غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ فَاسِقًا (أَقَرَّ) بِشَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ وَبِخِلَافِ الْمُكْرَهِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَيْ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ وَتَرَكَ قَيْدَيْ الِاخْتِيَارِ وَعَدَمِ الْحَجْرِ لِعِلْمِ الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي مِنْ بَابِ الْحَجْرِ وَصُورَةُ إقْرَارِ الْمُكْرَهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ فَإِنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فِي الْقَضِيَّةِ فَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ أَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ تُرِكَ ضَرْبُهُ وَاسْتُعِيدَ إقْرَارُهُ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الضَّرْبِ عُمِلَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَعَدْ وَعُمِلَ بِإِقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ قَالَ: وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمُكْرَهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُنَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ، وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ صِحَّةُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهُ مُشْكِلٌ
. ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ فَقَالَ (كَعَلَيْ) أَوْ (فِي ذِمَّتِي) أَوْ (عِنْدِي) وَ (كَذَا مَعِي) أَوْ (لَدَيْ) لِفُلَانٍ كَذَا وَإِلَّا وَلِأَنَّ لِلدَّيْنِ لَكِنَّهُمْ قَبِلُوا التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى بَعْدَهُ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ أَوْ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَلَوْ قَالَ: قَبْلِي كَذَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ هُوَ لِلدَّيْنِ قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ كَوْنَهُ لِلْعَيْنِ أَيْضًا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ كَعَلَيَّ قَالَ: وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَدَيَّ بِمَعْنَى عِنْدِي لَكِنْ قَالَ: بَعْضُهُمْ أَنَّ لَدَيَّ لِلْحَاضِرِ وَعِنْدَ لَهُ وَلِلْغَائِبِ تَقُولُ الْمَالُ لَدَى زَيْدٍ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْمَالِ عِنْدَ زَيْدٍ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ
(وَ) مِثْلُ (قَوْلِهِ) لِشَرِيكِهِ فِي رَقِيقٍ (أَعَتَقْت) أَنْت (مِنْهُ شِرْكَكَا) أَيْ حَظَّك فَهُوَ إقْرَارٌ بِعِتْقِ حَظِّ نَفْسِهِ بِالسِّرَايَةِ إنْ قَالَهُ (لِمُوسِرٍ بِحَظِّهِ) أَيْ بِقَدْرِ حَظِّهِ فَإِنْ قَالَهُ لِمُوسِرٍ بِبَعْضِ حَظِّهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّكْرَانَ) أَيْ الْمُتَعَدِّيَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُضْرَبَ. . إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: لِيَصْدُقَ فِي الْقَضِيَّةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُخَلَّى إذَا أَقَرَّ بِالْحَقِّ أَوْ بِعَدَمِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يُخَلَّى إلَّا إنْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ فَهَذَا إكْرَاهٌ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ م ر. (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) حَيْثُ كَانَ لَا يُتْرَكُ عَنْهُ الضَّرْبُ إلَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَذَا إكْرَاهٌ بِلَا شُبْهَةٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ
(قَوْلُهُ: وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَيْنِ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ فَسَّرَهَا بِالدَّيْنِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ كَوْنَهُ لِلْعَيْنِ أَيْضًا) هَذَا مُقْتَضَى الِاشْتِرَاكِ فَيَسْأَلُ الْقَائِلُ عَنْ مُرَادِهِ بِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ كَعَلَيَّ) قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَعَلَيَّ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِلدَّيْنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَيْضًا لِلْعَيْنِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ) فَلَهُ تَعَذُّرُ تَفْسِيرِهِ لِمَوْتِهِ فَهَلْ يُرْجَعُ فِيهِ لِوَارِثِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى التَّنْصِيفِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ. فِيهِ نَظَرٌ
[حاشية الشربيني]
كَذَا فِي الْمَنْهَجِ قَالَ ق ل وَانْظُرْ مَا صُورَةُ الْإِكْرَاهِ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَهُ ع ش بِمَا إذَا أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ فَأُكْرِهَ عَلَى تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُ بِحَقٍّ وَفِيهِ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى تَعْيِينٍ لَا عَلَى إقْرَارٍ. اهـ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ) بِأَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَمْ يُجِبْ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا فَضُرِبَ لِيُجِيبَ بِأَحَدِهِمَا لَكِنَّ الْآنَ إنَّمَا يُضْرَبُ لِيُجِيبَ بِالْمُدَّعَى فَهُوَ لَا مَحَالَةَ إكْرَاهٌ. اهـ. وَهَذَا التَّصْوِيرُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ قَوْلِهِمْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُضْرَبْ لِيَصْدُقَ بَلْ لِيُجِيبَ بِأَحَدِهِمَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُكْرَهًا) لِعَدَمِ إكْرَاهِهِ عَلَى خُصُوصِ مَا ذَكَرَهُ بَلْ عَلَى الْجَوَابِ مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: فِي عَلَيَّ) أَيْ دُونَ فِي ذِمَّتِي وَقَوْلُهُ: دُونَ فِي ذِمَّتِي أَيْ إنْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا فَإِنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا بِأَنْ قَالَ: لَهُ فِي ذِمَّتِي وَدِيعَةٌ قُبِلَ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. شَرْحٌ م ر وَع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ الْوَدِيعَةِ) لِإِمْكَانِ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى حِفْظِهِمَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى الْمَرَاتِبِ حَجَرٌ فَإِنْ غَلُظَ عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ قُبِلَ (قَوْلُهُ: لَوْ ادَّعَى بَعْدَهُ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الرَّدُّ أَوْ التَّلَفُ. (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ أَمَّا أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ق ل. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ. . إلَخْ) فَهُوَ صَالِحٌ لَهُمَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَوْنَهُ لِلْعَيْنِ أَيْضًا) أَيْ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا لَا تَبَادُرَ لَهُ فِي أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ عَلَيَّ فَإِنَّهُ، وَإِنْ صَحَّ حَمْلُهُ عَلَى الْعَيْنِ لَكِنَّهُ مُتَبَادَرٌ فِي الدَّيْنِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ. . إلَخْ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَوَضْعُ الْأَوَّلِ الدَّيْنُ وَالثَّانِي الْعَيْنُ فَلَا يَحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ أَنَّهُ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ بَلْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ مَعِي وَعِنْدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute