للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا الْخَبَرُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَقَدْ صَحَّ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عُرْضَ الْحَائِطِ اهـ

وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ صِفَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْتَضِي إيجَابَ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى الْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ عَدَمِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: آخِذٌ، وَمَأْخُوذٌ، وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَصِيغَةٌ كَمَا سَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ حَيْثُ قَالَ: (وَشُفْعَةٌ فِي ثَابِتِ الْعَقَارِ) أَيْ: فِي الْعَقَارِ الثَّابِتِ (تَثْبُتُ) وَإِنْ بِيعَ مَعَ مَنْقُولٍ فَلَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ، وَإِنْ بِيعَ مَعَ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُومُ، فَلَا يَدُومُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ، وَلَا فِي عَقَارٍ غَيْرِ ثَابِتٍ

كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (لَا) فِي (عُلُوٍّ) مُشْتَرَكٍ بِيعَتْ حِصَّةٌ مِنْهُ (بِلَا قَرَارِ) لَهُ كَأَنْ يَكُونَ عَلَى سَقْفٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا

إذْ لَا ثَبَاتَ لَهُ، وَلَا لِحَامِلِهِ لِيَتْبَعَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُمَا، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قَرَارٌ وَهُوَ الْأَرْضُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِيهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِقَرَارِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِثَابِتٍ الْغَزَالِيُّ لِإِخْرَاجِ الْعُلُوِّ الْمَذْكُورِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ اسْمَ الْعَقَارِ إنْ أُطْلِقَ عَلَى الْبِنَاءِ لَزِمَ ثُبُوتُهَا فِيهِ وَحْدَهُ، وَإِلَّا خَرَجَ بِلَفْظِ الْعَقَارِ، وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهَا فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي كُلِّ عَقَارٍ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: الْعَقَارُ الْأَرْضُ، وَالضَّيْعَةُ، وَالنَّخْلُ، فَإِطْلَاقُهُ عَلَى النَّخْلِ يَقْتَضِي إطْلَاقَهُ عَلَى الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَابِعَةً لِلْمَنْقُولِ بِأَنْ بَاعَ الْأَشْجَارَ، أَوْ الْجِدَارَ مَعَ الْمُغْرَسِ، أَوْ الْأُسِّ لَا غَيْرُ لَمْ تَثْبُتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَوَصَفَ ثَابِتِ الْعَقَارِ بِقَوْلِهِ: (يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) أَيْ: الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِطَلَبِ الْآخَرِ، وَهُوَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ، فَلَا تَثْبُتُ فِي طَاحُونٍ، وَحَمَّامٍ، وَبِئْرٍ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا طَاحُونَيْنِ، وَحَمَّامَيْنِ، وَبِئْرَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَمِصْعَدٍ وَمِنْوَرٍ، وَبَالُوعَةٍ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الضَّرَرُ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ لَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ، لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ تَخْلِيصُ شَرِيكِهِ بِبَيْعِهِ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ صَغِيرَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا، فَبَاعَ حِصَّتَهُ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ لِلْآخَرِ لَا مِنْهُ مِنْ الْقِسْمَةِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا لِتَعَنُّتِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ حِصَّتَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ: لَا يَدُومُ) فِي إطْلَاقِهِ تَأَمُّلٌ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكُونَ) أَيْ: الْمُعَلَّقُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ تَبِعَ الْقَرَارَ أَيْضًا وَلَوْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْعُلُوِّ، وَالْأَرْضِ بَيْتٌ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْعُلُوِّ، فَهَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ بِرّ (قَوْلُهُ: لَزِمَ ثُبُوتُهَا فِيهِ) أَيْ: الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْعُلُوُّ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ لِيَتَنَاوَلَ الضَّابِطَ لَهُ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْعَقَارِ) فَلَا حَاجَةَ إلَى قَيْدِ الثَّابِتِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْبِنَاءِ وَحْدَهُ الَّذِي هُوَ قَضِيَّةُ اخْتِيَارِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إطْلَاقَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: هَذَا نَاقِضٌ لِلضَّابِطِ السَّابِقِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: مُحْتَمَلُ الْقِسْمَةِ مَا يَنْتَفِعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ) يُحْتَمَلُ رُجُوعُ هَذَيْنِ الضَّمِيرَيْنِ لِمَعْلُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ الْأَوَّلُ لِلْمَبِيعِ، وَالثَّانِي لِلْمُشْتَرَى، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا رُجُوعُ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعِهِ) أَيْ: الرَّاغِبِ مِنْهُ أَيْ: شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ أَيْ: الرَّاغِبُ سَلَّطَهُ أَيْ: الشَّرِيكُ (قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

عَنْهُ تَأَمَّلْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ قُدِّمَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الثُّبُوتَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ وَاعْتُضِدَ بِالْقِيَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَلَمْ أَظْفَرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهِ وَنَجْرِي عَلَى أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِيعَ إلَخْ) خَالَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فَأَثْبَتَهَا فِيهِ تَبَعًا اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمُحَلَّيْ

(قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْعَقَارِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلُزُومِ ثُبُوتِهَا فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ بِثَابِتٍ خَرَجَ بِهِ تَدَبَّرْ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ بَعِيدٌ عَنْ ذَلِكَ، وَمَعَهُ يَبْعُدُ اعْتِرَاضُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ تَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ مَا خَرَجَ بِثَابِتٍ خَرَجَ بِالْعَقَارِ

(قَوْلُهُ: مَعَ الْمُغْرَسِ، أَوْ الْأُسِّ) أَيْ: صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأُسِّ، وَالْمُغْرَسِ، وَكَانَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إنْ صَرَّحَ بِالدُّخُولِ، وَكَانَا غَيْرَ مَرْئِيَّيْنِ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُمْ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي دُخُولَ الْأُسِّ فِي بَيْعِ الْجِدَارِ، وَإِنْ لَمْ يُرَ قُلْت الْمُرَادُ بِهِ هُنَاكَ بَعْضُ الْجِدَارِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ، فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ اُشْتُرِطَتْ رُؤْيَتُهُ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجِدَارُ عَرِيضًا بِحَيْثُ كَانَتْ أَرْضُهُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَتْبُوعَةُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ) الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ فِي الْحِصَّةِ الْمَأْخُوذَةِ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ق ل (قَوْلُهُ: فَلَا تَثْبُتُ فِي طَاحُونَةٍ إلَخْ) أَيْ: مَا دَامَتْ عَلَى صُورَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْبِئْرِ، وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ بَقَائِهَا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدَا جَعْلَ كُلِّ شَيْئَيْنِ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فَلَوْ غَيَّرَا صُوَرَهَا عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا غُيِّرَتْ إلَيْهِ اهـ ع ش مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِ الْوَقْفِ إذَا بَاعَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ حَيْثُ كَانَتْ بَيْعًا، وَهِيَ الرَّدُّ وَالتَّعْدِيلُ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْوَقْفِ فَحَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>