عِلْمًا) أَيْ: عِلْمَ الْمُشْتَرِي (بِقَدْرِ ثَمَنٍ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا (لَمْ يُسْمَعْ) قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْجَوَابُ، فَطَرِيقُ الشَّفِيعِ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا، وَيَحْلِفَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ يَزِيدَ وَيَدَّعِيَ ثَانِيًا، وَيُحَلِّفُهُ إلَى أَنْ يَنْكُلَ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا فِي جَوَازِ الْحَلِفِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ
. (وَإِنْ أَقَرَّ بَائِعٌ) لِلشِّقْصِ فِي صُورَةِ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ (بِبَيْعِ ذَا) أَيْ: الشِّقْصَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَقُلْ: قَبَضْت الثَّمَنَ (يَدْفَعْ إلَيْهِ) الشَّفِيعُ (ثَمَنًا) أَيْ: الثَّمَنَ (وَأَخَذَا) مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ حَقٍّ لِلْمُشْتَرِي، وَحَقٍّ لِلشَّفِيعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَتُهُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ لِتَلَقِّيهِ الْمِلْكَ مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِي (وَفِي) قَوْلِهِ: (قَبَضْتَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ) لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ بَلْ (يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ
(وَهُوَ) أَيْ: لِلشَّفِيعِ (مَتَى أَنْبَاهُ) أَيْ: أَخْبَرَهُ بِبَيْعِ الشِّقْصِ (رَاوٍ) أَيْ: مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا (لَا صَبِيّ وَفَاسِقٌ) وَكَافِرٌ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدُهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ (فَلْيَبْتَدِرْ) بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ (بِالطَّلَبِ) بِالشُّفْعَةِ بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ بِهَا، أَوْ نَحْوِهِ فَطَلَبُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَجْنُونُ، وَإِذَا أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يُعْذَرْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ كَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ يَسْتَوِي فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ، وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ صِدْقُهُ.
(لَا إنْ يُؤَجَّلَ ثَمَنٌ) أَيْ: ثَمَنُ الشِّقْصِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبِدَارُ بَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى وَقْتِ الْحُلُولِ حَتَّى لَوْ حَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي، فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى مَجِيءِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَوْ اخْتَارَ الصَّبْرَ إلَيْهِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ التَّعْجِيلُ فَفِي الْمَطْلَبِ يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثَمَنًا) سَيَأْتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا) عِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ إنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ كَانَ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: يَدْفَعُ إلَيْهِ ثَمَنًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالدَّرَكِ أَسْهَلَ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْمُكَذِّبُ، وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ هُنَا بَلْ إذَا عَادَ الْبَائِعُ وَادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي طَلَبِهِ مِنْ الشَّفِيعِ اسْتَحَقَّهُ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا فِي مُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَلَوْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ مِنْ الشَّفِيعِ، ثُمَّ عَادَ الْمُشْتَرِي، وَاعْتَرَفَ بِالشِّرَاءِ فَهَلْ يَكْفِي مَا جَرَى؟ فَيَسْتَقِرُّ لِلْبَائِعِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، وَدَفَعَهُ لِلْبَائِعِ، أَوْ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ، وَيَسْتَرِدُّ الشَّفِيعُ مَا دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَيَدْفَعُهُ، أَوْ غَيْرَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ عُهْدَةُ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَعُهْدَةُ الشِّقْصِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ حَرِّرْهُ
(قَوْلُهُ: حَدَّ التَّوَاتُرِ) شَامِلٌ لِلصَّبِيِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ) لَكِنْ لَا يَأْتِي فِيهِ اسْتِثْنَاءُ بُلُوغِ حَدِّ التَّوَاتُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ) بِأَنْ يَعْتَرِفَ بِاعْتِقَادِهِ صِدْقَهُ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَوْ رَدَّهُ فَلِلشَّفِيعِ رَدُّ ذَلِكَ الرَّدِّ عَلَى أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي رِعَايَةِ مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ) يُمْكِنُ تَعَلُّقُ فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ وَبِالتَّشَطُّرِ بِالرُّجُوعِ أَيْ: الرُّجُوعِ بِسَبَبِ التَّشَطُّرِ الْحَاصِلِ بِالْفُرْقَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْفُرْقَةِ بِالتَّشَطُّرِ) كَذَلِكَ لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ مِنْ رُجُوعِ كُلِّ الشِّقْصِ لِلزَّوْجِ كَأَنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى نَفْسِهِ أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ: فِي الْجَوَابِ لَمْ أَشْتَرِ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَيَحْلِفُ كَذَلِكَ كَمَا فِي م ر أَمَّا لَوْ قَالَ لَمْ: أَعْلَمْ قَدْرَهُ وَحَلَفَ كَذَلِكَ، فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَزِيدَ وَيَحْلِفُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى خَطِّ أَبِيهِ) أَيْ: إذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ. اهـ. رَوْضَةٌ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ بَائِعِهِ، أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ: إنَّهُ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ: هُوَ مِلْكِي مَعَ إنْكَارِهِ الشِّرَاءَ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرَ ذِي الْيَدِ لَا يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ. اهـ م ر. (قَوْلُهُ: لِتَلَقِّيهِ الْمِلْكَ مِنْهُ) أَيْ: حُكْمًا وَتَنْزِيلًا وَإِلَّا فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ فَيَكُونُ تَلَقِّيه حَقِيقَةً مِنْ الْمُشْتَرِي اهـ س ل (قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) الْأَوْلَى يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى عَيْنٍ تُتْرَكُ فِي يَدِهِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: أَخَذْت بِهَذِهِ الْمِائَةِ مَثَلًا كَافٍ فِي التَّمَلُّكِ بِهَا، وَتَعَيُّنِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَالثَّمَنُ كَمَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ يَكُونُ مُعَيَّنًا ثُمَّ إنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحْتَاجُ فِي التَّمَلُّكِ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ قَضَاءُ الْقَاضِي، وَقَبْضُهُ الثَّمَنَ وَرِضَاهُ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ كَمَا فِي ح ل، وَغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَعَ الْإِنْكَارِ لَا يَتَأَتَّى وَاحِدٌ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) وَيَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَدَمِ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا أَنْكَرَ الشِّرَاءَ، فَكَأَنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ هَكَذَا نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ اعْتِمَادِهِ م ر
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَارِحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ. اهـ. فَقَوْلُهُ: وَكَفَاسِقٍ بِإِعَادَةِ الْكَافِ يُفِيدُ قَصْرَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ. اهـ لَكِنْ عِبَارَةُ شَارِحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَيُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ كَصَبِيٍّ وَفَاسِقٍ ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا بَاطِنًا، فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ. اهـ. وَهِيَ تَشْمَلُ الصَّبِيَّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ إلَخْ) تَأَمَّلْ التَّقْيِيدَ بِالْمُعَامَلَاتِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ) فَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ. اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنَ نَهْبٍ يُخْشَى فِيهِ عَلَى الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعُ. اهـ