نَحْوُ صَالَحَنِي أَوْ صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ بِالْأُولَى.
(وَفِي أَمَّا عَلَيْك لِي) أَيْ وَكَقَوْلِهِ: فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مَثَلًا (نَعَمْ) أَوْ (بَلَى) أَوْ (صَدَقْتَ) أَوْ (أَبْرِئْنِي) مِنْهُ أَوْ (أَجَلْ) أَوْ جَيْرِ أَوْ إي بِمَعْنَى نَعَمْ (وَأَمْهِلَا) أَيْ أَوْ أَمْهِلْنِي أَوْ (قَضَيْتُهُ) أَوْ (أَدَّيْتُهُ وَإِنِّيَا بِهِ مُقِرٌّ) أَيْ أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ لَا أُنْكِرُهُ أَوْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا أُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِمَا يَدَّعِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ آخَرَ وَقِيلَ نَعَمْ لَيْسَ إقْرَارًا لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لِلنَّفْيِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] لَوْ قَالُوا نَعَمْ كَفَرُوا وَرُدَّ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ لِنَعَمْ فِيمَا ذَكَرَ كَنَعَمْ فِي ذَلِكَ مَا بِمَعْنَاهَا كَجَيْرَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي أَنَا مُقِرٌّ تَقْيِيدُ حُكْمِ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ بِمَا إذَا خَاطَبَهُ فَقَالَ: أَنَا مُقِرٌّ لَك بِهِ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْأَلِفِ الَّتِي لَهُ (لَا مُقِرٌّ عَرِيَا عَنْ صِلَةٍ) أَيْ عَنْ بِهِ (وَلَا أَظُنُّ وَأُقِرْ بِهِ وَزِنْ وَاسْتَوْفِ أَوْ خُذْ وَاعْتَبِرْ) أَيْ لَا إنْ قَالَ: فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا: أَنَا مُقِرٌّ أَوْ أَظُنُّهُ أَوْ أُقِرُّ لَك بِهِ أَوْ زِنْهُ أَوْ اسْتَوْفِهِ أَوْ اعْتَبِرْهُ أَوْ وَهِيَ صِحَاحٌ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا إقْرَارًا؛ لِأَنَّ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ الْأُولَى يُذْكَرُ فِي مَعْرَضِ الِاسْتِهْزَاءِ الْأَوَّلُ مِنْهَا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ بِبُطْلَانِ الدَّعْوَى أَوْ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالثَّانِي مِنْهَا لَا جَزْمَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ الْوَعْدَ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَالثَّالِثُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ إقْرَارٌ مَعَ احْتِمَالِهِ الْوَعْدَ بِأَنَّ الْعُمُومَ إلَى النَّفْيِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَبْ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مَتِينٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أُقِرُّ لَك بِهِ وَلَوْ قَالَ: لَا أُقِرُّ بِهِ وَلَا أُنْكِرُهُ فَهُوَ كَسُكُوتِهِ فَيُجْعَلُ مُنْكِرًا وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَزَادَ النَّاظِمُ أَظُنُّ وَاسْتَوْفِ وَاعْتَبِرْ
(قُلْت وَإِنْ ضُمَّ إلَى الصَّرِيحِ) فِي التَّصْدِيقِ كَصَدَقْتَ (مَا يُفْهِمُ الِاسْتِهْزَا) وَالتَّكْذِيبُ كَالْأَدَاءِ وَإِلَّا يُرَادُ وَتَحْرِيكُ الرَّأْسِ تَعَجُّبًا وَإِنْكَارًا (فَلَيْسَ مُلْزِمَا) لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ عَلَى قَصْدِ الْإِنْكَارِ وَالْحَقُّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهَذَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ: فَيُشْبِهُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ إنْ صَدَقْت وَنَحْوُهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ يُقَالُ: فِيهِ خِلَافٌ لِتَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ مُسْتَهْزِئًا لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ حَكَى فِيهِ وَجْهَيْنِ.
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَى أَرْبَابِهَا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ وَبَلَى. . إلَخْ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ ذَكَرْت هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي جَوَابِ لِي عَلَيْك كَذَا. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ بَلَى فِي هَذَا يَسْتَشْكِلُ وَيُجَابُ عَنْهَا بِنَظِيرِ مَا أُجِيبُ بِهِ عَنْ نَعَمْ فِي جَوَابِ النَّفْيِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أُنْكِرُهُ) اسْتَشْكَلَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ وَاسِطَةً وَهِيَ السُّكُوتُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مُقِرًّا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْفَرْقَ قَاضٍ بِذَلِكَ لَكِنْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا بِالْمَنْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ ذَلِكَ لِلشَّكِّ قَالَ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنْ لَا يُكْتَفَى فِي الْإِقْرَارِ بِالظُّهُورِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِ السُّبْكِيُّ لَا يُكْتَفَى فِي الْقَرَارِ بِالظُّهُورِ.
(قَوْلُهُ: لِجَوَازِ. . إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ بَعْدُ مُحِقًّا فِيمَا تَدَّعِيهِ كَانَ إقْرَارًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعُمُومَ. . إلَخْ) أَيْ فَهُوَ نَفْيٌ لِكُلِّ إنْكَارٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَهُوَ نَفْيٌ لِلْإِنْكَارِ فِي الْحَالِّ إذًا فَيَقْتَضِي
[حاشية الشربيني]
اهـ. شَرْحُ إرْشَادٍ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَفِي أَمَّا. . إلَخْ) لَوْ أَسْقَطَ الِاسْتِفْهَامَ كَانَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى لَا مَعَ نَعَمْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ) أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَهَا نَفْيٌ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا إثْبَاتٌ كَانَتْ لِإِثْبَاتِهِ. (قَوْلُهُ إلَى الْعُرْفِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْعُرْفَ يَجْعَلُ بَلَى إنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا نَفْيًا لِرَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا وَلَوْ لُزُومًا كَمَا فِي أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ لِتَقْرِيرِهِ وَنَعَمْ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ. . إلَخْ) فَيَكُونُ إقْرَارًا، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ نَحْوِيًّا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ سم هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ أَرَادَ النَّحْوِيُّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ تَصْدِيقُ النَّفْيِ فَلَا يَبْعُدُ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ إذْ هَذِهِ الصِّيغَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ إقْرَارٍ وَلِأَنَّ الرَّافِعَ وَهُوَ إرَادَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مُقَارَنٌ فَلَا رَفْعَ كَمَا لَوْ وُجِدَ مَعَ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ. (قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ. . إلَخْ) أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَنَا أُقِرُّ بِهِ. اهـ. م ر وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَ (قَوْلِهِ: مَا يُفْهِمُ الِاسْتِهْزَاءَ وَالتَّكْذِيبَ) أَيْ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ قَالَ سم أَيْ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْإِقْرَارَ بَلْ الِاسْتِهْزَاءَ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: كَالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ صَدَقْتَ إقْرَارٌ لَا إنْ صَدَرَ الْإِقْرَارُ بِأَنْ قَالَ: أُؤَدِّي وَأَوْرَدَ بِصُورَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ تَعَجُّبًا. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ اللَّفْظُ، وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي التَّصْدِيقِ قَدْ يَنْضَمُّ إلَيْهِ قَرَائِنُ تَصْرِفُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْأَدَاءُ وَالْإِبْرَاءُ وَتَحْرِيكُ الرَّأْسِ الدَّالُّ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ قَالَ صَدَقْتَ أَدَّيْته أَوْ أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ فَيَكُونُ ضَمُّ ذَلِكَ إلَى التَّصْدِيقِ قَرِينَةً عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً أَدَّيْته أَوْ أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute