للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَهُمَا سَوَاءً؛ لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِهَا اسْمُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ لِمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ كَمَا مَرَّ، لَا لِدَفْعِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمُؤْنَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِصَصِ فَأَخَذُوا بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْقِسْمَةِ

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأُمِّ قَالَ: وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَقْوَالِ التَّقَاصِّ: وَالْأَصْحَابُ كَثِيرًا مَا يُخَالِفُونَ الشَّافِعِيَّ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَكِنْ لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى نُصُوصِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا عَجِيبٌ (وَإِنْ تَقَرَّرَا) أَيْ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَإِنْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ (بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ ثُبُوتِهَا، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَعَفَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ شَارَكَ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ فِي الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَإِنْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ؛ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ، وَإِنْ تَقَرَّرَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَإِذَا أَخَذَ بِهَا ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ

(وَشِقْصُ الْعَقْدِ لَا يُقَسَّطُ) أَيْ: وَالشِّقْصُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لَا يُفَرِّقُهُ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْإِضْرَارِ بِالْمُشْتَرِي فِي تَفْرِيقِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ، أَوْ يَتْرُكُهُ، وَخَرَجَ بِشِقْصِ الْعَقْدِ شِقْصَاهُ، وَشِقْصُ الْعَقْدَيْنِ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً، وَالشَّفِيعُ فِيهِمَا وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ إذْ لَيْسَ فِيهِ التَّفْرِيقُ الْمُضِرُّ، فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَ الشَّفِيعِ فِي الْآخَرِ، فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْآخَرُ، وَالثَّانِي كَأَنْ اشْتَرَى اثْنَانِ شِقْصًا مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ الشُّرَكَاءِ شِقْصًا لِوَاحِدٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ

(وَالْعَفْوُ) مِنْ الشَّفِيعِ (فِي الْبَعْضِ) أَيْ: عَنْ شُفْعَةِ بَعْضِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ (الْجَمِيعِ يُسْقِطُ) أَيْ: يُسْقِطُ شُفْعَةَ الْجَمِيعِ لِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ كَالْقِصَاصِ (وَحَيْثُ يَعْفُو وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ حَقِّهِ جَازَ (لِلْآخَرِ أَخْذُ الْجَمِيعِ) ، أَوْ تَرْكُهُ وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَوْ مَاتَ وَالْعَافِي وَارِثُهُ وَرِثَ الْجَمِيعَ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي أَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْهِمُ لُزُومَ ذَلِكَ (كَشَرِيكٍ حَاضِرِ) مِنْ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَهُ، فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بِالسَّوِيَّةِ، وَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، وَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَخْذِ حِصَّتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَأْخُذُ الْغَائِبَانِ فَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْله: وَلَوْ مَاتَ) أَيْ: الْآخَرُ وَالْعَافِي إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ السُّدُسُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ فَأَعْتَقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ السُّدُسِ، وَالثُّلُثِ حِصَّتَهُ مَعَ الْيَسَارِ، فَيَسْرِي الْعِتْقُ لِلنِّصْفِ، وَيَغْرَمَانِ لِصَاحِبِهِ سَوِيَّةً لَا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ لَا لِدَفْعِ سُوءِ إلَخْ) هُمَا قَوْلَانِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا أَنَّا لَوْ قُلْنَا: بِالْأَوَّلِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَوْ قَسَمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي ثَبَتَتْ فَانْدَفَعَ مَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ) كَيْفَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَصْحَابِ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمِنْ لَازِمِهِ الِاطِّلَاعُ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا عَجِيبٌ) وَكَيْفَ لَا نَعْجَبُ مِنْهُ مَعَ قُوَّةِ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَعَدَمِ وُضُوحِ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ اهـ عِرَاقِيٌّ عَنْ الْمُهِمَّاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ صَحَّحَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِي تَعْلِيقِهِ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْجَدِيدُ، وَعَكَسَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنَّ الْجَدِيدَ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَ الثَّانِيَ أَيْضًا الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ (قَوْلُهُ: شَارَكَ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ) أَيْ: فِي حِصَّةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) وَلَهُ الْأَخْذُ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ اهـ مِنْهَاجٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرِّقُ الصَّفْقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَإِنْ رَضِيَ سم عَلَى حَجَرٍ أَيْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ قَهْرًا فَلَا مَدْخَلَ لِرِضَى الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يُثْبِتْ الشَّرْعُ هَذَا الْحَقَّ إلَّا فِي جَمِيعِ الْحِصَّةِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ غَيْرُ ظَاهِرِهِ، بَلْ الْقِيَاسُ حَيْثُ رَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>