لَا قِيمَةَ وَلَدِهِ (الْحُرِّ هُنَا) إذَا غَرِمَهَا بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ (فَهِيَ لَهُ) فَيَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْوَلَدَ بِلَا غُرْمٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَفْوِيتٌ، أَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ الرَّقِيقِ، إذَا غَرِمَهَا لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهَا كَمَا لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ أُمِّهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَيْ: فِي وَلَدِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ فَفِي الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ، وَالْبَائِعَ ضَامِنٌ سَلَامَةَ الْوَلَدِ بِلَا غُرْمٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ افْتَرَقَ فِيهَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَالْغَصْبُ، وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ الْغَاصِبَ غَارٌّ بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا بَاعَ فَاسِدًا انْتَهَى، وَضَعُفَ بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرُورِ، وَقَدْ يَكُونُ الْبَائِعُ بَيْعًا فَاسِدًا غَارًّا أَيْضًا كَمَا إذَا أَقْدَمَ عَالِمًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ (كَأَرْشِ نَقْضِ) الْمَالِكِ (مَا بَنَا) هـ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ لِشُرُوعِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ وَالضَّرَرِ مِنْ تَغْرِيرِ الْغَاصِبِ
(وَهُوَ) أَيْ: الْغَاصِبُ (بِأَكْلِ مَالِكِ مَا غَصَبَا) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ (ضَيْفًا) عِنْدَهُ (بَرِيّ) وَإِنْ جَهِلَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِاخْتِيَارِهِ (وَ) بَرِئَ (بِقِصَاصٍ) أَيْ: بِاسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ (وَجَبَا) عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ أَوْ عَلَى قَاتِلِ الْمَغْصُوبِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) أَيْ: فِي وَلَدِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ الَّذِي أَفْهَمَهُ أَنَّ الْخَارِجَ بِهِ وَلَدُ الْمُشْتَرَاةِ شِرَاءً فَاسِدًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مَعَ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ خَالَفَ حُكْمَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَدُ الْمَوْهُوبَةِ) بِأَنْ وَهَبَهَا الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ كَالْمُشْتَرَى اهـ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الْفَرْقِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ: الْمَالِكِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَيْعَ هُنَا أَيْضًا فَاسِدٌ
(قَوْلُهُ: الْفَاسِدُ وَالْغَصْبُ) أَيْ: فَإِنَّهُ فِي الْغَصْبِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ سَبَبَهُ) أَيْ: هَذَا الِافْتِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَضَعُفَ) أَيْ: أَنَّ السَّبَبَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ إلَخْ) أَيْ: وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ الْبَائِعِ مُبَاشِرٌ بِوَطْئِهِ لِإِتْلَافِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: مُقَدَّمَةٌ) فَلَا يَصِحُّ أَنَّ السَّبَبَ الْغُرُورُ مَعَ وُجُودِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) تَضْعِيفٌ آخَرُ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِافْتِرَاقِ الْغُرُورَ لِوُجُودِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بَرِئَ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مَلَكَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ عَمِلَ فِيهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ ثُمَّ أَضَافَ بِهِ الْمَالِكُ فَلَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ) بِأَنْ جَنَى عَلَى مُوَرِّثِهِ أَوْ قِنٍّ آخَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَاتِلِ الْمَغْصُوبِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَعِبَارَاتُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ، وَنَازَعَ م ر فِي ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ إنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَأَوَّلَ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ بِمَا إذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ ثُمَّ سَرَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَلْيُرَاجَعْ، وَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَمِعَ لِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْقِيمَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ قَتْلِهِ قِصَاصًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ لِلْمَالِكِ بِمَنْزِلَةِ تَلَفِهِ فِي يَدِ
[حاشية الشربيني]
اهـ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا، وَإِذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا تَارَةً يَكُونُ بِجِنَايَةٍ، وَتَارَةً يَكُونُ بِغَيْرِهَا فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الرَّقِيقِ، وَإِنْ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ، وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لِمَالِكِهَا أَيْ: أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِلْقَاءِ لِأَنَّا نُقَدِّرُهُ قِنًّا فِي حَقِّ الْأَبِ، فَإِذَا غَرِمَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْغُرَّةَ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَعَلَى الْجَانِي عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا أَيْ: الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِذَا غَرِمَهَا أَحَدُهُمَا رَجَعَ عَلَى الْجَانِي، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي هُنَا عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَعَلَيْهِ أَيْ: أَبِيهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ اهـ شَنَوَانِيٌّ بِزِيَادَةٍ اهـ مَرْصَفِيٌّ بِزِيَادَةٍ مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا قَالَ م ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ الْغُرَّةَ مُؤَجَّلَةٌ أَيْ: عَلَى الْعَاقِلَةِ فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ حَتَّى يَأْخُذَهَا قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ إلَخْ) فَرَّقَ ع ش عَلَى م ر بِأَنَّ الْمُتَّهَبَ لَمَّا لَمْ يَغْرَمْ بَدَلَ الْأُمِّ لِلْغَاصِبِ ضَعُفَ جَانِبُهُ، فَالْتُحِقَ بِالْمُتَعَدِّي وَالْمُشْتَرِي بِبَذْلِهِ الثَّمَنَ قَوِيَ جَانِبُهُ، وَتَأَكَّدَ تَغْرِيرُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَخْذِهِ الثَّمَنَ فَنَاسَبَ التَّغْلِيظَ عَلَى الْبَائِعِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ اهـ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا هُنَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: فَسَادُ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ مَنْسُوبٌ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ بِخِلَافِ فَسَادِهِ فِي بَيْعِ الْغَاصِبِ لِلْغَصْبِ، فَإِنَّهُ يَتَمَحَّضُ لِلْغَاصِبِ لِسَبْقِ الْغَصْبِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا غَدَرَ فِيهَا بِبِنَائِهَا عَلَى الْغُرُورِ بِعَقْدٍ شَأْنُهُ ضَمَانُ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ الْغُرُورِ بِدُونِهِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ صَاحِبِهِ، فَأَكَلَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْآكِلِ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ: لَزِمَ أَنْ لَا يَجِبَ إلَخْ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِقِصَاصٍ وَجَبَ عَلَى الْمَغْصُوبِ) أَيْ: وَكَانَتْ جِنَايَتُهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ، وَإِلَّا فَلَا، وَوَارِثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute