فَإِنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ، وَلَا نَظَرَ مَعَ الْقِصَاصِ إلَى تَفَاوُتِ الْقِيمَةِ كَالدِّيَةِ فِي الْأَحْرَارِ، وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ، فَلَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ إذَا قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ، وَعَادَ إلَى مَالِكِهِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوهُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبُوا الدِّيَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَوْا مَجَّانًا (كَذَا) يَبْرَأُ (بِأَنْ أَوْلَدَ مَالِكُ أَمَهْ) لَهُ مَغْصُوبَةً (زَوَّجَهُ بِهَا) جَاهِلًا (الَّذِي قَدْ ظَلَمَهُ) بِغَصْبِهَا، وَسَلَّمَهَا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ أَوْ سَلَّمَهَا لَهُ، وَلَمْ يُوَلِّدْهَا الْمَالِكُ كَالْإِيدَاعِ مِنْهُ وَسَيَأْتِي (أَوْ بِاتِّهَابِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (بِقَبْضٍ) لَهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ لِتَمَامِ التَّسْلِيطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِالشِّرَاءِ وَالِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِعَارَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ إذَا أَعْتَقَهُ نِيَابَةً) عَنْ الْغَاصِبِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْغَاصِبِ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا إذَا تَلِفَ كَمَا لَوْ صَالَ عَلَى الْمَالِكِ، فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ فَقَتْلُهُ قِصَاصًا كَقَتْلِهِ صِيَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ فِي الْأَحْرَارِ) كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا قَالَهُ إلَخْ) إذَا جَنَى الْمَغْصُوبُ جِنَايَةً مُسْتَحَقَّةً لِلْمَالِكِ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُوَرِّثِهِ، أَوْ عَبْدِهِ فَاقْتَصَّ الْمَالِكُ، أَوْ وَارِثُهُ فَإِنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَبْرَأْ بِاقْتِصَاصِ الْمَالِكِ، وَلَا بِاقْتِصَاصِ وَارِثِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ قُبَيْلَ الْغَصْبِ بَرِئَ بِهِمَا، وَمَحْمَلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَرَاءَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِهِ، وَمِنْ عَدَمِهَا بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ م ر
(قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْهُ، وَإِذَا قَتَلُوهُ اسْتَحَقُّوا قِيمَتَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ وَجْهًا أَنَّ جِنَايَتَهُ تَكُونُ هَدَرًا اهـ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، وَاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَى فَرْقٍ وَاضِحٍ وَأَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ خَاصَّةٌ بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمَغْصُوبِ الْجَانِي عَلَى سَيِّدِهِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِاسْتِيفَائِهِمْ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ لَكِنْ قِيَاسُ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ فِي هَذَا الشِّقِّ لِأَخْذِهِ الْبَدَلَ بَرَاءَتُهُ بِاسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ فِيهِ لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ بِقَرِينَةِ عَزْوِهِ إلَى الرَّوْضَةِ وَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي الْمَالِكُ وَالْوَرَثَةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَا ذُكِرَ لَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْمَغْصُوبِ حَيْثُ بَرِئَ الْغَاصِبُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ مِنْهُ دُونَ اسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ، وَيُمْكِنُ الْتِزَامُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَا يَبْرَأَ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ، وَيُحْمَلُ الْمَتْنُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَالِكِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ فَقَطْ لَا عَلَى اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّ هَذَا الشِّقَّ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ نَعَمْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ عِبَارَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِأَنْ جَرَحَ الْمَغْصُوبُ أَوْ جُرِحَ فِي يَدِهِ، وَحَصَلَتْ السِّرَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالْوَجْهُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِاسْتِيفَاءِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْوَرَثَةِ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَكَذَا مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ) أَيْ: الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَهُ) أَيْ: قَتَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بَقِيَ مَا إذَا جُرِحَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ مَالِكِهِ الْغَاصِبَ، ثُمَّ وَقَعَ الْغَصْبُ ثُمَّ هَلَكَ بِالسَّرَايَةِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَةُ الْغَاصِبِ قَبْلَ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَهَا) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ م ر (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ أَيْضًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)
يَبْرَأُ مِنْ الْمَغْصُوبِ بِإِطْعَامِهِ الْمَالِكَ، أَوْ إعَارَتِهِ إيَّاهُ أَيْ: أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِهِ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِعَارَةِ) ظَاهِرُهُ الْبَرَاءَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَوْ بِدُونِ قَبْضٍ م ر (قَوْلُهُ: أَعْتَقَهُ نِيَابَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا يَعْتِقُ وَيَبْرَأُ إنْ أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِعِتْقِهِ بِأَنْ
[حاشية الشربيني]
الْمَالِكِ مِثْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَاحِدٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يُقْتَصُّوا مِنْهُ، وَإِذَا قَتَلُوهُ اسْتَحَقُّوا قِيمَتَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَقِيلَ: إنَّ جِنَايَتَهُ تَكُونُ هَدَرًا اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْرَأُ إلَخْ) جَزَمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ بِاسْتِيفَاءِ الْوَارِثِ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ
(قَوْلُهُ: بِاسْتِيفَاءِ وَرَثَتِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ بِأَنْ قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ وَثَبَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فَقَتَلَ الْغَاصِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ وَعَادَ إلَخْ) لَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى تَرِكَةِ الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute