كَانَ مُقِرًّا بِعِتْقِ قَدْرِهِ مِنْ حَظِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَهُ لِمُعْسِرٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ مِنْ حَظِّهِ وَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ مُقِرٌّ بِعِتْقِ حَظِّ شَرِيكِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ لَا حَالَةَ الْإِقْرَارِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ النَّاظِمِ
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ (هَلْ لَكَا عِرْسٌ) أَيْ زَوْجَةٌ (فَقَالَ لَا فَعَلَى الْمَرْجُوحِ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ الصَّرِيحِ) بِالطَّلَاقِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ نَفْيَ فَائِدَةِ الزَّوْجَاتِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ سُوءِ الْعِشْرَةِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ إنْشَاءً قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا بَأْسَ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ السَّائِلِ مُسْتَخْبِرًا أَوْ مُلْتَمِسًا لِإِنْشَاءٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ إذَا قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ مُبْتَدِئًا لَسْت بِزَوْجَةٍ لِي كَانَ كِنَايَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَرْجُوحِيَّةِ صَرَاحَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَ) مِثْلُ (قَوْلِهِ نَعَمْ) جَوَابًا (لِمَنْ قَالَ اشْتَرِي عَبْدِي ذَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ لِمُلْتَمِسِ الشِّرَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: (لَا حَيْثُ عَنْ عَبْدِي عَرِيَ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ لَا حَيْثُ عَرِيَ الِالْتِمَاسُ عَنْ الْإِضَافَةِ فِي عَبْدِي بِأَنْ قَالَ اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ بِمِلْكِهِ بَلْ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَبْدًا فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ وَكِيلِك فُلَانٍ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا وَكَّلَ فُلَانًا فِي الْبَيْعِ (وَ) كَقَوْلِهِ لِمَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا (بِعْنِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَوْ هَبْنِيَ (الشَّيْءَ الَّذِي ادَّعَيْتَ) بِهِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْتِمَاسِ التَّمْلِيكِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْإِقْرَارِ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ (صَالِحْنِي عَنْهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ فَلَيْسَ إقْرَارًا لَهُ بِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ قَطْعَ الْخُصُومَةِ خَاصَّةً وَزَادَ قَوْلَهُ: عَنْهُ لِئَلَّا يُوهِمَ تَرْكُهَا أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَهَا الْمُقِرُّ كَانَ إقْرَارًا وَلَمَّا لَمْ يَتَقَيَّدْ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ زَادَ قَوْلَهُ: (مَثَلَا) لِيَدْخُلَ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: حَالَةَ الْإِعْتَاقِ) بَقِيَ مَا لَوْ جَهِلَ حَالَ الْإِعْتَاقِ وَتَعَذَّرَ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ أَوْ رُوجِعَ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِقْرَارِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ النَّاظِمِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ: لِمُوسِرٍ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيقِ أَنَّ الْقَوْلَ حَالَ الِاتِّصَافِ بِالْيَسَارِ
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ. . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْإِقْرَارِ بِهِ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَا الْإِنْشَاءِ أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَى إذَا كَانَ كَاذِبًا وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ نَوَى أَوْ خُذْ بِهِ ظَاهِرًا.
(قَوْلُهُ: فِي الْإِقْرَارِ بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: كَانَ كِنَايَةً عَلَى الْأَصَحِّ فِيمَا ذَا. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ نَعَمْ. . إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ نَعَمْ بَعْدَ اشْتَرِ عَبْدِي هَذَا فَلَوْ قَالَ: نَعَمْ بَعْدَ اشْتَرِ عَبْدِي هَذَا بِكَذَا فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْبَيْعِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اشْتَرِ مِنْ صِيَغِ الْإِيجَابِ وَقَدْ ذَكَرَ الثَّمَنَ وَنَعَمْ يَصِحُّ الْقَبُولُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ وُجِدَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ صَحِيحَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: اشْتَرِ عَبْدِي) أَوْ تَزَوَّجْ أَوْ أَعْتِقْ أَوْ اسْتَعِرْ أَوْ ارْتَهِنْ أَوْ اسْتَوْدِعْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتَأْجِرْ وَأَجِّرْنِي وَاسْتَعِرْ وَأَعِرْنِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِثْلُ اشْتَرِ عَبْدِي بِرّ. (قَوْلُهُ: اشْتَرَيْته مِنْ وَكِيلِك) الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ وَكَانَ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ وَكِيلِ فُلَانٍ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ هَذَا الْحُكْمِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ يَبِيعُ مِلْكَ نَفْسِهِ أَوْ مِلْكَ شَخْصٍ آخَرَ. (مَسْأَلَةٌ دَقِيقَةٌ) قَالَتْ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ بِعْنِي فَهَلْ ذَلِكَ إقْرَارٌ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى لَا يُسْمَعَ مِنْهَا دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ عَدِّهِمْ بِعْنِي مِنْ صِيَغِ الْإِقْرَارِ بِالْمِلْكِ أَمْ لَا وَيُفَرَّقُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْحُرِّيَّةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهَا مَا ذَكَرَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّضَجُّرِ وَلِمَا نَالَهَا مِنْ التَّعَبِ مَعَهُ وَعَدَمِ تَعَسُّرِ الْخَلَاصِ وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَكَمَا أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ مُتَشَوِّفٌ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ
[حاشية الشربيني]
بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَانَ مُقِرًّا بِعِتْقٍ. . إلَخْ) وَإِنْ أَنْكَرَ الشَّرِيكُ الْإِعْتَاقَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ إقْرَارًا) لَكِنْ لَوْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ لِإِقْرَارِهِ بِهَا عَلَى تَقْدِيرٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ) وَصَحَّ فِي التَّصْحِيحِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ أَيْ فِي الطَّلَاقِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَنْصُوصُ إلَخْ) لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْهُ مُخَالَفَةَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ جَعَلَهُ كِنَايَةً فِي الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِأَنَّهُ خَبَرٌ بَلْ الْغَرَضُ ذِكْرُ خِلَافٍ فِي كَوْنِهِ خَبَرًا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ إنْشَاءً يَقَعُ بِهِ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ) أَيْ مُتَمَحِّضٌ لِلْكَذِبِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ لَا زَوْجَةَ لَهُ فَالْغَرَضُ مِنْهُ نَفْيُ الزَّوْجِيَّةِ مُطْلَقًا لَا نَفْيُ زَوْجِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَبَعْدَ احْتِمَالِهِ لِلْمَعْنَى الْكِنَائِيِّ بِخِلَافِ بَاقِي الْكِنَايَاتِ كَلَسْتِ بِزَوْجَةٍ لِي لِقُرْبِ إشْعَارِهِ بِالطَّلَاقِ حَيْثُ خَاطَبَ بِهِ زَوْجَتَهُ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْعَلُوهُ إنْشَاءً) كَذَا فِي النُّسَخِ لَكِنَّ عِبَارَةَ النَّاشِرِيِّ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ نَعَمْ. . إلَخْ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَاهُ مِلْكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute