إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا، أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَكَذَا الزَّوْجُ فَلَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ إنْسَانٍ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ، فَالْمَذْهَبُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُودِع؛ لِأَنَّ كَوْنَ الزَّوْجَةِ فِي حِبَالَةِ الزَّوْجِ لَيْسَ كَحُلُولِ الْمَالِ فِي الْيَدِ
(وَلَا يَرْجِعُ) الْآخِذُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ (إنْ يَعْلَمْهُ) أَيْ: الْغَصْبَ (أَوْ) لَمْ يَعْلَمْهُ لَكِنَّهُ (يُعَدُّ ضَامِنًا) لِمَا أَخَذَهُ (إذَا يَأْخُذُهُ) أَيْ: لَوْ أَخَذَهُ (مِنْ مَالِكٍ) لَهُ كَالْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُسْتَامِ (أَوْ) لَمْ يُعَدَّ ضَامِنًا لَهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِكِهِ لَكِنَّهُ (أَخَذَا مُقَابَلًا) أَيْ: اسْتَوْفَى مِنْ الْمَغْصُوبِ مُقَابِلَ مَا ضَمِنَهُ كَرُكُوبٍ وَلُبْسٍ وَوَطْءٍ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ عَادَ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ، وَحَوَالَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْمُقَابِلَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِمَا فَاتَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِمَنْ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ إذَا غَرِمَهُ لِلْمَالِكِ بِقَوْلِهِ: (كَالْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ مَا غَصَبَهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ جُزْؤُهُ، أَوْ كُلُّهُ، وَغَرِمَ بَدَلَ ذَلِكَ لِلْمَالِكِ
(لَا يَرْجِعُ بِالْجُزْءِ وَالْكُلِّ) أَيْ: بِمُقَابِلِهِمَا الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا دَفَعَهُ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ (وَمَهْرٍ يَدْفَعُ) أَيْ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مُقَابِلَهُ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ جَاهِلٌ بِالْحَالِ، وَوَطِئَهَا لَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ، فَقَوْلُهُ: وَمَهْرٍ إنْ عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ لَمْ يَشْمَلْ هَذِهِ، أَوْ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ شُرَّاحُ الْحَاوِي شَمِلَهَا، وَيَجُوزُ الْأَمْرَانِ فِي قَوْلِهِ: (لَا قِيمَةٍ لِلْوَلَدِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ، فَيَكُونُ إثْبَاتًا أَيْ: لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَرُكُوبٍ إلَخْ) فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ (قَوْلُهُ: الْحُرِّ هُنَا) قَالَ الشَّارِحُ لِكَوْنِهِ جَهِلَ الْأَمْرَ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) خَرَجَ الْمُنْفَصِلُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا تُضْمَنُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَأَنَّ الْمُحْبِلَ أَتْلَفَهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ أَحْبَلَهَا الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ فَهُوَ حُرُّ نَسِيبٍ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ انْفِصَالِهِ حَيًّا لَا مَيِّتًا إلَّا إنْ كَانَ انْفِصَالُهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ، وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إنْ سَاوَى قِيمَةَ الْغُرَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ أَكْثَرَ، فَالزَّائِدُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ كَامِلًا، وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبِلُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَالْغُرَّةُ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ، وَهَلْ يَضْمَنُ أَبُوهُ كَأَنْ يَضْمَنُهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا؟ وَجْهَانِ وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرِكَةِ الْمُحْبِلِ اهـ بِاخْتِصَارٍ، وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ هِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ الرَّقِيقِ أَيْ: بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ إذَا غَرِمَهَا لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ أَيْ: بِأَنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحْبِلِ وَجْهًا وَبِعَدَمِ الضَّمَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ
[حاشية الشربيني]
شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْغَاصِبُ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ ضَمِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ إلَخْ) بِأَنْ وَكَّلَهُ الْمَالِكُ فِي تَزْوِيجِهَا، ثُمَّ غَصَبَهَا الْوَكِيلُ وَزَوَّجَهَا اهـ حَاشِيَةٌ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ: إنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَأَرْشَ بَكَارَتِهَا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَدُّ ضَامِنًا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْوَكِيلُ وَالْوَدِيعُ فَيَكُونُ الْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمِينَةً، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا التَّوَثُّقُ فَإِذَا تَلِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ غَرِمَ بَدَلَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي) أَيْ: وَالْمُقْتَرِضِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَاَلَّذِي يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي، وَنَحْوُهُ هُوَ أَكْثَرُ الْقِيَمِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّلَفِ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ: بِمُقَابِلِهِمَا) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ، وَإِنْ نَقَصَ عَمَّا دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ مِنْ الْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ شَرْحٌ إرْشَادٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا تَغْرِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَمْ يَدْخُلْ الْمُشْتَرِي عَلَى ضَمَانِ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُقْتَرِضُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: دَخَلَ كُلٌّ عَلَى الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ) أَيْ: فَيَرْجِعُ بِهَا بِخِلَافِ أَرْشِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ لِلْأَمَةِ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ لِلْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَالتَّعَيُّبِ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ وِلَادَةٍ خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute