للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ قَلَعْ) كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ لَكِنْ فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ خَصْلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ تَمَلُّكُ الْبِنَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ فَاسْتَتْبَعَتْ الْبِنَاءَ

وَالْجِدَارُ تَابِعٌ فَلَا يُسْتَتْبَعُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ كَوْنِ الْعَارِيَّةُ جَائِزَةً مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ انْفَسَخَتْ الْإِعَارَةُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا كَانَ لَهُ لَا لِوَارِثِهِ انْتَهَى وَالْقِيَاسُ انْفِسَاخُهَا أَيْضًا بِجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي الْجُنُونِ وَقَدْ تَلْزَمُ لِعَارِضٍ مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ كَأَنْ كَفَّنَ أَجْنَبِيٌّ مَيِّتًا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الْكَفَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَعَارَهُ سَفِينَةً فَطَرَحَ فِيهَا مَالًا وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ أَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ شَهْرًا أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ وَمِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَأَنْ اسْتَعَارَ دَارًا لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ أَوْ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ لِلْوُضُوءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَكَأَنْ اسْتَعَارَ سُتْرَةً لِلصَّلَاةِ فَتَحْرُمُ فِيهَا بِالْفَرْضِ فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ وَمِنْ جِهَتِهِمَا كَأَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِدَفْنِ مَيِّتٍ فَدُفِنَ وَلَمْ يَنْدَرِسْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: (وَالدَّفْنِ بِانْدِرَاسِهِ) أَيْ وَكَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ بَعْدَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الِانْدِرَاسِ تَنْتَهِي الْعَارِيَّةُ، أَمَّا قَبْلَ انْدِرَاسِهِ فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (إنْ وُورِيَا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِحَجْرٍ أَيْ وَتَنْفَسِخُ بِحَجْرِ فَلَسٍ عَلَى الْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الْإِعَارَةُ جَائِزَةً لَهُ حَالَ الْفَلَسِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَلْزَمُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لُزُومَهَا مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ لَا يُنَافِي أَخْذَ الْأُجْرَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى لُزُومِهَا مِنْ جِهَتِهِ امْتِنَاعُ أَخْذِ الْعَيْنِ وَمَنْعُهُ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَهُ الْأُجْرَةَ وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ هَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهَا عَلَى عَقْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ بَلْ إنْ صَدَرَ عَقْدُ إيجَارٍ بِشُرُوطِهِ وَجَبَ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَحَيْثُ لَمْ يَصْدُرْ عَقْدٌ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعَرُّضِ لَهَا أَمْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الرُّجُوعِ فِيهِ نَظَرٌ يُتَّجَهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْأُجْرَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْعَيْنِ بَعْدَهُ لِأَنَّ بِهِ تَنْقَطِعُ الْإِبَاحَةُ مَجَّانًا فَيَلْزَمُ بِإِتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ بَدَلُهَا فَإِنْ قُلْت وُجُوبُ الْأُجْرَةِ بِلَا عَقْدٍ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ قُلْت قَدْ يُقَالُ: لَا؛ لِأَنَّ هَذَا بِالتَّبَعِيَّةِ لِلِاسْتِبَاحَةِ السَّابِقَةِ

(فَرْعٌ) إذَا وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَصِيرَ الْعَيْنُ أَمَانَةً، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عَقْدُ إيجَارٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ لِأَنَّهُ صَارَ لَهَا حُكْمُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ) وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسَائِلِ تَكْفِينِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِحْرَامِ الْعَارِي بِالْمَكْتُوبَةِ وَطَرْحِ الْمَالِ فِي السَّفِينَةِ وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ وَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ وَالْآلَةِ لِسَقْيِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى هَلَاكُهُ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا بَعْضَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ فَقَطْ وَأَنَّهُ تَبِعَهُمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنْسَبُ وَاعْلَمْ أَنَّ امْتِنَاعَ رُجُوعِهِمَا فِي إحْرَامِ الْعَارِي بِالْمَكْتُوبَةِ مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ نَزَعَهُ وَبَقِيَ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا إعَارَةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِأَنَّ الْإِعَارَةَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ بِأَنْ أَطْلَقَهَا أَوْ قَيَّدَهَا بِكَوْنِهَا لِلصَّلَاةِ بِدُونِ تَقْيِيدٍ بِالْفَرْضِ وَهَذَا الْجَمْعُ مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيٌّ مَيِّتًا) فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ) وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ فِي هَذِهِ أَيْ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ أَيْضًا الْأُجْرَةَ فِيمَا لَوْ أَعَارَ سُتْرَةً لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَرَجَعَ فِي أَثْنَائِهَا وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ قِصَرُ الزَّمَنِ وَعَدَمُ الْمُقَابَلَةِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا طُلِبَتْ الْعَارِيَّةُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَنْذُورِ كَوْنُهُ قُرْبَةً

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُمْتَنِعُ رُجُوعَهُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ رُجُوعِ مَنْ وَكَّلَهُ هُوَ فِي الرُّجُوعِ م ر (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَخْ) لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَجَبُ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَرِسْ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تَحُسُّ وَهُوَ لَا يَحُسُّ حَجَرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا عَدَا عَجَبَ الذَّنَبِ مِمَّا لَا يَحُسُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَ انْدِرَاسِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ مَنْعِ الرُّجُوعِ قَبْلَ الِانْدِرَاسِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ غَيْرُ قَاضٍ بِهِ وَالْمَيِّتُ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَامِهُ وَيُسَمَّى الْفَسِيلَ بِالْفَاءِ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ فَيَصِحُّ إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الْفَسِيلُ قَبْلَ نَقْلِهِ عَلَى مُدَّةِ الزَّرْعِ الْمُعْتَادِ وَالْإِنْبَاتِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الزَّرْعِ يُقْلَعُ مَجَّانًا اهـ م ر وَع ش

(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَفَّنَ إلَخْ) صَرَّحَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ إذَا أَعَارَهُ أَرْضًا لِدَفْنِ مَيِّتٍ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ إدْلَائِهِ أَوْ وَضْعِهِ إكْرَامًا لِلْمَيِّتِ وَلِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِعَدَمِهَا فَهَلْ الْكَفَنُ كَذَلِكَ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ م ر فِيمَا إذَا رَجَعَ مُعِيرٌ الثَّوْبِ لِلصَّلَاةِ فِيهَا بَعْدَ إحْرَامِ الْمُصَلِّي أَوْ مُعِيرُ السَّفِينَةِ لِوَضْعِ الْمَتَاعِ بَعْدَ تَوَسُّطِهَا اللُّجَّةَ أَوْ مُعِيرُ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ بِهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لِامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الثَّوْبِ لِلصَّلَاةِ لِقِلَّةِ الزَّمَنِ عَادَةً وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ عَلَى الْبَدِيهَةِ بَحْثًا إعَارَةِ السَّيْفِ لِلْقِتَالِ فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَلَا أُجْرَةَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ عَادَةً وَلَا فِي مَسْأَلَةِ إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ أَوْ الثَّوْبِ لِلتَّكْفِينِ فِيهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُقَابِلِ فِي ذَلِكَ اهـ بج (قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَعَارَ سُتْرَةً لِلصَّلَاةِ) أَيْ لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَتَكُونُ إذَا أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>