للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: أَوْ (قَالَ: لَكَ النِّصْفُ) سَاكِتًا عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَنْسُبْهُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ (خِلَافَ عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: لِي النِّصْفُ سَاكِتًا عَنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ لِلْعَامِلِ وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ

. (قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ لَك النِّصْفُ وَلِي سُدُسٌ) وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي (فَصَحِّحْهُ) أَنْتَ (وَنِصْفَيْنِ اجْعَلْ) أَيْ: وَاجْعَلْ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ جَمِيعِ النِّصْفِ الْآخَرِ (وَمَعَ فَسَادِهِ) أَيْ: الْقِرَاضِ (لِشَرْطٍ) مُعْتَبَرٍ فِيهِ (انْتَفَى أَوْ مُفْسِدٍ قَارَنَهُ تَصَرَّفَا) أَيْ: الْعَامِلُ أَيْ: جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ لِلْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمِلْكِ، وَلَا مِلْكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَإِذَا حَصَلَ بِذَلِكَ رِبْحٌ، فَكُلُّهُ لِلْمَالِكِ.

(وَيَسْتَحِقُّ) عَلَيْهِ الْعَامِلُ (أُجْرَةَ الْمِثْلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِحَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْمُسَمَّى، فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ هَذَا (إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْكُلَّ لِمَنْ يَمْلِكُ ذَا) أَيْ: الْمَالَ فَإِنْ شُرِطَ لَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ الْأُجْرَةَ؛ لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِي شَيْءٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا أَيْضًا، فِيمَا مَرَّ إذَا عَلِمَ الْفَسَادَ، وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَتَصَرَّفْ فِيهَا، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ قَرْضٌ صَحِيحٌ عِنْدَ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْأَكْثَرِينَ بِخِلَافِ قَارَضْتُك، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَهُوَ) أَيْ: الْعَامِلُ (كَمَنْ وُكِّلَ) أَيْ: كَالْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ، فَلَا يَتَصَرَّفُ بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ، وَلَا بِالنَّسِيئَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ فِي بَيْعِهِ بِالنَّسِيئَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، وَنَحْوِهِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْبَيْعِ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ سَلَّمَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ أَيْضًا لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ الْحَالِّ، وَتَشْبِيهُ الْعَامِلِ بِالْوَكِيلِ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (لَا فِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ نَقْدٍ) أَيْ: الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ فِيمَا ذُكِرَ لَا فِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الِاسْتِرْبَاحُ، وَالْبَيْعُ بِذَلِكَ طَرِيقٌ إلَيْهِ، وَأَفَادَ بِعُدُولِهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ بِالْعَرْضِ إلَى مَا قَالَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ بِالْمِلْكِ لَا بِالشَّرْطِ شَرْحٌ رَوْضٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُفْسِدٍ) عُطِفَ عَلَى شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: الْعَامِلُ الْأُجْرَةَ) وَإِنْ ظَنَّ وُجُوبَهَا م ر (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) هَذَا الْأَخْذُ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ حِينَئِذٍ لَا مُطْلَقًا إذْ قَدْ يَعْلَمُ الْفَسَادَ، وَيَطْمَعُ فِي الْأُجْرَةِ وَمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ) قَالَ: أَيْ: الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ شَرْحٌ رَوْضٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) ظَاهِرُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِشْهَادِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِارْتِهَانُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مِنْ ثِقَةٍ مَلِيءٍ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَبِيعَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَامِلِ بِرِبْحِ مَا عَدَاهُ

(قَوْلُهُ: وَمَعَ فَسَادِهِ إلَخْ) أَيْ: بِغَيْرِ انْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ فَسَادِ الصِّيغَةِ، أَوْ كَانَ الْمُقَارِضُ مُقَارِضًا لِغَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ، وَالْوَكِيلِ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ التَّصَرُّفُ أَصْلًا. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ، وَظَنَّ أَنْ لَا أُجْرَةَ كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجَرٌ ظَنَّ أَنْ لَا أُجْرَةَ لَكِنَّهُ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ تَدَبَّرْ، وَقَوْلُ م ر: وَظَنَّ أَنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ، وَعَلِمَ أَنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عِلْمُ ذَلِكَ مَعَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَوَجْهُ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ طَامِعٌ فِيمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ م ر أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ وَظَنَّ أَنْ لَا أُجْرَةَ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اتَّجِرْ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِنَفْسِك فَإِنَّهُ هِبَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفَرَّقَ ع ش بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّنْصِيصَ فِي الْأُولَى عَلَى كَوْنِ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْهِبَةِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّ الْأُولَى هِبَةٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: خُذْهَا وَتَصَرَّفْ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَسَكَتَ عَنْ الرِّبْحِ فَهَلْ هُوَ إبْضَاعٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، أَوْ قِرَاضٌ فَاسِدٌ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَجْهَانِ، أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم عَلَى ع. (قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي فَإِبْضَاعٌ أَيْ: بَعْثُ الْبِضَاعَةِ أَيْ: الْمَالِ لِمَنْ يَتَّجِرُ لَهُ فِيهِ فَيَكُونُ وَكِيلًا لَا أُجْرَةَ لَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ سم فِي ش ع الْإِبْضَاعُ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ. (قَوْلُهُ: بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْفَاحِشِ لَهُ التَّصَرُّفُ بِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِهِ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) فَإِنْ أَذِنَ جَازَ لَكِنْ بِدُونِ مُبَالَغَةٍ فِي الْغَبَنِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشَرَةٍ، بَلْ يَبِيعُ بِمَا تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى ارْتِكَابِهِ عَادَةً فِي مِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ بَالَغَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ. اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ: عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْبَيْعُ بِرِبْحٍ بِدُونِ شَاهِدَيْنِ م ر. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ: بِالْقِيمَةِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ. وَيَكُونُ لِلْحَيْلُولَةِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>