فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا مُقْتَضِيًا لِلرَّهْنِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ بِالْوَقْفِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا قَالَ لَا جَرَمَ أَنَّ الْهَرَوِيَّ حَكَاهُمَا فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَى مَالٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ فَيُقَالُ يَتَحَقَّقُ عَدَمُ الْمَالِ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ الْبَعْضُ احْتِيَاطًا فَمَا كَانَ جَوَابَكُمْ فَهُوَ بِجَوَابِنَا وَمُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ سَاقِطٌ وَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَةٍ لَمْ يُحْبَسْ وَذَلِكَ بِأَنْ يُحِيلَهُ عَلَى مُعَرَّفٍ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ حِسَابِيٍّ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ زِنَةُ هَذِهِ الصَّنْجَةِ أَوْ قَدْرُ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي حِسَابِيٌّ وَقَدْ أَشَارَ النَّاظِمُ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ فِي صُوَرٍ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ فَقَالَ
(وَ) لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ (لَكَ) عَلَيَّ (أَلْفُ دِرْهَمٍ وَنِصْفُ مَا لِعَلِيٍّ) عَلَيَّ (وَعَلِيٍّ) أَيْ وَلِعَلِيٍّ عَلَيَّ (أَلْفُ وَنِصْفُ مَا لَكَ) عَلَيَّ (اقْتَضَى) ذَلِكَ (فِي ذَيْنِ) أَيْ فِي الْإِقْرَارَيْنِ (أَنَّ) عَلَيْهِ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُمَا (أَلْفَيْنِ وَالثُّلُثُ إنْ يَذْكُرْ مَكَانَ النِّصْفِ) بِأَنْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ وَثُلُثُ مَا لِعَلِيٍّ عَلَيَّ وَلِعَلِيٍّ عَلَيَّ أَلْفٌ وَثُلُثُ مَا لَك عَلَيَّ كَانَ عَلَيْهِ (لِكُلِّ) مِنْهُمَا (أَلْفٍ مَعَ نِصْفِ أَلْفِ) وَذَلِكَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ هَذَا فِي الْكَسْرِ الْمَعْطُوفِ وَمِثَالُهُ فِي الْمُسْتَثْنَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَفِي) قَوْلِهِ (لِكُلٍّ) مِنْكُمَا عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِلْآخَرِ) عَلَيَّ يَكُونُ (الْأَلْفُ وَثُلُثُهْ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَالْهَاءِ وَفِي نُسْخَةٍ وَثُلْثٌ بِلَا هَاءٍ (لَهُمَا) سَوَاءٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ
(وَالنِّصْفُ إنْ يَسْتَثْنِ ثُلُثَا مَوْضِعَهْ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْكُمَا عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيَّ (كَانَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا عَلَيْهِ (أَلْفٌ إلَّا أَرْبَعَهْ) وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ.
وَطَرِيقُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (تَزِيدُ مَا مِنْ فَوْقِ كَسْرٍ ذُكِرَا) بِزِيَادَةِ مِنْ وَذَلِكَ بِأَنْ تَرْتَقِيَ مِنْ الْكَسْرِ الْمَذْكُورِ كَالنِّصْفِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالثُّلُثِ فِي الثَّانِي إلَى مَا فَوْقَهُ (مِثْلًا وَكَسْرًا) أَيْ مِنْ مِثْلِ كَالْأَلْفِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرٍ كَالنِّصْفِ فِي الثَّانِي (رُتْبَةً) كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ (وَأَكْثَرَا) مِنْ رُتْبَةٍ كَمَا سَيَأْتِي مِثَالُهُ أَيْ تَرْتَقِي بِمَرْتَبَةٍ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَكُونُ الِارْتِقَاءُ (بِعَدَدِ الْكَسْرِ) الْمَذْكُورِ (مِنْ الْمُعَيَّنِ عَلَى الَّذِي عَيَّنَهُ) أَيْ تَزِيدُ ذَلِكَ مِنْ الْمُعَيِّنِ عَلَى الْمُعَيَّنِ يَعْنِي الْعَدَدَ الصَّحِيحَ كَالْأَلْفِ فِي الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ (وَلْيَكُنْ) مَا ذَكَرَ مِنْ الزِّيَادَةِ (بِعَدَدِ الْكَسْرِ) كَمَا كَانَ الِارْتِقَاءُ بِعَدَدِهِ فَإِنْ كَانَ الْكَسْرُ وَاحِدًا زِدْت الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ الِارْتِقَاءُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فَقَوْلُهُ: بِعَدَدِ الْكَسْرِ أَوَّلًا مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنَى الْفَوْقِيَّةِ أَيْ الِارْتِقَاءِ وَثَانِيًا بِيَكُنْ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ لَمَّا كَانَ الْكَسْرُ وَاحِدًا وَهُوَ النِّصْفُ وَارْتَقَيْت بِمَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى مَا فَوْقَهُ وَهُوَ الْمِثْلُ وَزِدْتَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ عَلَيْهِ أَيْ زِدْت مِثْلَ الْأَلْفِ عَلَى الْأَلْفِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَصَارَ لِكُلٍّ أَلْفَانِ وَصَدَقَ لِكُلِّ أَلْفٍ وَنِصْفٍ مَا لِلْآخَرِ وَفِي الثَّانِي لَمَّا كَانَ الْكَسْرُ ثُلُثًا ارْتَقَيْت بِمَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى مَا فَوْقَهُ وَهُوَ النِّصْفُ وَزِدْتَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ عَلَيْهِ أَيْ زِدْت نِصْفَ الْأَلْفِ عَلَى الْأَلْفِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَصَارَ لِكُلِّ أَلْفٍ وَنِصْفِهِ وَصَدَقَ لِكُلِّ أَلْفٍ وَثُلُثٍ مَا لِلْآخَرِ (لِعَطْفٍ) أَيْ هَذَا الطَّرِيقُ لِعَطْفِ الْكَسْرِ وَأَمَّا طَرِيقُ اسْتِثْنَائِهِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَنَقَصْ مَا دُونَهُ) أَيْ الْكَسْرِ (فِيمَا بِالِاسْتِثْنَاءِ خَصْ) أَيْ الْمُقِرُّ فَالنُّزُولُ إلَى مَا دُونَ الْكَسْرِ هُنَا بَدَلُ الِارْتِقَاءِ إلَى مَا فَوْقَهُ فِيمَا مَرَّ وَالنَّقْصُ بَدَلُ الزِّيَادَةِ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مِنْ مِثَالَيْ الِاسْتِثْنَاءِ لَمَّا كَانَ الْكَسْرُ نِصْفًا نَزَلْت بِمَرْتَبَتِهِ إلَى مَا دُونَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ وَنَقَصْتَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ أَيْ نَقَصْت ثُلُثَ الْأَلْفِ مِنْ الْأَلْفِ مَرَّةً فَصَارَ لِكُلٍّ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَصَدَقَ لِكُلِّ أَلْفٍ إلَّا نِصْفَ مَا لِلْآخَرِ وَفِي الثَّانِي مِنْهُمَا لَمَّا كَانَ الْكَسْرُ ثُلُثًا نَزَلْت بِمَرْتَبَةٍ إلَى مَا دُونَهُ وَهُوَ الرُّبُعُ وَنَقَصْتَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ مَرَّةً فَصَارَ لِكُلٍّ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَصَدَقَ لِكُلِّ أَلْفٍ إلَّا ثُلُثَ مَا لِلْآخَرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ جَوَابُكُمْ. . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَجْرِ وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ كَالْوَرَثَةِ
(قَوْلُهُ: مَثَلًا وَكَسْرٍ) بَيَانٌ لِمَا فَوْقَ الْكَسْرِ. (قَوْلُهُ كَالْأَلْفِ. . إلَخْ) فَإِنَّهُ فَوْقَ النِّصْفِ. (قَوْلُهُ كَالنِّصْفِ) فَإِنَّهُ فَوْقَ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْعَدَدَ الصَّحِيحَ) أَيْ يُرِيدُ بِالْمُعَيَّنِ
[حاشية الشربيني]
إقْرَارُ الْوَارِثِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَنْ حَقِيقَةٍ وَكَذَا لَهُمْ تَحْلِيفُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِذَا نَكَلَ مَنْ طُلِبَ حَلِفُهُ حَلَفُوا وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى وَارِثٍ أَوْ أَقَرَّتْ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ. . إلَخْ) إذْ لَا يُصَدَّقُ أَنَّ لِكُلٍّ أَلْفًا وَنِصْفَ مَا لِلْآخَرِ إلَّا إذَا كَانَ لِكُلٍّ أَلْفَانِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَجَعْلُ الصِّدْقِ الْمَذْكُورِ عِلَّةً فِي كُلِّ عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ الْآتِيَةِ فَلَعَلَّهُمْ فَتَّشُوا عَلَى مَا يُصَدِّقُ الْإِقْرَارَ، ثُمَّ وَضَعُوا لَهُ ضَابِطًا (قَوْلُهُ: وَلَك) أَيْ زِيَادَتُك بِأَنْ تَرْتَقِيَ. . إلَخْ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْأَلْفُ فِي مِثَالِنَا فَتُنْسَبُ النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ أَوْ غَيْرُهُمَا إلَيْهِ. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ زِدْت مِثْلَ الْأَلْفِ) تَفْسِيرٌ لِزِيَادَتِهِ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَمَعْنَى زِيَادَتِهِ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute