للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ (وَ) لَا مَعَ (احْتِرَافِ التَّاجِرِ) أَيْ: الْعَامِلِ كَقَارَضْتُكَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بُرًّا، وَتَطْحَنَهُ وَتَخْبِزَهُ، أَوْ غَزْلًا وَتَنْسِجَهُ وَتَبِيعَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَهَالَةِ الْعِوَضِ بِالِاسْتِئْجَارِ، فَإِنَّهَا أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ.

وَكَذَا لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ نَخْلًا لِيَسْتَغِلَّهُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ لَيْسَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ (وَ) لَا مَعَ شَرْطِ (عَمَلِ الْمَالِكِ) أَوْ مُشْرِفِهِ مَعَ الْعَامِلِ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ حِينَئِذٍ بِالتَّصَرُّفِ، وَاسْتِقْلَالُهُ بِهِ شَرْطٌ كَاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ.

(لَا) مَعَ شَرْطِ عَمَلِ (الْمَمْلُوكِ لَهُ) أَيْ: لِلْمَالِكِ مَعَ الْعَامِلِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ مَمْلُوكَهُ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِلْمَالِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ نَعَمْ إنْ ضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ دُونَهُ أَوْ يَكُونَ الْمَالُ، أَوْ بَعْضُهُ بِيَدِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ الْوَصْفِ، وَتَعْبِيرُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْعَبْدِ لِشَمُولَةِ الْأَمَةَ وَالْبَهِيمَةَ، وَلِكَرَاهَةِ إطْلَاقِ لَفْظِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ مَمْلُوكِهِ كَغُلَامِهِ الْحُرِّ، وَزَوْجَتِهِ وَأَمِينِهِ، فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِهِمْ مَعَ الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شُرِطَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ، فَيَجُوزُ، وَيَكُونُ قِرَاضًا مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَالَهُ الْجُمْهُورُ، فَإِطْلَاقُ ابْنِ الْقَاصِّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ لَهُمْ رِبْحٌ (وَ) اُشْتُرِطَ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ (شَرْطُ) كَوْنِ (الرِّبْحِ ذَا تَشْرِيكِ) أَيْ: مُشْتَرَكًا (بَيْنَهُمَا) سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ وَاحِدًا أَمْ أَكْثَرَ، فَلَوْ شَرْطَاهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ الثَّالِثِ بَطَلَ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَا بَعْضَهُ لِثَالِثٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكَ أَحَدِهِمَا لِرُجُوعِ مَا شَرَطَ لِمَمْلُوكِهِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: نِصْفُ نَصِيبِي لِزَوْجَتِي مَثَلًا صَحَّ، وَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ، وَفِي كَلَامِهِ هُنَا تَسَمُّحٌ كَالتَّسَمُّحِ الَّذِي مَرَّ فِي كَلَامِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ ذَا تَشْرِيكٍ تَكْمِلَةٌ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا (إنْ عُلِمَتْ جُزْئِيَّتُهْ) أَيْ: إنْ عَلِمَاهُ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالنِّصْفِ، أَوْ الثُّلُثِ، أَوْ الرُّبُعِ، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لَك فِيهِ شَرِكَةً، أَوْ نَصِيبًا لَمْ يَصِحَّ، وَخَرَجَ بِجُزْئِيَّتِهِ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا دِرْهَمًا، وَالْبَاقِيَ لِلْآخَرِ أَوْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ، فَقَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا الدِّرْهَمَ، فَيَفُوزُ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَ الرِّبْحِ إلَّا دِرْهَمًا، أَوْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرِبْحِ صِنْفٍ، أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ مُخْتَلَطَيْنِ أَوْ مُتَمَيِّزَيْنِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ ثُلُثَهُ وَثُلُثَيْ بَاقِيهِ لَك صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا عِنْدَ الْعَقْدِ قَدْرَهُ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَتْسَاعِهِ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَذَا) أَيْ: اشْتِرَاطُ كَوْنِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ (لِإِثْمَارِ التَّسَاقِي) أَيْ: الْمُسَاقَاةِ (نُثْبِتُهْ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ مَعْلُومَةً بِالْجُزْئِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَثْمَارٌ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ ثُمُرٍ بِضَمِّ الثَّاءِ وَالْمِيمِ جَمْعُ ثِمَارٍ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرٍ بِفَتْحِهِمَا جَمْعُ ثَمَرَةٍ.

