقِيمُهَا الرَّقِيقُ) قَالَ: الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا إقْرَارَ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حِسْبَةً؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالرِّقِّ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَتِهِ فَلَا يُقِيمُهَا هُوَ اهـ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَا يُقِيمُهَا الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَكَتَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ حِينَ الْبَيْعِ صُدِّقَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِلْبَيِّنَةِ صَرِيحًا اهـ.

وَنُقِلَ عَنْ السُّبْكِيّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ السِّرَاجِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْبَيِّنَةَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ. وَأَقُولُ يُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْجَلَالِ وَالْإِسْنَوِيِّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَبَايِعَانِ؛ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِالْمُبَايَعَةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ كَمَا تَرَى إذْ لَوْ سَوَّغَ كَوْنَ الْعِتْقِ حَقًّا لِلَّهِ إقَامَةُ الْعَبْدِ لَهَا بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ لَسَوَّغَ إقَامَةَ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَهَا مَعَ تَعَاطِيهِمَا الْبَيْعَ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ بَلْ لَوْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِي وَرَدِّ مَا ذُكِرَ عَنْ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ التَّأْيِيدُ ثَابِتًا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ أَفَادَ أَنَّ مَنْ صَرَّحَ بِالْمِلْكِ لَا يُقِيمُهَا وَهُوَ نَظِيرُ إقْرَارِ الرَّقِيقِ بِالرِّقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ كَانَ م ر أَفْتَى بِمَا يُخَالِفُ الْجَلَالَ وَالْإِسْنَوِيَّ وَأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ وَقَعَ الْبَحْثُ مَعَهُ فَرَجَعَ إلَى مَا قَالَهُ الْجَلَالُ وَالْإِسْنَوِيُّ (فَائِدَةٌ)

لَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَا الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرِّقِّ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَرَجَعَ إلَيْهِ م ر بَعْدَ أَنْ كَانَ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ، وَأَثْبَتَهُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ: أَوْ صَدَّقَهُ لَكِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ. وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ سَمَاعُهَا أَيْضًا وَأَنَّهُ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْمَطْلَبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ بِتَصْدِيقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُحْتَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعَبْدِ وَلَا بَيِّنَتُهُ اهـ وَيُوَافِقُ هَذَا مَفْهُومَ قَوْلِ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَالَ: فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّحِيحُ إلَخْ) جَزَمَ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَقَالَ:، أَوْ ثَبَتَتْ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ حِسْبَةً، أَوْ أَقَامَهَا الرَّقِيقُ، أَوْ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ قَبْلَ مَنْ ذُكِرَ بِالْمِلْكِ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الدَّعَاوَى إلَخْ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْحُرِّيَّةِ) الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُتَبَايِعَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ الْمُحْتَالُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَحْلِفُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَعْتِقُ بِتَوَافُقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُحْتَالِ فَلَعَلَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ، أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مُصَدِّقٍ، وَهَذَا التَّصْوِيرُ وَافَقَ عَلَيْهِ م ر وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ تَصْدِيقِ الْمُحْتَالِ هُنَا مَا إذَا خَرَجَ الرَّقِيقُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي لِاتِّفَاقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وَفِيهِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْمُحْتَالِ قَدْ يَحْلِفُ وَحِينَئِذٍ لَا تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَإِنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ثُبُوتِهِ الْمُؤَدِّي لِلِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ حِسْبَةً) اُسْتُشْكِلَ مَنْعُ سَمَاعِهَا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْعِتْقُ حِسْبَةً وَإِنْ بَطَلَتْ إقَامَتُهَا مِنْ جِهَتِهِمَا لِتَكْذِيبِهِمَا لَهَا بِالْمُبَايَعَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ حِسْبَةً فَإِنَّ حَقَّهُمَا وَهُوَ اسْتِرْدَادُ الْمُحَالِ مَا أَخَذَهُ وَبَقَاءُ حَقِّ الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَثْبُتُ تَبَعًا لِثُبُوتِ الْعِتْقِ. اهـ. عَمِيرَةُ بِإِيضَاحٍ.

(قَوْلُهُ: حِسْبَةً) هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِغَيْرِ طَلَبٍ سَبَقَهَا دَعْوَى أَمْ لَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُقِيمُهَا الرَّقِيقُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُقِيمُهَا الرَّقِيقُ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ قَبْلُ بِالرِّقِّ، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ قَبْلُ بِالْمِلْكِ كَمَا أَفَادَهُ ق ل عَنْ زي وم ر وَنُقِلَ عَنْ م ر سَمَاعُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يُقِيمُهَا الرَّقِيقُ إلَخْ) وَتُسْمَعُ وَلَوْ مَعَ اعْتِرَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ إذْ قَدْ يُوجَدُ مَنْ يُنَازِعُ فِي الْحُرِّيَّةِ سم قَالَ: وَمَالَ إلَيْهِ م ر بَعْدَ أَنْ وَافَقَ عَلَى خِلَافِهِ اِ هـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ إلَخْ) هَذَا مَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي صُورَةِ مَا إذَا صَرَّحَ قَبْلُ بِالْمِلْكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قِيَاسِهِ عَلَى مَا لَوْ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَهُ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُحْتَالُ) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>