للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ ذِمِّيًّا وَصَرَفَ الْمَالَ فِي خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ ضَمِنَ سَوَاءٌ الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ

. (وَرَعَى بَيْنَهُمَا) أَيْ: وَرَاعَى الْحَاكِمُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (الْأَصْلَحَ إنْ تَنَازَعَا فِي الرَّدِّ) وَعَدَمِهِ (بِالْعَيْبِ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا ظَانًّا سَلَامَتَهُ، فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا، فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي رَدِّهِ فَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ، وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي إمْسَاكِهِ لَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ إذَا رَأَى فِيهِ رِبْحًا فَلَا يَرُدُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا، وَحَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ بِالْأَوْلَى

(وَدُونَ الْإِذْنِ) فِي السَّفَرِ لِلْعَامِلِ (إنْ سَافَرَ) بِمَالِ الْقِرَاضِ بِلَا ضَرُورَةٍ (ضَمِّنْهُ) أَنَّثَ إيَّاهُ لِتَعَدِّيهِ بِتَعْرِيضِ الْمَالِ لِلتَّلَفِ، وَلَفْظَةُ أَنْ يَجُوزُ كَسْرُهَا شَرْطِيَّةٌ لِضِمْنِهِ، وَفَتْحُهَا تَعْلِيلَةٌ لَهُ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِآخِرِ الْبَيْتِ.

(وَيَضْمَنُ الثَّمَنْ) الَّذِي بَاعَ بِهِ مَالَ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ، فَإِنَّ سَبَبَ التَّعَدِّي السَّفَرُ، وَمُزَايَلَةُ مَكَانِ الْمَالِ، وَأَنَّهُ شَامِلٌ لِلثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِغَيْرِ السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ (وَإِنْ أَعَادَ) الْمَالَ أَوْ ثَمَنَهُ إلَى بَلَدِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ، وَهُوَ السَّفَرُ لَا يَزُولُ بِالْإِعَادَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا بَاعَ) الْعَامِلُ مِنْ الْمَالِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ. (بِسِعْرِ بَلَدٍ تَقَدَّمَا) أَيْ: بَلَدِ الْقِرَاضِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لَا بِدُونِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (أَوْ خَسَّ) أَيْ: نَقَصَ عَنْ سِعْرِ الْبَلَدِ أَيْ: بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ، فَهُوَ (نَقْضٌ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: مَنْقُوضٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَلَا يَنْفَسِخُ الْقِرَاضُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. (وَنَصِيبُهُ) أَيْ: الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ (يَجِبْ) لَهُ فِي صُورَةِ السَّفَرِ، وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا إذَا سَافَرَ بِالْإِذْنِ فَلَا ضَمَانَ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَى الْبَحْرِ إنْ أَرَادَ السَّفَرَ فِيهِ كَمَا قَالَ. (قُلْت وَإِنْ نَصَّ) لَهُ (عَلَى الْبَحْرِ رَكِبْ) عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا لِخَطَرِهِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى الْمِلْحِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْحَجِّ، فَتَخْرُجُ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَالنِّيلِ، وَيُحْتَمَلُ إدْخَالُهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْغَيْرِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَجِّ

. (وَالْمَالُ) أَيْ: مَالُ الْقِرَاضِ يَجِبُ (مِنْهُ أَجْرُ حَمْلِ الثِّقْلِ) أَيْ: الثَّقِيلِ مِنْ مَكَانِ إلَى آخَرَ (وَ) أَجْرُ (الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ) وَالْحَافِظِ وَالرَّصَدِيِّ وَمَا يَأْخُذُهُ الْمُكَّاسُ (وَأَجْرُ النَّقْلِ) لِلْمَتَاعِ الثَّقِيلِ مِنْ مَكَانِ إلَى آخَرَ فِي الْحَضَرِ، وَفِي السَّفَرِ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ، وَمَصَالِحِهَا، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: حَمْلِ الثِّقَلِ، وَخَرَجَ بِالثَّقِيلِ الْخَفِيفُ، وَسَيَأْتِي

(وَإِنْ يُبَاشِرْهُ) أَيْ: وَأَنْ يُبَاشِرَ الْعَامِلُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (فَلَيْسَ) لَهُ فِي الْمَالِ (أَجْرُ) بَلْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ (وَنَفَقَاتُ نَفْسِهِ) حَضَرًا وَسَفَرًا، وَإِنْ زَادَتْ بِسَبَبِهِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ ذِمِّيًّا إلَخْ) صَنِيعُ شَرْحِ الرَّوْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الثَّانِي، وَأَنَّ الْمُرَادَ ضَمَانُ الْقَرَارِ

(قَوْلُهُ: ظَانًّا سَلَامَتَهُ) خَرَجَ الْعِلْمُ بِالْعَيْبِ إذْ لَا يَتَأَتَّى رَدُّهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: فَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ. اهـ. وَكَذَا لَهُ رَدُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةٌ فِي رَدِّهِ وَلَا إمْسَاكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا) يُفِيدُ جَوَازَ رَدِّ الْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِمْسَاكِ أَيْ: إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ

(قَوْلُهُ: سَافَرَ بِالْإِذْنِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ بِمَحَلٍّ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ كَالْمَفَازَةِ وَاللُّجَّةِ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا، ثُمَّ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ سَفَرًا أَيْ: إلَى غَيْرِ مَحَلِّ إقَامَتِهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمِلْحِ) وَمِثْلُهُ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ عِنْدَ هَيَجَانِهَا م ر. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إدْخَالُهَا) فَهِيَ كَالْبَحْرِ يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ. (قَوْلُهُ: بِالْإِذْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فِي السَّفَرِ أَخْرَجَ مَا لَا إذْنَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَرَاعَى الْحَاكِمُ إلَخْ) فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ عِنْدَهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْقَاءِ رَجَعَ الْعَامِلُ. اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي رَدِّهِ فَلِلْعَامِلِ إلَخْ) لَوْ اسْتَوَى الرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ فِي الْمَصْلَحَةِ، أَوْ عَدَمِهَا، فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا هُنَا إجَابَةُ الْعَامِلِ إذَا اخْتَلَفَا. اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: فَلِلْعَامِلِ إلَخْ) بَلْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. ش م ر. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي الْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ رِضَا الْمَالِكِ، وَالْوَكِيلُ لَيْسَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ إذَا رَأَى فِيهِ رِبْحًا. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لِلْمَالِكِ) فَيَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَامِلِ وَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إنْ شَاءَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ لِلْعَامِلِ بِرَدِّ الْمَالِكِ، وَهَذَا حَيْثُ جَازَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ، وَإِلَّا فَيَقَعُ لِلْعَامِلِ ابْتِدَاءً. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. اهـ ق ل

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ شَامِلٌ لِلثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ حَالَ السَّفَرِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ. اهـ. ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَنَ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِالسَّفَرِ دُونَ مَا تَعَدَّى بِغَيْرِهِ كَالرُّكُوبِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَلْتُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا بَاعَ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّهْيِ عَنْ السَّفَرِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِهِ) بِخِلَافِ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَعَ نَقْصِهِ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ الْبَيْعُ مَعَ عَدَمِ نَقْصِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ مُحَقَّقًا. اهـ ع ش، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَصَّ عَلَى الْبَحْرِ رَكِبَ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ رُكُوبُهُ إلَّا إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَحْرِ) وَيَكْفِي فِي النَّصِّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمِلْحِ. اهـ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إدْخَالُهَا) فَتَحْتَاجُ لِلْإِذْنِ إنْ زَادَ خَطَرُهَا عَلَى خَطَرِ الْبَرِّ. اهـ م ر عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْعَظِيمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) إنْ خَصَّ قَوْلَهُ: وَأَجْرُ النَّقْلِ بِالسَّفَرِ لَمْ يُغْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>