(كَبَيْنَنَا) مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ مِثَالَانِ لِشَرْطِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا أَيْ: كَقَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا بَيْنَنَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّصْفِ (أَوْ سَاكِتًا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بُرًّا وَتَطْحَنَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَلَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ بِلَا شَرْطٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْقِرَاضُ لَكِنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَيْ: فَيَضْمَنُ بَعْضَ الدَّقِيقِ إنْ نَقَصَ، فَإِنْ بَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنَهُ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الطَّحْنِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَغُلَامِهِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِغُلَامِهِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ الْحُرَّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُسَاقَاةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ شَرْطَ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْإِيجَابِ. (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِ إلَخْ) هَذَا يُخْرِجُ غُلَامَهُ الْحُرَّ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِهِ هُنَا تَسَمُّحٌ) حَيْثُ فَرَّعَ كَوْنَ الرِّبْحِ ذَا تَشْرِيكٍ عَلَى كَوْنِ الْقِرَاضِ يُشْبِهُ التَّوْكِيلَا إذْ قَوْلُهُ: وَشَرَطَ كَوْنَ الرِّبْحِ عَطْفٌ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْمَعْمُولِ لِقَوْلِهِ فَاشْتَرَطَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ) أَوْ بِرِبْحِ نِصْفِ الْمَالِ ج ح.

(قَوْلُهُ: مُخْتَلَطَيْنِ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَسَدَ أَيْ: لِلْجَهْلِ أَيْ: بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ، وَمَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ شَرْحٌ رَوْضٌ، وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الشِّرَاءَ بِأَنْ قَالَ: قَارَضْتُك وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَيَّدَ الْقِرَاضَ بِأَنْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَسَكَتَ، أَوْ قَالَ: وَلَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَهَا، أَوْ لَا تَبِعْ بَعْدَهَا، أَوْ لَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا وَاعْتَمَدَ هَذَا كُلَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مُخَالِفًا ل م ر وَالْبُرُلُّسِيِّ وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَأَطْلَقَ الْبُرُلُّسِيُّ، وَزَيّ الصِّحَّةَ إذَا قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا سَوَاءٌ قَالَ: وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا، أَوْ مُنْفَصِلًا وَاعْتَمَدَ م ر الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً، وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا بِشَرْطِ اتِّصَالِ قَوْلِهِ: وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ اتِّصَالَهُ يُضْعِفُ التَّأْقِيتَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْبَيْعُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ فَإِنْ تَرَاخَى بَطَلَ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا فِي ش الْمَنْهَجِ، وَالرَّوْضِ مِمَّا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ. اهـ، وَضَبَطَ الرَّشِيدِيُّ التَّرَاخِيَ بِأَنْ يَفْصِلَ بِمَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ) هَذَا مِنْ عَمَلِ الْقِرَاضِ ضَمَّهُ لِلِاحْتِرَافِ

(قَوْلُهُ: جَهَالَةِ الْعِوَضِ) أَيْ: الَّذِي فِي الْقِرَاضِ، وَهُوَ الرِّبْحُ، وَإِنَّمَا احْتَمَلَتْ فِي الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ دُونَهُ) أَيْ: أَوْ يَكُونَ الرَّأْيُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا فِي ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: مُخْتَلَطَيْنِ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ مُخْتَلَطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَمَيَّزُ رِبْحُ ذَلِكَ الْأَحَدِ لَكِنَّهُ بَطَلَ مَعَ ذَلِكَ لِتَخْصِيصِ نَفْسِهِ بِرِبْحِ ذَلِكَ الْأَحَدِ وَتَخْصِيصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>