بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْمَغْشُوشِ إنْ اسْتَمَرَّ رَوَاجُهُ فِي الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: هُنَا بِمِثْلِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَصِحُّ فِي الْعَرَضِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ بِصِحَّةِ الْقِرَاضِ فِي الْمَغْشُوشِ الْمُسْتَهْلَكِ غِشُّهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْقِرَاضِ عَلَى نَقْدٍ خَالِصٍ فِي نَاحِيَةٍ لَا يَتَعَامَلُ بِهِ فِيهَا وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: قَدْ أَلْحَقَهُ شَيْخِي بِمَا يَرُوجُ مِنْ الْفُلُوسِ، وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ إذَا عَزَّ وُجُودُهُ، أَوْ خِيفَ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ. (قَدْرُهُ) أَيْ: النَّقْدِ (لَمْ يُجْهَلْ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْمَجْهُولِ قَدْرُهُ لِلْجَهْلِ بِالرِّبْحِ، وَيُفَارِقُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْقِرَاضَ عُقِدَ لِيَفْسَخَ، وَيُمَيِّزَ بَيْنَ رَأْسِ الْمَالِ، وَالرِّبْحِ بِخِلَافِ السَّلَمِ، وَاشْتَرَطَ فِي الْمُهَذَّبِ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ الْعِلْمَ بِصِفَتِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (مُعَيَّنٍ) أَيْ: فِي نَقْدٍ مُعَيَّنٍ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ، وَلَا عَلَى دَيْنٍ، وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ بَلْ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: اعْزِلْ قَدْرَ حَقِّي مِنْ مَالِكِ، فَعَزَلَهُ ثُمَّ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى دَرَاهِمَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٍ، أَوْ مَغْصُوبَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا صَحَّ لِتَعَيُّنِهَا فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي، وَالْإِمَامِ كَالصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي مَجْهُولِ الْقَدْرِ، بَلْ أَوْلَى.
فَقَوْلُ النَّظْمِ كَغَيْرِهِ مُعَيَّنٌ أَيْ: وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ مَثَلًا، ثُمَّ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ دَرَاهِمُ شَرِكَةٍ فَقَالَ لَهُ: قَارَضْتُك
ــ
[حاشية العبادي]
فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: قَالَ: بِصِحَّةِ الْقِرَاضِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِصِفَتِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ أَيْضًا بِجِنْسِهِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ بَدَلَ هَذَا فَاشْتَرَى لَهُ أَيْ: لِلْقِرَاضِ بِعَيْنِهِ فَكَالْفُضُولِيِّ يَشْتَرِي بِعَيْنِ مَالِهِ لِلْغَيْرِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا عَزَلَهُ بِغَيْرِ قَبْضٍ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْآمِرِ، وَكَانَ الرِّبْحُ لَهُ أَيْ: لِلْآمِرِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَصِحُّ لِلْغَيْرِ لَكِنْ يَصِحُّ لِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ: لِلْآمِرِ لَوْ دَفَعَ الْمَعْزُولُ عَنْ الثَّمَنِ هَلْ يَكُونُ قَرْضًا؟ ، وَيَرْجِعُ بِهِ لِتَضَمُّنِ أَمْرِهِ جَوَازَ دَفْعِهِ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ لَا؟ ، بَلْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ صِحَّةَ الْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِ الْوَدِيعِ وَالْغَاصِبِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ) يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ عَلَى الدَّيْنِ م ر. (قَوْلُهُ: دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا الْمُبْهَمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: كَالصَّرْفِ إذَا الصَّرْفُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمُبْهَمَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَجْهُولِ الْقَدْرِ) يُحْتَمَلُ أَوْ الصِّفَةِ أَوْ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي) اعْتَمَدَهُ م ر لَكِنْ اسْتَظْهَرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَدَمَ الصِّحَّةِ قَالَ: لِفَسَادِ الصِّيغَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ الْمَنْعِ إلَى الْجَوَازِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: هُنَا بِمِثْلِهِ) مُقْتَضَى كَلَامِ م ر وَع ش أَنَّهُ قِيلَ: بِأَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ غِشَّهُ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ تَصْحِيحَهُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ هُنَا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) رَدَّهُ م ر بِأَنَّ الْغَالِبَ مَعَ ذَلِكَ تَيَسُّرُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ حَجَرٌ وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِكَوْنِ الْمَالِكِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ، وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَهُ. اهـ. وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا قَالَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي ش الْإِرْشَادِ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ مُعَلِّلًا بِقُدْرَةِ الْعَامِلِ عَلَى التَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ: عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى أَلْفٍ، أَوْ أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي، أَوْ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ أَلْفٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ: فِي ذِمَّتِي، أَوْ فِي الذِّمَّةِ مَعَ أَنَّ ذِمَّتَهُ خَلِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَشْبَهَتْ مَا فِي الذِّمَّةِ فَعَبَّرَ بِهَا عَنْهَا تَجَوُّزًا. . اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي ش الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ: وَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ مَعْلُومَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا فِي الصُّرَّتَيْنِ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمَالِكِ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ كَمَا مَرَّ، وَعَدَمِ قُدْرَةِ الْعَامِلِ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَمَا هُنَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ) ، أَوْ قَالَ: لِمَدْيُونِهِ ادْفَعْهَا لَهُ وَدَفَعَهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، فَكَأَنَّ الْمَالِكَ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ: ادْفَعْهَا لَهُ فَفَعَلَ. اهـ سم وَع ش (قَوْلُهُ: كَالصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَيْ: فِيمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ صَارَفْتُكَ، أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك أَلْفًا فِي ذِمَّتِي، ثُمَّ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَبَعْدَ التَّعْيِينِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِ الْعَامِلِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّعْيِينِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَارَضْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ. اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ، وَإِنْ خَالَفَ الصَّرْفَ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْقَبْضِ هُنَاكَ لِعِلَّةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، بَلْ التَّعْيِينُ فِيهِ كَافٍ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي مَجْهُولِ الْقَدْرِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر فِي ش الْمِنْهَاجِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ عِلْمَهُ حَالًا، وَلَوْ عَلِمَ جِنْسَهُ، أَوْ قَدْرَهُ، أَوْ صِفَتَهُ فِي الْمَجْلِسِ لِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وَبِهِ فَارَقَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الْقِرَاضِ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