للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا رَجَّحَهُ فِيمَا مَرَّ لِقُدْرَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الرَّدِّ هُنَا وَعَجْزِهِمْ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ لَوْ نَفَذَ وَفِي مَعْنَى الْهِبَةِ فِيمَا ذَكَرَ الصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِبْرَاءُ وَنَحْوُهَا وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالَةِ الْمَوْتِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ إذْ الْمَانِعُ الْإِرْثُ وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِحَالَةِ الْمَوْتِ لَا بِحَالَةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ لِأَخِيهِ، ثُمَّ وُلِدَ وَلَهُ ابْنٌ نَفَذَ قَطْعًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا فِي صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ تَرِكَتَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَخَاهُ فِي صِحَّتِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَيَرِثُهُ إنْ كَانَ أَقْرَبَ عَصَبَتِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

(وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ بِالْأَنْكِحَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى نَفَذَ إقْرَارُ الْمُكَلَّفِ بِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءَهُ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ بِالْأَنْكِحَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ تَرَكَ لَوْ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى أَيْ نَفَذَ الْإِقْرَارُ مِنْ الْمُقِرِّ بِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ وَمِنْ الْمَرْأَةِ وَلَوْ سَفِيهَةً بِالنِّكَاحِ لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا إنْشَاؤُهُ لِأَنَّهُ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا كَغَيْرِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ تُفَصِّلَ فَتَقُولُ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيِّي بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي النِّكَاحِ وَمَا وَقَعَ فِيهَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ تَصْحِيحِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِطْلَاقِ حَمَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى إقْرَارِهَا فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا فِي النِّكَاحِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُبْتَدَأِ وَلَا يَضُرُّ فِيمَا ذُكِرَ تَكْذِيبُ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ لَهَا لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهَا وَلَوْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا الْمَقْبُولُ إقْرَارُهُ الْآخَرُ فَفِي الْمُجَابِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخَانِ هُنَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الصَّدَاقِ عَنْ الْإِمَامِ أَرْبَعَةَ احْتِمَالَاتٍ تَقْدِيمَ السَّابِقِ تَقْدِيمَ إقْرَارِهَا تَقْدِيمَ إقْرَارِهِ الْحُكْمَ بِبُطْلَانِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ مِنْهَا تَقْدِيمُ السَّابِقِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِهَا لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا وَلَوْ جَهِلَ فَهَلْ يُوقَفُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَمْ أَدْرِ فَائِدَةَ تَنْزِيلِ هَذَا عَلَى الْمَرَضِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْإِقْرَارِ جِهَةَ تَمَلُّكِ الْوَارِثِ وَمِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَكُونَ انْتِقَالُهَا إلَى الْوَارِثِ بِمُعَاوَضَةٍ تَعُمُّ تُظْهِرُ الْفَائِدَةَ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَأَطْلَقَ وَقَدْ يُقَالُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنَّ الْإِقْرَارَ يُنَزَّلُ عَلَى أَضْعَفِ الْأَسْبَابِ وَهُوَ التَّبَرُّعُ كَنَظِيرِهِ مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يُنَزَّلُ عَلَى الْمُعَامَلَةِ وَحِينَئِذٍ تُظْهِرُ الْفَائِدَةُ هَذَا وَلَكِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِمْ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِغَيْرِهِ بِعَيْنٍ قَبْلُ وَقُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ يَأْبَى هَذَا وَيَقْتَضِي أَنَّ الْعَيْنَ تُسَلَّمُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْمُقِرِّ أَمْ لَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ. . إلَخْ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ يُعَيِّنُهُ الْحُكْمُ بِالتَّنْزِيلِ عَلَى حَالِ الْمَرَضِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّبَرُّعِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّنْزِيلِ فَائِدَةٌ مُعْتَدٌّ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَكِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِمْ. . إلَخْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ هَذَا الْعُمُومِ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِي إقْرَارِهِ بِالْهِبَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَبِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَعْرُوفَةً بِهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحَهُ فِيمَا مَرَّ) مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: مَا مَرَّ يَجْرِي هُنَا بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّحِيحَ نُفُوذُ إبْرَاءِ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ فَمَا فِي الْجَوَاهِرِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا) إذْ النِّسَاءُ لَا يُمْكِنُهُنَّ الْإِنْشَاءُ. (قَوْلُهُ: تَكْذِيبُ الْوَلِيِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُجْبَرًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَقْبُولُ إقْرَارُهُ) بِأَنْ كَانَ مُجْبَرًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إسْنَادُهَا لِحَالِ الصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ. . إلَخْ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِالْمَنْعِ عِنْدَ تَكْذِيبِ الْوَلِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ الْمَقْبُولُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُجْبِرُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ اسْتِقْلَالًا فَلَوْ قَالَ: فِي بِنْتِهِ الثَّيِّبِ كُنْتُ زَوَّجْتُهَا لِزَيْدٍ وَهِيَ بِكْرٌ لَمْ يُقْبَلْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ حَالًا عَلَى الْإِنْشَاءِ اسْتِقْلَالًا. اهـ. نَاشِرِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ مِنْهَا تَقْدِيمُ السَّابِقِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا. . إلَخْ) قِيلَ هَلْ يَأْتِي تَفْصِيلُ الرَّجْعَةِ أَيْ الْمُمْكِنِ مِنْهُ هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ؟ قُلْت الْفَرْقُ وَاضِحٌ مِنْ وُجُودِهِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الْمُقِرَّةَ هُنَا تُقِرُّ لِغَيْرِهَا عَلَيْهَا بِحُقُوقٍ وَوَلِيُّهَا الْمُجْبِرُ يُقِرُّ لِآخَرَ عَلَيْهَا بِحُقُوقٍ أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا مُصَدَّقٌ بِالزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِهَا بِذَاتِ الْمَرْأَةِ فَالْإِقْرَارُ بِالْحُقُوقِ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ انْتَقَلَتْ تِلْكَ الْحُقُوقُ إلَيْهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمَ إقْرَارِ الْمُجْبِرِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَهُوَ كُفُؤًا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَعْرَفُ مِنْهَا بِالْأَكْفَاءِ وَلِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا بَاشَرَهُ وَهِيَ تُخْبِرُ عَنْ أَخْبَارِ الْغَيْرِ لَهَا كَالْمُسْتَأْذِنِينَ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى لَكِنْ لَمَّا عَارَضَ هَذَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ مَا لَا يَحْتَاطُ الْغَيْرُ لَهُ لَمْ يُقَدَّمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَلْ يُنْظَرُ إلَى الْإِقْرَارِ السَّابِقِ فَيُقَدَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا طَرَأَ مُزَاحِمُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَلَيْسَ هُنَا أَصْلٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَأَمَّا ثَمَّ فَهُنَاكَ أَصْلٌ هُوَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ الْمُقَوِّي لَهُ وَمَانِعٌ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ مَثَلًا مُضْعِفٌ لِقَوْلِهَا فَلِأَجْلِ هَذَا نُظِرَ وَالزَّمَنُ الِانْقِضَاءُ وَزَمَنُ الرَّجْعَةِ وَمَا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لِيَحْصُلَ الْأَصْلُ الْمُقَوِّي تَارَةً وَلَهَا أُخْرَى وَبَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَ اخْتِلَافُ الْمَوْضِعَيْنِ وَأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا يُرْجَعُ إلَيْهِ وَثَمَّ أَصْلٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَجَبَ تَبَايُنُهُمَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا قَدْ يَتَّفِقَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ صُورَةً لَا مَدْرَكًا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَى ذَلِكَ مِثَالُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ ثَمَّ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ السَّابِقُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا السَّابِقُ فِي الْوُجُودِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ بِهِ، وَأَمَّا ثَمَّ فَالْمُرَادُ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى لِأَنَّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ لَمْ يُمْكِنْ عَمَلُهُ حَقِيقَةً بَلْ بِقَرِينَةٍ تَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ وَقَدْ بَيَّنُوهَا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِسَابِقٍ هِيَ فَالْمَدْرَكُ اعْتِضَادُ دَعْوَاهَا بِالْأَصْلِ أَوْ هُوَ فَالْمَدْرَكُ اعْتِضَادُ دَعْوَاهُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِتَأَمُّلِ مَا بَسَطُوهُ، ثَمَّ فَهُمَا، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي تَصْدِيقِ السَّابِقِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَصْوِيرًا وَمَدْرَكًا فَاتِّحَادُ الْبَابَيْنِ فِي تَقْدِيمِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْمَدْرَكِ فَلَا يَكُونُ التَّفْرِيعُ ثَمَّ مُوَافِقًا لِلتَّفْرِيعِ هُنَا وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَا مَعًا تُصَدَّقُ هِيَ فِي الْبَابَيْنِ.

لَكِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>